إسلام كمال يكتب: الشرق الأوسط المعلق بين التطبيع السعودى والإسرائيلي وأمور أخرى!

بيان

اليوم وبعد ثلاث سنوات من الضغوط الأمريكية، عادت قضية التطبيع بين إسرائيل والسعودية تتصدر عناوين الصحافة الدولية والإقليمية، ولكن هذه المرة بجهود أمريكية حثيثة قبل الانتهابات الرئاسية المرتقبة بحجة تحقيق الاستقرار للشرق الأوسط، مع شروط سعودية وإسرائيلية جديدة، ليظل الشرق الأوسط معلقا بين التطبيع السعودى الإسرائيلي وأمور أخرى، نتابعها في تحليلات أخرى

صحيفة فايننشال تايمز الأمريكية كشفت في تقرير لها، أن الولايات المتحدة تعمل على التطبيع بين السعودية وإسرائيل بإصرار، مؤكدةً أن الرئيس الأمريكي جو بايدن أرسل أحد أقرب مستشاريه إلى العاصمة السعودية الأسبوع الماضي لمناقشة الموضوع.

وترى أوساط إسرائيلية، أن بايدن يريد التوصل إلى اتفاق بين إسرائيل والسعودية من أجل تسويقه كإنجاز في حملته الانتخابية العام المقبل.

وسائل الإعلام العبرية تناولت الموضوع بشكل كبير، مبينة أن هناك صعوبات أساسية تواجه قضية التطبيع، تنبع من رغبة السعودية في الحصول على صفقات سلاح أمريكية، واتفاق أمني شامل على غرار حلف الناتو، إلى جانب المطالبة بالحصول على ضوء أخضر لإنشاء مفاعل نووي مدني، وتحقيق مكسب ما للفلسطينيين تجمل به صورتها، وتبرر خطوة التطبيع العلنى بعد سنوات من التواصل السري، واستقبال الوفود التجارية والرياضية والدينية والتقنية الإسرائيلية في الرياض.

تُشكل هذه البنود المطلوبة من الرياض معضلة أساسية لإسرائيل تتمثل في التأثير على التفوق النوعي العسكري لإسرائيل في الشرق الأوسط، وتُثير القلق من تحول المفاعل النووي المدني إلى قاعدة لتطوير السلاح النووي في السعودية، رغم استبعاد ذلك، لدرجة ترحاب إسرائيلى ما في الفترة الأخيرة بالمطلب السعودية، خاصة وأن النموذج النووى الباكستانى الذى مولته السعودية مريح بالنسبة لتل أبيب، لكنه اجمالا سيكون الأمر الذي سيضع حداً للاحتكار النووي المنسوب لإسرائيل في المنطقة.

وقال مستشار الأمن القومي الإسرائيلي تساحي هنجبي: إن “الطريق لازال طويلا لإقامة علاقات مع السعودية”.

وصحيفة واشنطن بوست، أفادت أن الرياض تسعى للحصول على امتيازات عسكرية وأمنية كبيرة من واشنطن، تتمثل بصفقات سلاح والموافقة على إقامة محطة نووية مدنية، واتفاق أمني شامل على غرار حلف الناتو يُلزِم الولايات المتحدة بالرد على أي هجوم قد تتعرض له السعودية.

وأوضحت الصحيفة أن إسرائيل أكدت مراراً وتكراراً على لسان قادتها الحاليين والسابقين، رفضها تلبية المطالب السعودية، وخاصة فيما يتعلق بالموافقة على إقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس.

من جهته قال المختص في الشأن الإسرائيلي عدنان أبو عامر: إنه لا زال أمام اتفاق التطبيع السعودي الإسرائيلي طريق طويل ومليء بالعقبات، بما في ذلك مطالب المملكة بتقديم تنازلات من إسرائيل تجاه الفلسطينيين، رغم التراجع السعودى في هذا البند مقارنة بما سبق.

وأضاف أنه حتى في أبسط هذه التنازلات فإن نتنياهو سيجد صعوبة في الموافقة بسبب المعارضة الشديدة لشركائه في الائتلاف الحاكم.

بدوره علق رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي تساحي هنجبي، على أنباء قرب التوصل لاتفاق تطبيع بين السعودية وإسرائيل بالقول: “إن طلبات السعودية هي من الولايات المتحدة، والولايات المتحدة مستعدة لدفعها مقابل الاتفاق، وهذه معضلة أمريكية”.

وأضاف هنيجبي: “لا ندرك ما الذي يحدث في أروقة السعودية وأمريكا، هناك مواضيع تحتاج إلى مصادقة الكونجرس الأمريكي، وليست لنا علاقة، والأمريكيون لن يتقدموا في هذا الموضوع أمام السعودية بدون إجراء اتصالات وثيقة مع إسرائيل”.

وأشار هنجبي إلى أن هناك مشكلة في طلب السعودية إنشاء مفاعل نووي مدني، تتمثل هذه المشكلة في احتمالية استغلاله لهدف التوصل إلى قدرات عسكرية، موضحاً أن إسرائيل ستحتاج إلى بضعة أشهر على الأقل للتوصل إلى حل لهذه المشكلة.

