«مخيم الهول» وأحواله الرهيبة.. فصل من مأساة اللاجئين السوريين (1من2)
من سوريا: أشرف التهامي
مخيم الهول للاجئين
هو أحد مخيمات اللاجئين السوريين يقع على المشارف الجنوبية لمدينة الهول في محافظة الحسكة شمال سوريا، بالقرب من الحدود السورية العراقية، يضمّ أشخاصًا نازحين من الأراضي التي احتلّها تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) الارهابي. وتسيطر عليه قوات سوريا الديمقراطية الانفصالية العميلة لصالح الولايات المتحدة. اعتبارًا من أبريل 2019، كان عدد اللاجئين في المخيم 74000 بعد أن نما من 10000 في بداية 2019. اللاجئون هم بشكل رئيسي من النساء والأطفال المنحدرين من عدّة دول أوّلها سوريا والعراق.
التاريخ
أُنشئ المخيم في الأصل لإيواء اللاجئين العراقيين في أوائل عام 1991 خلال حرب الخليج الثانية، وأُعيد فتحه لاحقًا بعد تدفق المهاجرين العراقيين إلى سوريا عقب غزو العراق عام 2003، كواحد من ثلاثة مخيمات على الحدود السورية العراقية.
التركيبة السكانية
في بداية عام 2019، احتوى المخيم على حوالي 10000 شخص، ثمّ زاد حجمه بشكل كبير مع الهزائم المتتالية لداعش الارهابي. بحلول أبريل 2019، قُدّرَ عدد سكان المخيم بـ 74000. أشارت تقديرات في سبتمبر 2019 إلى أن المخيم كان يضم حوالي 20000 امرأة و 50000 طفل من عائلات مقاتلي تنظيم داعش الارهابي، وكان المخيم تحت حراسة 400 مقاتل من ميليشيات قوات سوريا الديمقراطية الانفصالية.
الإدارة والظروف في المخيم
في سياق الحرب السورية على الارهاب واستيلاء قوات سوريا الديمقراطية الانفصالية على بلدة الهول، أصبح المخيم إلى جانب مخيم عين عيسى، مركزًا للفارّين من القتال بين القوات الكردية الانفصالية وتنظيم داعش الارهابي خلال هجوم قوات سوريا الديمقراطية الانفصالية في ريف دير الزور، فضمّ حوالي 10000 لاجئ في أوائل ديسمبر 2018. في أبريل 2018، قتل تفشّي حمى التيفوئيد 24 شخصًا في المخيم.
خلال معركة الباغوز فوقاني في ديسمبر 2018، شهد المخيم تدفقا هائلا للاجئين في سلسلة من عمليات الإجلاء المدني الضخمة، مع فرار الناس من القتال العنيف بين قوات سوريا الديمقراطية الانفصالية وداعش الارهابي.
وُصفت الظروف على طول الطريق المؤدية إلى المخيم بما في ذلك إجراءات فحص منتسبي تنظيم الدولة الارهابي بأنها «قاسية للغاية» مع محدودية الطعام والماء والمأوى وعدم وجود خدمات صحية. حتى 4 فبراير 2019، توفي ما لا يقل عن 35 طفلاً حديث الولادة إما في الطريق إلى المخيم أو بعد وقت قصير من وصولهم إليه، ويرجع ذلك في الغالب إلى انخفاض درجة حرارة الجسم.
وتخشى منظمات الإغاثة من الزحار وأمراض أخرى قد تتفشّى داخل المخيم المزدحم. ذكرت الأمم المتحدة أن 84 شخصًا معظمهم من الأطفال لقوا حتفهم في طريقهم إلى الهول منذ ديسمبر 2018 وحتى أكتوبر 2019. تمّ احتجاز عائلات مقاتلي داعش الارهابي في قسم منفصل داخل المخيم بعد حوادث عنف متكررة بينهم وبين اللاجئين الآخرين.
