لبنان يوقع اتفاقية أمن غذائي مع الاتحاد الأوروبى: التكسّب والتذمّر من اللاجئين!

 

 

 

من سوريا: أشرف التهامي

تم توقيع اتفاقية تعاون بين كل من وزارة الزراعة ومنظمة الأغذية للأمم المُتحدة في لبنان (FAO) لتنفيذ مشروع “المساهمة في الأمن الغذائي للمجتمعات المُضيفة واللاجئين في لبنان” الذي عُقد ظهيرة الخميس 13 يوليو الجاري، في مبنى المشروع الأخضر- بيروت.
والمشروع الذي تمّ التوقيع عليه بحضور ممثلي المنظمات المشاركة، هو بتمويل من الاتحاد الأوروبي وبالشراكة بين منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة وبرنامج الأغذية العالمي وبالتعاون الوثيق مع وزارة الزراعة.

مؤتمر التوقيع

جرت مراسم التّوقيع في المبنى المُتهالك للمشروع الأخضر (على خلاف باقي المباني المُحيطة في محلة الرملة البيضاء) وفي قاعةٍ مُخصصةٍ للطقوس الدينيّة، وبحضور عدد ضئيل من وسائل الإعلام، التّي استهلت بمداخلتين لكل من نائب المدير الإقليمي لبرنامج الأغذية العالمي (WFP)، أنطوان رينارد، وممثلة منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة في لبنان (FAO)، نورة أورابح حداد، اللذين أكدا أن المشروع هو استدراك للآثار المزمنة للأزمات المستمرة ومتعددة الأوجه على اللبنانيين واللاجئين.

يهدف المشروع إلى زيادة الإنتاج والمساحات المزروعة من خلال دعم المزارعين وبناء القدرات واستبدال استيراد المدخلات الزراعية، كما يكمن الهدف من هذا المشروع في تحسين الظروف المعيشية وقدرة المجتمعات المضيفة واللاجئين على الصمود.

وجاءت المداخلة الثالثة فى المؤتمر من رئيسة قسم التعاون في بعثة الاتحاد الأوروبي في لبنان أليساندرا فييرز، التّي أشارت إلى “أن هذه الاتفاقية ترمز إلى رؤية مشتركة تهدف إلى تمكين المزارعين والمزارعات، وضمان الأمن الغذائي للجميع. ومن خلال هذا الاتفاق المهم الذي تبلغ قيمته 15 مليون يورو، نعزز التزامنا بالممارسات الزراعية المستدامة، والإدارة الفعالة للموارد، بالإضافة إلى تمكين المجتمعات الريفية”.

ويرتكز المشروع على المكونات الأساسية التالية:

أولاً: تحسين القدرة الإنتاجية لعدد من المزارعين والمزارعات من خلال الدعم، وذلك عبر تحديد وتقييم سريع لسلاسل القيمة والتدخلات اللازمة، وتحديد المزارعين والمزارعات المستفيدين.
ثانيًا: زيادة توافر الأراضي الصالحة للزراعة ومياه الري والأصول الزراعية وذلك عبر إنشاء بحيرات جماعية جديدة وإعادة تأهيل بحيرات موجودة، وتحسين البنية التحتية الزراعية الصغيرة بالإضافة إلى محفزات لأصحاب الحيازات الصغيرة للاستثمار في استصلاح الأراضي، وخزانات المياه وأعمال تكميلية أخرى.

طالع المزيد:

إطلاق نار داخل مسجد في لبنان والجيش يتدخل

سفير سوريا السابق لدى تركيا: شروط أساسية قبل لقاء الأسد وأردوغان

ثالثًا: تعزيز قدرات إنتاج البذور والمدخلات الزراعية الأخرى وذلك عبر تعزيز القدرات الفنية واللوجستية لمصلحة الأبحاث العلمية الزراعية، في إنتاج البذور ذات الصلة بسلاسل القيمة التي سوف يتم اختيارها.