وقال المختص في الشأن الإسرائيلي صالح النعامي: إنه “منذ أيام يشن قادة المعارضة ومسؤولون عسكريون في إسرائيل حربًا شعواء ضد فكرة السماح للسعودية بتخصيب اليورانيوم على أراضيها حتى لو كان ضمن برنامج سلمي، لأن السماح لها بذلك يفتح الطريق أمام تمكينها من تخصيب اليورانيوم لأغراض عسكرية”.

وأضاف النعامي، أن “إسرائيل تخشى من أن تمكين السعودية من تخصيب اليورانيوم بقدراتها الذاتية سيؤجج سباقا نوويا يمكن أن تنضم له تركيا ومصر، وبكلمات أخرى فإن محاولة السعودية تخصيب اليورانيوم على أراضيها سيحولها إلى إيران ثانية في نظر إسرائيل”.

وأكد النعامي أن الإسرائيليين متفقين على رفض التطبيع في حال ارتبط بسلوك الرياض مسارًا يمكن أن يغير موازين القوى في المنطقة، فإسرائيل تريد مطبعين عرب بدون أسنان، وفق تعبيره.

من جهته اعتبر وزير الخارجية الإسرائيلي إيلي كوهين أن منح الولايات المتحدة الأميركية ضماناً للدول العربية بالدفاع عنها ضد ما سمّاه عدوانًا إيرانيًا سيجعل الطموحات النووية العربية غير ضرورية.

وقال كوهين في مقال بصحيفة “وول ستريت جورنال”، إن حصول إيران على السلاح النووي سيدفع دولًا مثل السعودية وتركيا ومصر لتعزيز قدراتها الدفاعية، مما قد يُدخل الشرق الأوسط بأكمله في دائرة الصراع.

و حذر تقرير إسرائيلي من أن التطبيع بين تل ابيب والرياض سيفتح الباب أمام التسلح العسكري النووي في المنطقة.

وأفادت صحيفة “مكور ريشون” الإسرائيلية: إن اتفاق التطبيع بين إسرائيل والسعودية سيكون له تأثير كبير على مستقبل الشرق الأوسط ولكن ليس بالضرورة إلى الأفضل.

وأشارت الصحيفة إلى أن اتفاقيات السلام والتطبيع مع الدول العربية لا تضمن سلاماً حقيقياً بين الأمم، بل هي بالأساس “اتفاقيات جافة” بين القيادة الإسرائيلية والحكام في الدول العربية، علاوة على ذلك، أثبتت أحداث “الربيع العربي” أن الحكام يمكن أن يسقطوا من حكمهم بضربة واحدة.

ولفتت الصحيفة، إلى أنه بعد اتفاقيات “أبراهام” كشفت وسائل الإعلام الإسرائيلية أنه كجزء من الاتفاقات، وافقت إسرائيل على توريد طائرات F35 الأمريكية المتطورة إلى الإمارات، وكان من الممكن أن يضر هذا الاتفاق بالتفوق الجوي الإسرائيلي والذي تم تعريفه على أنه حجر الزاوية في سياسة الأمن القومي لإسرائيل.

وكشفت الصحيفة أنه في ضوء الحديث حول الاتفاقيات الجديدة، لم يكن هناك أبدًا نقاش عام شامل حول المخاطر المحتملة، وحذرت من سيناريو مشابه وربما في قضية ذات احتمال ضرر أكبر بكثير وهو النووي السعودي الذي سيجر المنطقة لسباق تسلح نووي، وفق ترويجهم.

وفي المقابل، قال رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، إن بلاده “ليست في حالة حرب مع إسرائيل”، لكنه أكد أنه على إسرائيل التوصل إلى اتفاق سلام مع الفلسطينيين.

وردا على سؤال حول صفقة سعودية أمريكية إسرائيلية محتملة، أشار خلال جلسة أسئلة وأجوبة بعد خطاب ألقاه في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية في سنجافورة، إلى أن “موقف قطر بشأن أي اتفاق من هذا القبيل ظل ثابتا لسنوات”.

وتابع: “لم نسمع أي شيء رسميا عن أي محادثات بشأن السعودية وإسرائيل، ولكن في نهاية المطاف، تحتفظ قطر بنفس الموقف، وهو أن قرارات السياسة الخارجية لكل دولة عضو في مجلس التعاون الخليجي تعتمد على تقييمها الخاص”، في إشارة منه إلى مجلس التعاون الخليجي، الذي يضم بين أعضائه البحرين والإمارات العربية المتحدة، اللتين أقامتا علاقات دبلوماسية مع إسرائيل في عام 2020 بموجب “اتفاقيات إبراهيم”.

وأضاف رئيس الوزراء القطري أن “قطر تعتقد أن أفضل طريق للمضي قدما هو مبادرة السلام العربية التي طرحتها المملكة العربية السعودية عام 2001، وعرضت من خلالها التطبيع الكامل بين الدول العربية وإسرائيل في حال انسحاب الأخيرة من الضفة الغربية وغزة ومرتفعات الجولان، وسمحت بإقامة دولة فلسطينية ذات سيادة”.

فهل نأتى للوقت الذى تقود فيه الدوحة مع الجزائر، معسكر المناوءة ضد التطبيع الكامل مع إسرائيل.

اقرأ أيضا للكاتب:

إسلام كمال يكتب: تأثير الانقلاب في النيجر على مصر 

إسلام كمال يكتب: تجربة غير تقليدية بالمرة .. غدا الآن لمباغتة الافتراضيين !

زر الذهاب إلى الأعلى