في فبراير 2019، قالت زهرة دومان، أسترالية تزوجت من مقاتل أسترالي في التنظيم الارهابي، لوالدتها أنها تعيش مع طفلتها داخل مخيم الهول ونقلت لها أخبارًا عن الوضع فيه.
قالت والدتها أن هناك نقصًا حادًا في الطعام، وتخشى أن تموت الطفلة البالغة من العمر ستة أشهر بسبب الجوع. في أوائل عام 2019، عُثرَ داخل المخيم على امرأة بريطانية حامل كانت منتسبة لتنظيم داعش الارهابي، توفي ابنها بعد أسابيع من ولادته. في مارس 2019، ورد أن المواطنة الأمريكية وإحدى أفراد داعش الارهابي، هدى مثنى، تعيش مع ابنها البالغ من العمر 18 شهرًا في المخيم.
مات ما لا يقل عن 100 شخص خلال هربهم إلى المخيم في ديسمبر 2018.
في أبريل 2019، حثّت مجموعة من النساء والفتيات داخل المخيم، صحفية أجنبية على اعتناق الإسلام قائلات: «إذا أسلمتِ وغطّيتِ جسمك ووجهك مثلنا وأصبحتِ واحدةً منّا، فلن تقتلين». برّرت إحدى النساء الإبادة الجماعية لليزيديين من قبل داعش الارهابي قائلةً: «إذا لم يعتنقوا الإسلام ولم يصبحوا مسلمين مثلنا ويعبدون الله، فإنهم يستحقون ذلك».
في تقرير نُشر في أبريل 2019، وصف مراسل بي بي سي كوينتين سومرفيل المخيم بأنه «وعاء يفيض من الغضب والأسئلة التي ليس لها جواب»، حيث تتمسك بعض النساء بأيدولوجية داعش الارهابي التي تثير الكراهية، والبعض الآخر يحاولن إيجاد طريق للهروب. ونقل كوينتين عن امرأة مغربية-بلجيكية عملت كممرضة سابقة، أنها قالت: «هذا خياري، ففي بلجيكا لم أستطع ارتداء النقاب». رأت المرأة أنه لا داعي للاعتذار عن هجوم داعش الارهابي في بروكسل عام 2016، وألقت باللوم على الغرب وضرباته الجوية على الباغوز في التسبب بظروفهم الصعبة.
يُشير تقرير نشرته صحيفة واشنطن بوست في سبتمبر 2019 إلى تزايد التطرف داخل المخيم حيث الظروف تعيسة، والأمن متراخي، والناس الذين لا يتبعون أيديولوجية داعش الارهابي يعيشون في خوف.
صرّح نائب وزير الدفاع الأمريكي مايكل مولروي في حديثه مع مجلس العلاقات الخارجية أن العديد من الأطفال في المخيم يتعلّمون أفكار ومعتقدات داعش الارهابي، وقال إن قاطني المخيم لهم وجهة نظر واحدة وفلسفة واحدة فقط. كما زعم أنه إذا لم يتوصل المجتمع الدولي إلى طريقة لإعادة تأهيلهم وإعادة دمجهم في المجتمع، فسيكونون الجيل الاسوأ القادم من داعش الإرهابي.
في 28 نوفمبر 2019، أعلن الهلال الأحمر العربي السوري أن أكثر من 36000 من سكان المخيم تلقوا مساعدة من الحكومة السورية في العيادات التي أنشئت في المخيم عبر فريق طبي متنقل هناك.
العودة إلى الوطن
إن الإعادة إلى الوطن صعبة حيث أصبح العديد من سكان المخيم متطرفين ويشكلون تهديدًا محتملاً لوطنهم، وقد لا يكون لدى الحكومات الغربية خطط لإعادة مواطنيها.
