إسلام كمال يكتب: السودان..ما بين الحرب والفوضى
المشهد في السودان مرشح بقوة لفوضى عارمة، رغم حديث القوات المسلحة السودانية عن السيطرة بشكل كبير، وإن ميلشيا حميدتى يهربون أمامهم
ومن خلال متابعتى عن كثب للمشهد من خلال مصادر مختلفة، يجب ان أنبه معلوماتيا وتحليليا من عدة ظواهر:
١- الدول الكبري تجلى رعاياها الأجانب من السودان عبر چيبوتى، تلك الدولة الأجيرة للكل، بلد القواعد الأجنبية ومحطات المخابرات، وهذا مؤشر لطول الأزمة، وتحولها لما هو أعقد.
٢- حديث رئيس الأركان الأمريكى عن قرب إحتمالية تحرك قوات الأفركيوم من جيبوتى إلى السودان، وستكون من ضمن الحجج لو احتاجوا، فشلهم في إجلاء رعاياهم واضطرارهم لحمايتهم.
٣- الترويج لتسريبات حول دور اماراتى في الأزمة وصل لحد ادخال مقاتلات وقوات بقيادة حفتر من ليبيا، وتهديد تركيا بالتدخل في السودان ضد حفتر، ورفض مصر لهذا السيناريو وفق تسريب رئيس المخابرات السوداني السابق، رغم نفي حفتر والامارات ذلك.
٤- استغلال الهدنة من الطرفين المباشرين والأطراف غير المباشرة مثل إثيوبيا والحركات الإخوانية، لكسب الأرض والتموضع من جديد وحشد القوات من الحدود، لا التهدئة أو حماية المدنيين الملقاة جثثهم في الشوارع.
٥- السودان معروف أنها دولة فاشلة من الأساس بسبب نظام البشير فلا بنية تحتية حقيقية ولا مؤسسات وحتى الجيش به ميول كبيرة للكيزان إخوان السودان، وبالتالى من السهل سقوطها بسرعة في الفوضى وفي أجواء الكوارث البيئة والصحية.
٥- حديث قائد ميليشيا مرتزقة فاجنر الروسية عن الوضع في السودان بمنتهى الأهمية، رغم انشغاله في حرب أوكرانيا، التى قاربت على عامها الثانى، لدرجة انه دعا للتدخل وتقديم المساعدان الطبية من حسابه الخاص، ومعروف دور فاجنر في تدريبات ميلشيا حميدتى وعلاقاتها بتجارة الذهب السوادنى.
٦- حديث كبير حول الثروات في غرب السودان حيث دارفور من يورانيوم وبترول وذهب يؤهل لانفصال دارفور او استمرار الفوضي على الأقل.
٧- المشهد في غاية التعقد يحتاج لإعادة تقييم شاملة لأن أى ضرر مهما كان صغير في السودان، سيضر مصر بشكل كامل، أكثر مما كان في ليبيا او غزة، بالذات فيما يتعلق بأمن النيل والبحر الأحمر، خاصة أن إثيوبيا لن تترك الفوضي السودانية بدون مكاسب، رغم أن مصر والسودان لم يستغلوا الفوضي الاثيوبية التى كادت أن تسقط أبي أحمد، لولا تدخل أردوغان بمسيراتها في اللحظات الأخيرة، وبالتأكيد بتنسيق اماراتى إسرائيلى أمريكى.
٨- هذه الأزمة أثارت تساؤلات كثيرة حول حقيقة ما تفعل الامارات عموما، وبالذات فيما يتعلق بإضرارها بالأمن الاستراتيجي المصري في عدة ملفات، منها النيل والتطبيع وليبيا والأزمة الاقتصادية الداخلية، الأمر يحتاج وقفة مع أشقاء تحولوا لأعداء، دون تبرير واضح، لو ثحت كل هذه الترويجات.
٩- غياب إسرائيل عم المشهد العلنى، بعدما بادرت الموساد والخارجية بالحديث عن التدخل للوساطة والتهدئة، والتنسيق مع الأمريكان في ذلك، يؤهل وفق الخبرة في متابعة تدخلات الموساد، أننا انتقلنا لمرحلة التعتيم، وهذا معناه أن القادم أخطر.