أسماء خليل تكتب: شخصية وثلاث وجوه
كيف ترى قسمات وجهك بالمرآة؟!.. هل أنت ذو عينين أو أنف أو شفاه لا تستحسنهم حينما تنظر لصورتك، أو أنك ترى عدم امتلاكك لحسن الملامح، وتعتقد أن العالم يراك هكذا كما ترى أنت نفسك؟!.. وهل تُريدين كامرأة القيام بعمليات تجميل لتغيير بعضًا مما يبدو إليكِ سيئًا من وجهة نظركِ؟!.. ، وهل ترغبين استرداد ثقتكِ التي أفْقَدَتْها المرآة بالصورة الداخلية التي كونها عقلكِ؟!..
كانت هناك فتاة كلما نظرت إلى نفسها بالمرآة استقبحت منظرها، وترى أن لونها وقسمات وجهها ليسوا في أحسن حال؛ ما سلب ثقتها بنفسها، كان ذلك الأمر يحزن أبيها جدًّا من فرط حبه لها، وكان دائم التحدث معها وإقناعها أن كل البشر مخلوقين في أحسن صورة، لكنها لم تقتنع،،
وذات مرة وجد الأب رساما يرسم الصورة بناءًا على وصف أحدهم لها، ولا يرى الذي يقوم بتصويره، فخطرت له فكرة وعليها قام بإبلاغ ابنته بأن تحضر ثلاثة من صديقاتها المقربين الذين يحبونها لحفل بسيط بمنزلهم، وأخبرها بأن هناك رسامًا عبقريًّا سيحضر الحفل،،
فرحت الفتاة وأخبرت ثلاثة من أصدقائها المُحبين لها، وبدأ الحفل المُبهج وسط سعادة غامرة من الجميع، وحينما حان وقت فقرة الرسام، طلب الرجل من الوالد ألا يرى فتاته ولكنه يريد صديقاتها الثلاثة فقط، وأمر إحداهن بالجلوس خلف ستارة تفصل بينه وبينها وهنا أحضر الفتاة بعد إسدال الستار لكي لا يراها، وبعد أن جهز فرشاته ولوحته، قال للصديق الأولى صفي لي ملامح صديقتك دون تدخل من صديقتها، بدأت الصديقة تصف والفنان يرسم ما تصفه، إلى أن أنهى اللوحة الأولى لصورة الفتاة،،
حضرت الصديقة الثانية ثم الثالثة بالتناوب، وأيضا خلف الستار وتجلس بجوار الفتاة صاحبة اللوحات الثلاث، إلى أن انتهى الفنان، وسلم اللوح للأب، ووسط الحفل قام الأب بتسليم اللوحات الثلاث للابنته؛ لتكن المفاجأة!.. إنها هي نفسها مَنْ باللوح كلها، ولكنها أجمل بكثير مما تراهُ أمام مرآتها، ما لوجهها ازداد رونقًا!.. وعينيها ازدادت بهجة وإشراقًا!.. وقسمات وجهها ازدادت حلاوة!..
إنه العالم الذي يراك بقلبه وإحساسه، لا تفعل شيء سوى طلاء داخلك بألوان الأخلاق والإخلاص وحب الآخر، لا تلوِّن وجهك بالأصباغ التي سيراها الآخر مساحيق مزيفة، إنما كان من وصف الأصدقاء لفتاتهم بما يرونه ويصل إلى قلوبهم، وصفوا ما عليه صديقتهم من حلاوة الروح التي كست وجهها جمالًا.. أنت جميل في عين الآخرين بكثير من الأشياء التي لا تعكسها مرآتك..
رغم كل الجمال الذي منحه الله – سبحانه وتعالى – لمحمد النبي – صلى الله عليه وسلم – الذي وصفه أصحابه بالقمر؛ إلا أن مولاهُ قال له “لو كنت فظَّا غليظ القلب لانفضوا من حولك”، رغم كل ذلك الجمال سينفضوا ويقوموا؟!.. نعم فالجمال الداخلي هو الذي يشعر الآخر بالألفة وليس الخارجي، وقد أشارت الدراسات بناءً على تتبعهم النبضات والإشارات العصبية، أن ما تقوله للآخر لا يصلهُ كله، بل يصله ما يحسه فقط،،
كما قال الخبراء إن تعبيرات الحب والعطاء وتمني الخير للآخر؛ تصل إليه والمدهش أنها تفعل أشياء لا تصدقها، إنها تخفض معدل ضربات القلب إلى النصف، ما يقلل من مخاطر الإصابة بأمراض القلب على المدى الطويل.
بالإضافة إلى أن الأوكسيتوسين، يقلل من التوتر ويخفض ضغط الدم ويقلل القلق المنتظم والاجتماعي ويعزز الثقة بالذات ومدى التقدير الداخلي لها، كما أن الإندورفين الذي يتم إفرازه حين يشعرك الآخر بالمودة والرضا، ينعكس عليك كليا، ما يقوم بدوره بتعزيز نظام المناعة، وكذلك الاستجابة الأفضل للعلاج في حال المرض،،
فقط الحب والأمل والبهجة والرضا الذين تمنحهم للآخر، يعودون إليك في صورة “كولاجين” يحمي البشرة، ويجعلها دائما أجمل في عين الآخر، انت أجمل ليس بمرآتك، بل بعالمك الذي كلما منحته أعطاك كلما واجهت نفسك ولكن بصورة غير مباشرة.