كم عدد اللاجئين السوريين في المخيمات؟
هناك 240,000 لاجئ سوري مسجل في العراق 90000 ، منهم يقيمون في مخيمات تديرها المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين ولجنة الإنقاذ الدولية ومديرية الصحة. تقع جميع مخيمات اللاجئين السوريين العشرة في كردستان العراق. هناك 40 مخيماً إضافياً للعراقيين النازحين داخليا.ً.
هناك في هذا المخيم عالم مختلف تماماً عن كل ما يخطر في بال أي متابع .. والمعضلة الحقيقة اليوم في وجود جيل كامل من أبناء مقاتلي داعش الارهابي القاطنين في هذا المخيم الكبير والغامض بنفس الوقت.. هذا المخيم الواقع في بادية الحسكة والخاضع لسيطرة قوات قسد الانفصالية ، يتواجد فيه عدد كبير جدا من الاطفال مجهولي النسب ، امهاتهم سوريات وعراقيات.
نتحدث هنا عن النساء السوريات حصراً ، و اغلبهن من محافظات حلب، حمص ، حماة، الرقة، ديرالزور .. اليوم لدينا في هذا المخيم قرابة 10 ألف طفل أعمارهم بين 2 إلى 6 سنوات جميعهم مجهولي النسب لا وجود لآباء لهم.
بعص الدول وافقت على عودة مواطنيها في تنظيم داعش الارهابي مع أطفالهم بينها دول اوربية و اسيوية اخرهم روسيا التي نقلت 12 طفلا روسيا من الهول، بعد التأكد من خلال فحص الحامض النووي.
لا تنسوا
لكن السؤال هنا : أطفال السوريات من زوجات عناصر التنظيم الارهابي. ما مصيرهم ..؟ وما مصيرهن تحديداً .. ولا تنسوا أن الفكر الإرهابي سوف يكبر معهم … والرقم كبير.
لا تنسوا انهم يكبرون على تعاليم خاصة تتعلق بفكرهم السلفي بعيدا عن المناهج الحكومية والتربوية الخاصة ولا يخضعون لأي جهات لاعادة تأهيلهم مجتمعيا.ً
10 ألاف طفل
بالنسبة للدراسة الأخيرة حول عدد الأطفال مجهولي النسب وأغلبهم من العرب هي إحصائية خطيرة والأخطر من كل هذا الكلام هو السؤال الذي طرحناه في النهاية ، ماهو مصيرهم بعد سنوات ، اين سيتم زجهم و اندماجهم وفي اي وسط و مجتمع سيكبرون … طبعا لا استطيع البوح بمسقبلهم اكثر من هذا … خصوصا ان المخيم تحت سيطرة قوى عالمية لها باع طويل في انشاء الأجيال اللازمة ومدى حاجتهم لهذه الأجيال ان من يتابع شؤن هذه الجماعات لابد ان يفكر الى ما أبعد من صيدنايا وأبو غريب كما هذا جزء بسيط من معلومات مستقبل المخيم.
تهديد أمني تثيره الجهاديات
شهد مخيم الهول 24 حادثة قتل نصفها في شهري أيار /مايو وحزيران/ يونيو 2022، وذلك بسبب التطرّف الأيديولوجي الذي تعتنقه أكثر من ثمانية آلاف جهادية لا يزلن متمسكات بفكر تنظيم الدولة الإسلامية، حيث شهد المخيم مقتل موظفي منظمات دولية ومحلية، مثل مقتل مسعفٍ طبي في منتصف كانون الثاني/يناير الماضي.
كما قامت الجهاديات بقتل المقيمات داخل “الهول” ممن يفكرن في التخلص من أفكارهنّ المتشدّدة، حيث يُقتلن في ظروف غامضة بواسطة ما يُعرف بوحدات الحسبة، التي تقوم بتنفيذ العقاب المناسب على النساء اللواتي يقررّن التغيير والابتعاد عن عقيدة التنظيم، وهذا ما يشكل التحدي الأمني الأكبر بالنسبة لـ “الإدارة الذاتية” الانفصالية لشمالي سوريا وشرقيها، وقواتها الأمنية الارهابية التي تحرس المخيم.
