طارق صلاح الدين يكتب: طوفان الأقصى إلى أين؟ (3)
بيان
دخلت عملية طوفان الأقصى اسبوعها الخامس تحت شعار لاجديد على كل الساحات والجمود لجميع المواقف والأطراف اللهم إلا بعض الفعاليات التى لاتؤثر جديا على سير الأحداث ولكن أبرزها تصريح المندوب الروسي في الأمم المتحدة بأن إسرائيل سلطة احتلال وليس لها الحق في الدفاع عن نفسها وهو المبرر الذى ساقته أمريكا ومعها الدول الأوروبية لمساندة إسرائيل.
والآن نستعرض مواقف كافة أطراف الصراع فى حرب غزة التى أسفرت عنها عملية طوفان الأقصى فى أسبوعها الخامس:
الطرف الأول هو الإسرائيلى الذى بات في موقف يزداد صعوبة يوميا فهو بين فكى الكماشة حيث لاتحقيق لأى إنجاز عسكرى ومواجهة الانتقادات الدولية الواسعة مع بقاء بنك الأهداف الأساسية خالى من أى رصيد فلا الأسرى لدى حماس تم تحريرهم ولا خطت إسرائيل خطوات ملموسة في القضاء على حركة حماس ولا سيطرت على قطاع غزة ولا حتى أسرت جندى واحد من حماس وحتى ورقتها الأخيرة فى بنك الأهداف وهى الاجتياح البرى لقطاع غزة تمضى ببطء شديد ودون دخول مدينة واحدة من مدن قطاع غزة.
على الطرف المقابل نجد بنك أهداف حركة حماس يزداد رصيده يوما بعد يوم وعلى رأس هذه الأهداف الاحتفاظ بهذا العدد الضخم من الأسرى الإسرائيليين والحفاظ على حياتهم قدر الإمكان في أجواء محرومة فيها من الماء والغذاء والكهرباء والدواء.
الرصيد الثانى فى بنك أهداف حماس هو الأداء النوعى العسكرى غير المسبوق حتى فى حروب العصابات وقمته المسافة صفر فمقاتل حماس لم يعد يكتفى بالقصف على بعد أمتار قليلة، أو إسقاط قنابل على تجمعات الجنود الإسرائيليين من أعلى، أو حتى التسلل خلف خطوط العدو، بل يصل إلى الدبابة الإسرائيلية ويضع عليها العبوة الناسفة من المسافة صفر، ثم يمضى تاركا الدبابة تنفجر بمن فيها.
هدف أخر حققته حماس بنجاح وهى انتزاع اعترافات أمريكية بعدم قيام مقاتلوا حماس بالتعرض لشاحنات المساعدات أو الاستيلاء عليها.
ويبقى استثمار حماس لخروج إسرائيل عن كل قواعد القانون الدولي بقصف المستشفيات والمدارس وسيارات الإسعاف وهو مادفع الأمين العام للأمم المتحدة إلى إصدار بيان رسمى بأنه أصبح يشعر بالرعب من مشاهد القصف الإسرائيلية.
بالمجمل يعتبر موقف حماس هو الأفضل على الإطلاق حتى هذه اللحظة بثباتها على تحركها في السابع من أكتوبر وما تلاه من أحداث.
ولايمكن أبدا فصل الموقف الأمريكى عن الموقف الإسرائيلى، وإن كان بالطبع يليه في جدول الأسؤ حيث أن الأمريكى بات جزءا من الهجمات الموجهة ضد إسرائيل بتعرض القواعد الأمريكية في العراق وسوريا لمزيد من القصف الذى ينال من الهيبة الأمريكية ويسطر واقعا جديدا بإعلان الميلشيات العراقية التابعة لإيران، ضرورة تحرير العراق كاملا من القواعد الأمريكية.
ولا يقل الإخفاق الأمريكى على المستوى الدبلوماسي عنه على المستوى العسكرى، فبعد زيارة الرئيس الأمريكى التى خلت من لقاء رئيس عربى واحد، وزيارة وزير الخارجية بلينكن الأولى الفاشلة للمنطقة تأتى الزيارة الثانية لبلينكن التى لاتقل فشلا عن الزيارة الأولى ولاتسجل هدفا واحدا تم تحقيقه حتى على مستوى لقاء بلينكن بوزراء الخارجية العرب.
الطرف الرابع فى الصراع وهو إيران ووكلاءها في المنطقة العربية يبدو واضحا أنهم يعلمون جيدا ماذا يفعلون، وتلعب الدبلوماسية الإيرانية دورا قويا جدا على الساحة باتصالات امتدت من تركيا إلى قطر إلى مصر إلى السعودية، مرورا بسوريا ولبنان وهى قدرة على التواصل مع جميع الأطراف الفاعلة متفوقة حتى على الدبلوماسية الأمريكية.
أما الوكيل الإيراني الأول وهو حزب الله فقد أطل أمينه العام حسن نصر الله بخطاب انتظره الجميع طويلا وتابعه الجميع بشغف، وانقسمت الأراء حوله بين معارض له لايراه على مستوى مجازر غزة، ومؤيد يرى أن نصر الله يدرك المسافة الحقيقية بين الوضوح والغموض فى كل مايقوله ويفعله.
بالطبع كانت هناك عدة نقاط أصاب التوفيق فيها تماما ماذكره نصر الله بشأن ماحققته عملية طوفان الأقصى من فرض القضية الفلسطينية بقوة من جديد على أجندة اهتمامات العالم، وتحريك ملف الأسرى ومنع العبث بالأقصى.
ولكن فى قناعاتى الشخصية أجد حسن نصر الله قد خالف الحقيقة فى ماذكره بشأن عدم علم أى طرف مقاوم بعملية طوفان الأقصى، وأرى بمنتهى اليقين أن إيران وحزب الله كانا على علم تام بهذه العملية وتنسيق كامل مع حماس والجهاد الإسلامي.
أما النقطة الأهم فى خطاب نصر الله فهى كلماته الواضحة بشأن وجود حزب الله فى حرب غزة منذ يوم ٨ أكتوبر وأنه بالفعل يشعل جبهة مع إسرائيل، وأن تصعيد هذه الجبهة متاح فى أى وقت دون أن يحدد بالطبع متى هذا الوقت.
يتبقى الطرف الأخير والذى يحتل المركز الأخير منذ 7 أكتوبر وحتى الآن وهو قادة الدول العربية الذين يسجلون وبجدارة رقم صفر فى بنك أهدافهم، وإن كان هناك بعض التباين في مواقفهم مما جعل بعضهم يتصدر هذا المركز الأخير مثل الأردن والبحرين باصدارهما قرار سحب السفراء من إسرائيل وطرد السفراء الإسرائيليين لديهما بينما تقف الإمارات العربية المتحدة والسعودية فى ذيل المركز الأخير دون أى إجراء يتعلق بحرب غزة.
وهكذا فإن شعار لاجديد كما ذكرت في بداية هذا المقال كان عنوان هذا الأسبوع من حرب غزة مع بقاء كل طرف فى مركزه الذى يحتله منذ بداية الحرب.