أسماء خليل تكتب: زي ما هي حبها

كم من الطرقات اجتزت والوقت أهدرت كي تغير الآخر ؟!..كم من العمر ضاع وأنت تلهث وراء ذلك الأمل: ستكون حياتي أفضل إذا عاملني ذلك الإنسان بتلك الطريقة ؟!..لقد ضاع الكثير والكثير في الرحلة للوصول لـ “اللاشيء” !..

إنها ليست دعوة للإحباط؛ لكنها دعوة للأمل.. للنظر في نصف الكوب الممتلئ.. فعلى المرء أن يسعى، ولكن إذا لم يستطع تحقيق الأمل المنشود ماذا يفعل!.. هل يظل باكيا جوار اللبن المسكوب؟!.. حتما لا، فليس على أي امرئٍ إدراك النجاح..

فهناك بحياتنا الشخص الواقعي.. والخيالي.. والسوفسطائي.. والمُعقد.. والنكدي.. والناقد.. والساخط.. والسلبي …..إلخ.

كيف ستغير كل هؤلاء؟!.. وبمرور الحياة يتزامن معها مرور الأحداث وكثير منها يستحق تعديل وتقويم.. كيف تستطيع تعديل كل ذلك ؟!..

تسمع كثيرًا من الشكاوى على الهواء لمن تشكو من أخيها الذي لم يصلها منذ زمن بعيد، أو أختها التي لم تدعُها لقضاء يوم تجمع بينما دعت أختها الأخرى، وآخر صديقه دائم الخلاف في الرأي معه، وهذا يضايقه ما يفعله مديره معه..

وكم لكم الاختلافات الظاهرية والخفية بين الأزواج والزوجات والأبناء وآبائهم وأمهاتهم !!.. وسبب ذلك بشكل مؤكد هو اختلاف وجهات النظر ومحاولة كل طرف أن يغير الآخر وفقًا لهواه وميوله وقناعاته في الحياة.

حب أبيك كما هو.. بكل تصرفاته وسماته.. حب أمك كما هي بكل مراحل حياتها وتقلباتها المزاجية.. حب من حولك كما هم.. التمس لهم الأعذار وقتما يخطؤون ويتعثرون أو تزل قدمهم.. واعتزلهم وقت خلوتهم وتعصبهم ولا تتضايق حينما يبتعدون قليلا.

تعامل مع الحياة كما هي بكل ظروفها.. حاول أنت التكيف مع ما يحدث بها.. ولا تنتظر نفس الظروف تتغير لتحياها أنت، فسوف تنتظر كثيرًا.. حاول أنت إزاحة العثرات من طريقك بدلا من انتظار الآخر لإماطتها عن مسارك، أو انتظار رياح قوية وربما إزاحت بك أنت الآخر في طريقها.

ذلك القانون الذي وضعه الأشخاص الأكثر عقلا على هذه الأرض، وهو “لا تنتظر شيئًا من أحد”.. وإلا ستضيع عمرك في الانتظار.. كن أنت.. حقق ذاتك.. الوقت الذي تستنفذه في تحليل هدم العلاقات بينك وبين الآخر؛ قم فيه ببناء نفسك ولا تهد ما بنيته يومًا.

إذا كنت في كل الأمر مُعاتبًا أخًا لك فلن تلقَ الذي تُعاتبه!.. إذا حاولت أن تكسب كل شيء وتجعله على ما يُرام فسيكلفك ذلك عمرك وسيضيع هباءً أدراج الرياح.. ازرع أنت المحبة حتى إذا كانت التربة المتوفرة رملية أو المياه راكدة أو مالحة تحتاج جهدا للتحلية.

“زي ما هي حبها”.. كما هي.. بكل ظروفها.. وأشخاصها المختلفي الفكر والهوية.. بما هو متاح.. بإمكانياتها القليلة.. بحنوها الضئيل.. بعثراتها.. بحلاوتها ومرارتها.. بتوهجها وظلمتها.

لو تأملت قليلًا ستعرف الحكمة من وجود العثرات في حياتك؛ حيث لا تدرك الراحة إلا بالتعب، ولن تعرف ماهية الأشخاص إلا بمرور مواقف تجمعكما بعضها حسن والآخر سيء، فحاول إسعاد نفسك بحبك لكل من حولك كما هم ودون انتظار مردود.

اقرأ أيضا للكاتبة:

 

زر الذهاب إلى الأعلى