يقع مخيم الهول الذي يضم أكثر من 65 ألف شخص، بالقرب من الحدود السورية العراقية، ويمثّل تحدّياً أمنياً للبلدين والدول المحيطة بهما لجملة من الأسباب، أبرزها أنه يضمّ هذا العدد الكبير من جهاديات التنظيم المتطرّف، اللواتي تمتنع حكومات الدول الأوروبية والآسيوية التي ينحدرن منها عن إعادتهن بسرعة.
طالع المزيد:
– لبنان يوقع اتفاقية أمن غذائي مع الاتحاد الأوروبى: التكسّب والتذمّر من اللاجئين!
– ماهي غرفة MOC وغرفة MOM الإرهابيتين؟.. الفرق بينهما ودورهما في الحرب السورية
ولا تزال هذه الدول تتحجج بحاجتها إلى الحصول على البيانات والتحقيقات الجنائية الخاصة بكل حالة، وذلك وفقاً لتصريحات المحاميَين الفرنسيين ماري دوزي ولودوفيك ريفيير اللذين يقدمان المشورة لبعض هؤلاء النساء ممن يطالبن بالعودة.
هذا الموقف الفرنسي ينطبق كذلك على أبناء المقاتلين الأجانب العالقين في المخيّم.
واستنادًا إلى بيانات منظمة (أنقذوا الأطفال) Save the Children، يقيم حاليًا ما يقدر بنحو 7300 طفل في المخيم. وبحسب المنظمة، فإن هؤلاء الأطفال لم يرتكبوا أي خطأ ويحتاجون إلى الحماية. على الرغم من هذا الواقع، يفترض البعض أنه في ظل غياب إمكانية العودة إلى الوطن، من المحتمل أن يتم استغلال هؤلاء الأطفال وتعبئتهم بأفكار متطرفة تقودهم إلى القبول بأيديولوجية تنظيم الدولة الارهابي من قبل بعض أعضاء التنظيم ممن بقوا في المخيم، والذين قد يغرسون رغبة الانتقام لآباء هؤلاء الأطفال الذين قتلوا أو أسروا في المعارك التي خاضها تنظيم الدولة الارهابي مع قوات سوريا الديمقراطية (قسد) الانفصالية ، ومع التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة.
من هذا المنطلق، لا يمكن استبعاد فرضية عودة التنظيم الارهابي المتطرّف من جديد انطلاقاً من مخيم “الهول” سيما مع تكرار محاولات الجهاديات الارهابيات الهروب والتواصل مع العالم الخارجي بواسطة الهواتف، إضافة إلى تلقيهنّ حوالات مالية من الخارج عبر شركاتٍ تنتشر داخل المخيم.
وهذا ما أكده المرصد السوري لحقوق الإنسان المعارض في تقرير أشار فيه إلى أن قوى الأمن الداخلي الإرهابية في مناطق “الإدارة الذاتية” الانفصالية والتي تُعرف بـ”الآسايش” تمكنت من إحباط هروب نحو 200 امرأة من جنسياتٍ مختلفة ومعهن عدد كبير من الأطفال.
وما يؤكد هذه الفرضية، الاشتباكات التي شهدتها محافظة الحسكة في مطلع 2022، بين خلايا من تنظيم الدولة الارهابي و”قسد” الانفصالية في محاولة من التنظيم الارهابي لتحرير عناصره المحتجزين في سجون “قوات سوريا الديمقراطية”.الانفصالية لهذا من المتوقع أن يشنّ التنظيم الارهابي هجماتٍ مماثلة على مخيم “الهول” بهدف إخراج الجهاديات الارهابيات منه لتشكيل خلايا ارهابية على نطاقٍ أوسع خارج المخيم.
