طارق متولى يكتب: يوميات زومبى (53 ) زومبى الرياضة
لا حديث هذه الأيام إلا عن كأس العالم لكرة القدم المقامة فى دولة قطر الشقيقة والتى أنهت اسطورة تفوق الدول المتقدمة علينا فى التنظيم والإدارة بعدما شاهدنا ملاعب على أعلى المستويات ومرافق وبنية حديثة من احسن ما يكون.
تذكرت عندما كنت العب كرة القدم فى مرحلة المراهقة وكنت واحد من اللاعبين الجيدين فى المدرسة الثانوية حيث كنت أنا وسعيد موسى زميلى فى الدراسة من أبرز اللاعبين دورى مدرسة الحسينية الثانوية.
بعدها التحقت بنادى الترسانة الرياضى العريق عندما نجحت فى الإختبارات وانضممت لفريق الكرة تحت الـ 16 عاما وكان يشرف على تدريبنا كابتن مصطفى رياض وكابتن حسن الشاذلى أحد أهم اللاعبين فى السبعينيات المعروفين فى عالم كرة القدم والتحق سعيد بنادى السكة الحديد كنت اتوقع له مستقبلا باهرا فى اللعبة لانه كان يمتلك مهارة عالية جدا لكنى لم أسمع عنه بعدها ولا أعرف ما حدث معه.
كرة القدم مثل أى عمل تحتاج مثابرة وجهد كبيران لتحقيق النتائج المبهرة .
وبالنسبة لى منعتنى الدراسة من إكمال هذا الطريق حيث تحتاج كرة القدم للتفرغ والتدريب المتواصل والمال أيضا.
وأذكر أن نادى الترسانة كان متواضع جدا فلم يكن به فى ذلك الوقت حمامات كافية لعدد اللاعبين حتى أنه كان علينا الإنتظار بعد التدريب والاستحمام بالدور.
بعض اللاعبين الموهوبين أيضا كانوا يأتون إلى النادى بدون حذاء رياضى أو ملابس رياضية ببساطة لأنهم لا يملكون ثمن شرائها.
لا اعرف ماذا حدث لهذا النادى العريق الذى تأسس عام 1921م وحقق بطولات لا حصر لها وأخرج لنا لاعبين كبار ، كما قلت، مصطفى رياض وحسن الشاذلي ومحمد رياض وبدوى عبد الفتاح والحارس العملاق حسن على حارس منتخب مصر، وكان آخر هؤلاء اللاعبين محمد أبو تريكة الذى خرج من عباءة نادى الترسانة وانطلق منها إلى كبرى الأندية.
فى هذا الوقت كانت الأندية الرياضية تقوم بإختبارات حقيقية وكان هناك متخصصين لإختبار المواهب فى الألعاب المختلفة ولم يكن للواسطة أو المحسوبية أدنى وجود أو تأثير .
فى عالم الزومبى الذى تحولنا إليه فى السنوات الأخيرة تغير كل شىء فى المجالات المختلفة ليس فقط فى كرة القدم بل وفى الفن والثقافة والإعلام والأعمال المختلفة، تفشت الرشوة والمحسوبية والواسطة وتبادل المصالح، وهو من وجهة نظرى السبب الرئيس فى تدهور الفن والثقافة والرياضة والإعلام وكل شىء.
ولماذا نذهب بعيدا، فى الشركة التى أعمل بها كل الموظفين عينوا عن طريق المعارف والأصدقاء والأقارب، وأذكر يوم جاء شاب إلى الشركة مبكرا وعرفنى بنفسه ثم اخبرنى أنه جاء يبحث عن عمل وكان معه مؤهل عال بتقدير مرتفع، ويتكلم حوالى سبعة لغات أجنبية، ولكن للأسف لم يكن بيدى تعيينه والشركة مكتظة بموظفين ربما لا يتقنوا لغتهم الأم اللغة العربية ولكنهم من طرف قريب أو صديق.
حزنت كثيرا على عدم مشاركة منتخبنا فى كأس العالم وأن كنت فى قرارة نفسى سعيد حتى لا أصدم بمستواه أمام الفرق القوية وهزيمته فى كل المباريات مثل آخر مشاركة له فى روسيا.
وفى اعتقادى أننا نفتقر إلى الذكاء فى لعبة كرة القدم نحن وجميع الفرق الأفريقية، نعم نحن لدينا مهارات وقوة بدنية نسبيا لكنهم يتفوقون علينا بالذكاء وحسن التصرف فى الكرة واللعب بطريقة سليمة ونكتشف أن الذكاء وتنمية الذكاء من أهم مقومات النجاح فى أى عمل من الأعمال.
كائن الزومبي لايهتم لمثل هذه الأمور المرتبطة بالتعليم والتعلم وتنمية القدرات الذهنية والبدنية على حد سواء فهو يعتقد أنه يملك كل المهارات والإمكانات لعمل اى شىء ولهذا تجده دائم التنقل والترحال بين الأعمال المختلفة بعد أن يفشل فى عمل ينتقل ليجرب عمل اخر وهكذا.
.. ونكمل فى يوم اخر من يوميات زومبى فإلى اللقاء.