الربيع الرحيمة إسماعيل يكتب: بين لغز المعرفة و أسبقية الوعي الإدراكي
•• ” كلما زاد علمك قلّ إنكارك “.. الإمام الشافعي
عندما قمت بمشاركة فيديو لأحد الرفاق تعجبت حين أخبرني أنه كان يتحدث مع أحد أصدقائه عن ذات الموضوع قبل يومين فقط.
فرددت عليه وقتها : “ثمة محادثات ما قد تكون بمثابة كبسولات معرفية لوابل من الجرعات مستقبلاً ” و هذه هي خلاصة القول و الحديث.
إن كنت ما زلت مستمراً بالقراءة للغوص أعمق ، فدعني أسألك: هل سبق لك بمعرفة معنى كلمة محددة في لغة أجنبية ثم من بعدها بدأت تلوح أمامك في كل مقال، حديث، أو حتى عرض تلفزيوني، و بدأت تتساءل بدورك: ما الذي يحدث ؟!
إن ذاك الظهور النصي لتلك الكلمة أو ما شابهها هو ذات التشكل الحضوري للأفكار التي ما أن نعيها بغتةً حتى نراها تلوح بين حين و آخر.
بشكل شخصي أذكر و بعد إكمال كورس “متقدم من ماكينزي” Mckinsey Forward Program و الذي كان أغلب محتواه يتحدث عن مهارة و منهجيات حل المشكلات “Problem Solving “، لم أندهش كثيراً حين بدأ يصادفني محتوى يتحدث عن ذات المهارة و أهميتها، بل و حالات Case Studies مشابهة.
ويمكنني على ذات المنوال أن أسرد عشرات الأمثال المشابهة و أجزم أنك مررت بذات المواقف.
ولعل الخلاصة هنا أن المعرفة موجودة حولك في كل مكان، لكن وعاء الوعي أو الإدراك لا يتسع إلّا لما هو مدرك مسبقاً.. فالوعي من الوعاء كما يقول الأستاذ شريدي جبارين.
وحينما يتسع ذاك الوعاء، قد يصبح حتى كلام الباعة في الطريق يحمل وابلٌ من الحكمة هم أنفسهم لا يعونها، وقد يتشكل الواقع من بعدها بصورة لا يمكن التعبير إلا بقصيدة السرمدية لوليام بليك حين أنشد قائلاً :
” حين ترى الجنة في زهرة برية، وترى الدنيا في حبة رملٍ واحدة، فكأنما قبضتَ على السرمدية بيمينك، و عشت الخلود في ساعة زمن “.
إن كنت تجهل فتعلم، وإن كنت تعلم فتذكر أن الوعي هو نور الحقيقة وبازدياده تتجلى المعاني وتتكشف الحجب التي كستها الظلمة و حواها الغموض.