وقد يكون هذا الهدف الأخير سبباً لاشتباكاتٍ حصلت في أواخر آذار/مارس 2022، بين حرّاس المخيم وخلايا من التنظيم الارهابي نجم عنه قتلى وجرحى، وفق ما أفادت به القوات الأمنية الانفصالية التي تسيطر على المخيم والتي أعلنت في وقتٍ سابق تفكيك خلايا نائمة لتنظيم الدولة الإرهابي داخل “الهول”.
التحدّيات الأمنية
أمام هذه التحدّيات الأمنية، يستمر المجتمع الدولي في تجاهل نداءات “الإدارة الذاتية” و”قسد” الانفصاليتين اللتين تطالبان الدول التي تنحدر منها الجهاديات الإرهابيات بإعادتهن مع أطفالهن.
وعلى الرغم من هذه النداءات وتحذير منظمات الإغاثة فقد تم تسليم ألبانيا وألمانيا وروسيا وفرنسا وأوزبكستان وكوسوفو ودول عربية وأخرى آسيوية، عدداً قليلاً من النساء والأطفال، في حين اكتفت دول أوروبية، باستعادة الأطفال اليتامى فقط.
تصرّ غالبية هذه الدول على عدم استعادة مواطنيها، على اعتبار أنهم تهديد جديد للأمن الأوروبي، وكذلك لا تستجيب تلك الدول لدعوة “الإدارة الذاتية” الانفصالية إلى إنشاء محاكم لمقاضاة أولئك الجهاديات الإرهابيات على الأراضي السورية، حيث لا تحاكمهن السلطات المحلّية، بل تكتفي بمحاسبة حاملي الجنسية السورية قضائياً أو الإفراج عنهم بوساطاتٍ عشائرية من وجهاء المنطقة. وهو ما يبقي مشكلة الجهاديات الارهابيات الأجنبيات وأطفالهنّ دون حلّ رغم نقل أعدادٍ منهم إلى مخيم “روج” وبقاء آخرين بمخيم “عين عيسى”.
تنحدر هؤلاء الجهاديات الإرهابيات من نحو 60 دولة، ومنذ سقوط خلافة تنظيم الدولة في آذار/مارس 2019، وهن يعشنّ مع أطفالهن داخل مخيّم “الهول”، وتحاول الإدارة الذاتية الانفصالية منذ ذلك الحين تسليط الضوء على مشاكل المخيم والضغوطات الاجتماعية والأمنية التي تعيشها المنطقة بسببه، وهي تسعى لإعادة المواطنين الأجانب إلى ديارهم للتخفيف من تلك الأزمات، ولكن يبدو أن الدول الأوروبية لم تحسم موقفها بعد من عودة المقاتلين والجهاديات الارهابيات الأجانب رغم الضغوط الدولية.
ترفض هذه الدول الأوروبية فكرة المحاكم في سوريا إلى الآن، لوجود انقسام كبير في الشارع الأوروبي حول قضية إعادة المقاتلين والجهاديات الإرهابيين، على أساس أن هؤلاء غير نادمين ويمثلون تهديدا أمنياً خطيراً، وأنه في حال إجراء محاكمتهم في سوريا أو خارجها سيتلقون أحكاماً بالسجن لمدة قصيرة ومن المحتمل أن يحاولوا التأثير على باقي السجناء وتجنيدهم.
من المحتمل – أيضا – بعد انتهاء فترة السجن أن يحاولوا الهرب مرة أخرى، والعودة إلى صفوف تنظيم الدولة الارهابي مجدداً.
وتخشى الحكومات الأوروبية من إعادة عناصر التنظيم الإرهابي وإطلاق سراحهم بعد محاكمتهم رغم أنه لمعظم هذه الدول تشريعات تسمح بمحاكمة المقاتلين الارهابيين الأجانب العائدين بتهمة الانتماء إلى جماعة إرهابية أو دعمها، وقد وصل متوسط العقوبة إلى خمس سنوات سجنا، بينما وصل إلى سبع سنوات في المملكة المتحدة التي ألغت جنسية العديد من المواطنين البريطانيين الذين سافروا للانضمام إلى تنظيم “الدولة” الارهابي في الشرق الأوسط، ووصلت الأحكام في فرنسا على جهاديين ارهابيين بالسجن 14 عاماً.
