أحمد عاطف آدم يكتب: الوفاة طبيعية والأسباب أيضًا

على مدار أيام قليلة متفرقة، لاحظت أن مدينتنا منيا القمح التابعة لمحافظة الشرقية، حدث بها وحدها ٤ حالات وفاة لطلاب بالمرحلة الثانوية، بدون أسباب واضحة، أو كما يطلق عليها، وفاة طبيعية،، ومما لا شك فيه أننا نؤمن بالقدر حلوه ومره، لكن بالنظر لشباب بكامل صحتهم لا يعانون من أي أمراض، فهو شيء مؤلم  ومفجع حقًا، عندما تتكرر تلك الظاهرة أثناء تلقي الدروس الخصوصية، أو حتى وقوعهم بمنازلهم بين ذويهم – فهذا أمر يدعو للدهشة حقًا، ويحتاج منا الانتباه لأسباب قد تكون حاضرة بيننا، ولا ننتبه إليها، مثل إدمان تناول الوجبات السريعة، أو عدم ممارسة الرياضة، واستبدال أوقاتها الذهبية بالجلوس لساعات أمام شاشات الأجهزة الاتصالية المختلفة، كالحواسب والهواتف المحمولة، بغرض المذاكرة أو الترفيه، كذلك استخدام وسائل النقل خفيفة الحركة مثل “التوكتوك” في القضاء نهائيًا على فرص المشي لمسافات قصيرة، لكنها كفيلة بتجديد الدماء الراكدة في العروق، بل إن بعض الأمهات سَمِعتَهَا توصي أبنائها عندما يهمون بالخروج “اركب توكتوك، وأوعى تاخدها مشي، الفلوس معاك”!.

في نوفمبر الماضي حذرت منظمة الصحة العالمية على لسان مديرها “ادهانوم جبريسيوس” قائلًا: “غالبًا ما يكون الغذاء الأرخص الذى يشمل الوجبات السريعة، الغنية بالدهون هو الأقل جدوى للصحة، بل إنه يغذي الأوبئة، ويقوي الفرص المتزايدة للإصابة بالسمنة والسكري وأمراض القلب والأوعية الدموية”.. وبينما كنت أسير بأحد شوارع مدينتنا، أنظر حولي وسط الزحام الشديد، وجدت الأثر واضحًا لأحد أهم الأسباب سالفة الذكر، وهي مشاريع “التيك أواي” المتراصة على جانبي الطريق، ما بين عربات متنقلة وأكشاك ثابتة، تبيع جميع أنواع الدهون المشبعة، والكوليسترول، والسكريات المتحولة – لقنابل موقوتة – تضيق بسببها مسارات التروية الدموية، للأعضاء الحيوية بالجسم، مما يرغمها على الفشل وظيفيًا، وصولًا للمصير المحتوم المتسلل في صمت؛ لذا لا غرابة على الإطلاق عزيزي القارئ، في تزايد أعداد مرضي استبدال صمامات القلب، والجلطات ووفاة الشباب بعمر الزهور .

في رأيي أن كل تلك الأسباب مجتمعة، هي مسئولية مشتركة، بين الأهل ومُصدِري تراخيص تلك المشاريع، بشوارع بعض المدن والمحافظات.. وعلى أولياء الأمور ضرورة ملاحظة مصادر تغذية أبنائهم، والإشراف عليها، كذلك توجيههم بعدم الاستجابة للأوامر المشوهة، التي تصدرها رغباتهم الذاتية بخوض التجربة، وعدم خضوعهم لآراء زملائهم وأصدقائهم، المغرية بشأنها، حتى لا ينخرطوا في إدمانها، فهي بالإضافة لكلفتها الباهظة أو المتواضعة، ما هي إلا مكسبات طعم وروائح جاذبة وكاذبة، لا تعبر عن القيمة الحقيقية لها كغذاء نافع ومفيد، كما أتمنى من خلال هذا المقال أن تنتبه كل أم لعظمة دورها، الذي تقوم به في مطبخها الآمن صحيًا، وتفعيله بالقدر الكافي، كما كان يحدث بالزمن الجميل، حين كنا نتجمع حول موائدنا الشهية ببيوتنا، نستطعم ما لذ وطاب من صنع ست الحبايب، كذلك فإن دور رؤساء مجالس المدن، والمحافظين، ووزارتي الصحة والتموين، والتنسيق فيما بينهم، أمر بالغ الأهمية في الضرب بيدٍ من حديد، على أصحاب الذمم الخربة، ووضع شروطًا صحية مبنية على أساس علمي، لمنع الاستخدام العشوائي لخامات وعناصر غذائية ضررها أكبر بكثير من نفعها، وتشديد الدور الرقابي على هؤلاء الباعة حتى نضمن التزامهم قدر المستطاع.

اقرأ أيضا للكاتب:

 

زر الذهاب إلى الأعلى