فيما اعتبر وزير الزراعة أن “توقيع المشروع هو بمثابة مدماك أساس في رسم صورة جديدة بين لبنان وباقي الأفرقاء، وهي تترجم اليوم من خلال الشراكة مع الاتحاد الاوروبي والفاو والـ WFPوهي عبارة عن شراكة حقيقية في العقول والتوجهات والتخطيط والتنفيذ”.
وأكد وزير الزراعة أن “المنحة التي يتم التوقيع عليها اليوم هي من أجل تعزيز قدرات المجتمعات المضيفة”، لافتاً إلى أن “لبنان اليوم هو أكثر بلد في العالم يستضيف أشقاء محبين رغم الأزمات التي عانى ويعاني منها، إلا أنه لا يزال يتقدم الدول التي تضحي وتستضيف”، كاشفاً أن “الأمور وصلت إلى ما هي عليه، لأن الجانب الإنساني يتقدم أولى أولويات الدولة اللبنانية”. مناشدًا المجتمع الدوليّ بتسهيل قرض للبنان يبلغ 200 مليون دولار ضمن خطة التعافي.

ازدواجيّة علانيّة

ومما لا شكّ فيه أن هذه الخطوة المتمثلة بتعاون عتيد بين المنظمات الإنسانيّة فضلاً عن الاتحاد الأوروبي، جاءت مفاجئة، خصوصاً كون المنظمات والبعثات الإنسانيّة قد شجبت سابقًا منهاج السّلطات اللبنانيّة في تعاطيها مع ملف اللجوء، واستنكر الاتحاد الأوروبي هذا التعاطي، وآخرها كان تصويت البرلمان الأوروبي بأغلبية ساحقة على قرار دعم بقاء اللاجئين السوريين في لبنان (إلى حين توافر شروط العودة الطوعيّة والآمنة)، وهو موقف يتماشى مع مواقف مؤتمر بروكسل قبل أسابيع، ما يفرض تساؤلاً جوهريًا: إلى أي مدى تعول المنظمات الإنسانيّة والاتحاد الأوروبي على التزام لبنان الرسميّ بهذه الاتفاقيّة، وموقفه العدائي من اللاجئين (وعدم اعترافه بهم بالمرتبة الأولى)، أو من جهة النزاهة وضمان عدم نهب هذه الأموال المُقدمة (ولبنان بسمعته المفسودة بأخبار الفساد واللا عدالة والنهب المستمر، في المحافل والمحاكم الدوليّة)؟

هذه السّؤال طرح على كل من المنظمات الحاضرة وخصوصاً منظمة الأغذية والزراعة (الفاو)، والتّي أقرت أنها ستتابع عن كثب خطوات المشروع، سواء أكان لوجيستيًا وعملاتيًا، مشيرةً إلى أن وزارة الزراعة والحكومة اللبنانيّة قد قدمت ضمانات لهذا المشروع، إلا أن الأمر الذي بقيّ مُستهجناً، أنه وبالمؤتمر نفسه، لم يبد الوزير عباس الحاج حسن، استعدادًا لتقديم هذه الضمانات، بقوله خلال كلمة الشكر والترحيب والتعريف بالمشروع، أنه يرفض تسمية اللاجئين، بلاجئين أو نازحين، بل يسميهم “ضيوفاً” ! .

وهذا الوزير نفسه المحسوب على حزب الله يرفض تسمية المقتلعين من بيوتهم وقراهم ومدنهم – بـ”اللاجئين”، بل متمسك بمصطلح “الضيوف”، أي لا يترتب على الدولة مساعدتهم، وغير مرغوب فيهم، معتنقًا السّياسة المارقة ذاتها التّي يرفدها إنكار لما حدث، والتّي يعتنقها سائر ساسة لبنان والمنتمين لمحور الممانعة والأحزاب اليمينية التّي تتناسى مسؤولية الحزب في المقتلة وجعلت السّوريين لاجئين.

ضرورة العمل

لا ننكر أن لا شائبة في نيّة المشروع الإنساني الذي أسهمت المنظمات الإنسانيّة المذكورة في صياغته وقام بتمويله الاتحاد الأوروبي، فالقطاع الزراعي المُتعثر في لبنان، يحتاج لمثل هذا البصيص من الأمل، والتحفيز المثمر لانعاشه، لكن يقع الشكّ الأكبر في جديّة ونزاهة تعاطي السّلطات مع مثل هذه المشاريع التّي لا يمكنها التربح منها مباشرةً، أو التّي تمول ثروات الفاسدين ورجال الأعمال.

زر الذهاب إلى الأعلى