وفي ضوء الرفض الأوروبي، تعاني القوات الكردية الانفصالية التي تسيطر على مخّيم “الهول” من مشاكل متزايدة مع دخول الجيش السوري للمرة الأولى إلى بعض المناطق الحدودية مع تركيا، وذلك أثناء آخر عمليةٍ عسكرية شنّتها تركيا ضد المناطق الخاضعة لسيطرة “قسد” الانفصالية في التاسع من تشرين الأول/ اكتوبر 2019. تلقى بعض العاملين في الهيئات الدولية تهديدات بالقتل وهو ما أرغم معظم المنظمات الدولية على الانسحاب من المخيم.
ترافق ما سبق مع تحذيرات منظمة “هيومن رايتس ووتش” من سوء الرعاية الصحية والخيام الممزقة والمياه الملوثة، والخطر الأكبر المتمثل في الأمراض المنتشرة بين الأطفال مثل الجرب والإسهال والإنفلونزا. يضاف إلى ذلك عدم سماح حكومة الدولة السورية وفقاً للقوانين السورية للمنظمات الدولية بممارسة عملها في المخيم إذا لم يدخل موظفوها الأراضي السورية عبر المنافذ والمعابر والمطارات التي تخضع لسيطرة الدولة السورية، الأمر الذي ضاعف التحدّيات التي تواجهها المنظمات الدولية العاملة في المخيم.
بما أن السلطات المحلية المسؤولة عن مخيّم “الهول” تسمح لسكانه السوريين بالعودة إلى مناطقهم، إن لم يثبت ارتكابهم لأي جرائم، وبما أنها كذلك لا ترفض إعادة العراقيين المقيمين في المخيم إلى بلدهم، فهذا يعني أن مشكلة “الهول” الوحيدة تكمن في بقاء الجهاديات الأجنبيات الإرهابيات عالقات بهذا الشكل، في ظل عدم توفر دعمٍ مالي وأمني كافٍ للإدارة الذاتية الانفصالية التي تسيطر بالكامل على “الهول”.
كما أن تهديدا تركيا بشنّ هجوم عسكري جديد على مناطق الإدارة الذاتية الانفصالية ينذر بمزيدٍ من الفلتان الأمني داخل المخيم، كما حدث ذلك عند فرار جهادياتٍ ارهابيات من مخيم عين عيسى مع بدء الهجوم التركي على تلك المناطق في تشرين الأول/اكتوبر 2019.
وقد يكمن الحلّ الأمثل للمخيمات الثلاثة (الهول، وروج، وعين عيسى) في لجوء الدول المعنية والتي تنحدر منها الجهاديات الإرهابية وأطفالهن، لقراراتٍ سريعة وحاسمة تنظّم عودتهم إلى أوطانهم الأصلية واتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة بحقهم أو دمجهم من جديد في مجتمعاتهم، ما يؤمن الاستقرار والأمن لشمالي شرق سوريا سيما وأن تأخير حلّ أزمة هذه المخيمات، سيبقيها إلى أجلٍ غير مسمى بؤرة تحفظ وجود تنظيم “الدولة” الارهابي وأفكاره في المنطقة وهو أمر أشار إليه وفد من الأمم المتحدة الذي زار المخيم مؤخراً وحذّر من أن ترك مشكلة “الهول” دون معالجة سيؤثر حتماً على الوضع الأمني للمنطقة وخارجها.
