طارق متولى يكتب: يوميات زومبى (43) جحافل الزومبى

جارتنا الست أشجان صاحبة وصلة الصراخ كل ليلة مع زوجها وأبناءها زومبى عجيب جدا أخشى ذات يوم أن يحدث لها مكروه بسبب صراخها المتواصل وصوتها المتحشرج الذى أصبح كصوت الكائنات الخرافية فى أفلام السينما .

حاولت أن أتخيل ما الذى يفعله زوجها أو أبناءها يستدعى هذا الصراخ العالى الذى يصل مداه لجميع العمارات المجاورة على امتداد الشارع حتى أصبح من الأصوات المعتادة كل ليلة فى الحى فلم يعد أحد يستغربه أو يستفسر عما يحدث والعجيب أنه لا يسمع مع صوتها أى صوت أخر يجيبها.

لا صوت الزوج ولا صوت الأبناء وكأنها قتلتهم بصوتها فلم يعد يصدر عنهم حركة أو حياة والأعجب بعد كل هذا أنها تخرج لشرفة منزلها فى وقت متأخر من الليل وتشغل الراديو الذى ينطلق منه عادة أغنية قديمة لأم كلثوم، ويأتى صوتها تغنى معها وهى فى قمة الإنسجام وطبعا لا احد من الجيران يستطيع أن يعترض على صوت الراديو بعد أن سمع وصلة الصراخ والهياج الذى قامت به ضد عائلتها منذ دقائق.

شخصية جبارة وزومبى من النوع المشاكس.. يطلقون عليه فى الغرب مصطلح بالإنجليزية يسمى nagging wife بمعنى الزوجة المتذمرة.

زوجها الأستاذ محسن موظف بسيط أنهكته الحياة، فى البداية كان يبادلها الشجار حتى تيقن أنها على حافة الجنون فاستسلم لقدره وأصبح لا يكترث كثيرا لإعتراضاتها.

يقضى الزوج معظم وقته بعد عودته من العمل على المقهى مع أصدقائه يدخن الشيشة ويشرب الشاى والقهوة لكنه كان يتلقى كل فترة مكالمة من الست أشجان يرد عليها باقتضاب ويتعكر مزاجه ثم سرعان ما يستعيد هدوئه، لكنه ذات مساء بينما هو جالس على المقهى فوجئنا بالست أشجان تقتحم المقهى وتصرخ فى وجهه مستنكرة جلوسه على المقهى طوال الوقت وتتهم أصدقائه أنهم سبب فساد أخلاقه وإنشغاله عن بيته.

موقف كان فى قمة الإحراج حاول الأستاذ محسن تهدئتها، أخذها بعيدا عن المقهى ودار نقاش حاد بينهما ثم صعدا إلى بيتهما وكأن شيئا لم يكن.

المهم إن الأستاذ محسن بعدها بنصف ساعة عاد إلى المقهى ليكمل جلسته مع أصدقائه عادى جدا، الخاسر الوحيد فى هذه المعركة العائلية من وجهة نظرى هم الزومبى الصغار الذين يعيشون وسط هذه المأساة.

الأستاذ محسن متزوج فى شقة والديه بعد أن توفيا وتزوجت أخته الوحيدة وانتقلت لمسكن زوجها تلك الشقة التى كانت تتميز بالهدوء والسكينة فى زمن الجيل الأول مثلها مثل جميع البيوت المصرية قبل أن يزحف عليها جيل الزومبى الجديد.

وفى موضوع زحف الزومبى إلى الأماكن تجد أن الناس العاديين يهربون دائما من الأماكن عندما يزحف عليها الزومبي
ويذهبون إلى المدن الجديدة مثل كثير من جيرانى فى الحى الذين انتقلوا إلى أماكن أخرى بسبب انتشار الفوضى والمحلات والورش المختلفة والزحام.

لكن هل يتركهم الزومبى يعيشون فى هدوء؟!.. فى اعتقادى أنها مسألة وقت حتى يتمكن الزومبى من الزحف على تلك الأماكن هى الأخرى مادام الزومبى يتكاثر بنفس الطريقة وبنفس الأسلوب.

وقد بدأت بالفعل مدن جديدة وقرى فى الساحل الشمالى وغيره من الشواطىء تسقط أمام جحافل الزومبى الذين يفرضون الفوضى والعشوائية والضوضاء فى أى مكان يذهبون إليه.

..ونكمل فى يوم آخر من يوميات زومبى فإلى اللقاء.

اقرأ أيضا للكاتب:

زر الذهاب إلى الأعلى