مخيم الهول مجدداً.. أطفال طي النسيان و”عرائس” متطرفات
لا يزال مخيم “الهول” الواقع في ريف محافظة الحسكة السورية، يشكل التحدّي الأكبر لقوات “سوريا الديمقراطية” الانفصالية منذ إعلانها أواخر آذار/مارس 2019 عن القضاء على تنظيم “داعش”الارهابي داخل الأراضي السورية، حيث كشفت “لجنة الأمم المتحدة للتحقيق بشأن سوريا”، أن 390 طفلًا على الأقل لقوا حتفهم هذا في2019 جراء سوء التغذية والجروح غير المعالجة داخل المخيم.
أطفال بلا هويات
كما حذرت من أن المئات من الأطفال لا يملكون أوراقاً ثبوتية.
ويبلغ تعداد سكان المخيم نحو 74 ألفاً، بحسب مسؤولين في “اللجنة الدولية للصليب الأحمر”، ويعد هذا الرقم ضخماً، فهو يشكل ضعفي عدد سكان مدينة كوباني قبل اندلاع الحرب في سوريا.
ويشكل الأطفال أكثر من ثلثي هذا الرقم، حيث تصل نسبتهم في المخيم إلى 66% من عدد السكان، و”أغلبهم لا يملكون أوراقا ثبوتية”، لا سيما الذين ولدوا على أرض “دولة الخلافة” الارهابية المزعومة بعد التحاق آبائهم بها، بحسب تقارير للأمم المتحدة.
“داعشيات أجنبيات.. محميات بالقانون”
وزاد وجود “الداعشيات” الأجنبيات في الهول من تعقيد مشكلة المخيم وأولئك مازلن يتمسكن بأفكار التنظيم المتطرف إلى الآن، ويُقدم بعضهن على عمليات عنف في وضح النهار داخل المخيم معظمها متعلقة برفض ضحاياهن لأفكارهن المتطرفة.
وعلى الرغم من ذلك، أكدت سارة الزوقري وهي متحدثة باسم “اللجنة الدولية للصليب الأحمر” أن “هؤلاء النساء والأطفال محميون بموجب القانون الدولي الإنساني لأنهم ليسوا أو لم يعودوا مشاركين في أي أعمالٍ عدائية”.
أجيال طي النسيان
وقالت الزوقري ، في مقابلة مع “العربية نت”: “نشعر كأنهم طي النسيان، حيث يصعب معرفة ما الذي ينتظرهم، بينما هم لا يعرفون أيضاً ما الذي يمكنه أن يحدث لهم سواء في المستقبل القريب أو البعيد. وبقاؤهم في المخيم تحت هذه الظروف الصعبة ليس حلاً”.
كما شددت على أن “الظروف المعيشية في الهول صعبة للغاية، فالأعداد كبيرة جداً، وهناك ضغوط هائلة على الخدمات التي يتم تقديمها في المخيم الذي تجاوز سعته بكثير، لذلك نكافح من أجل تغطية الاحتياجات الأساسية التي تشمل توفير الطعام والماء والخدمات الطبية والخيم ودورات المياه”.
وأوضحت أن “الأطفال لا يذهبون للمدارس وليس لديهم كتب أو إذاعات أو أي وسيلة للتعليم، فهم منغلقون على أنفسهم”.
الأكثر تطرفاً
من جهتها، أفادت كلستان أوسو وهي موظفة في “مكتب الرئاسة المشتركة لشؤون النازحين” في “الإدارة الذاتية” الانفصالية، بأن “الداعشيات اللواتي يعشن في الهول هن آخر من خرجن من بلدة الباغوز التي كان يسيطر عليها التنظيم الارهابي وتشكل نقطة تمركزه الأخيرة، لذلك هن الأكثر تطرفاً”.
وأضافت في مقابلة مع “العربية.نت”: “نحاول تأمين كل مستلزماتهن الأساسية عبر المنظمات الإنسانية، لكن المساعدات ضئيلة وتكاد تلبي حاجة 25% منهن فقط”.