طارق صلاح الدين يكتب: طوفان الأقصى إلى أين؟ (4)

بيان
دخلت عملية طوفان الأقصى أسبوعها السادس وسط تطورات نوعية غلبت على جميع أطراف الصراع فى آليات التحرك وإن ظلت المربعات ثابتة دون تعديل.
ولنبدأ بإسرائيل التى يبدو أنها أخيرا اقتنعت بأسلوب الحرب الأمريكى فى العراق فنقلته بحذافيره إلى غزة ويتمثل هذا الأسلوب في الدخول إلى المناطق المكشوفة وتمشيطها جويا ثم التوغل الحذر وصولا للمدن ومحاصرتها دون اقتحامها ثم استكمال التوغل لمدينة أخرى وحصارها دون دخولها وصولا إلى مدينة غزة وهى أهم مدن القطاع والتى قررت القوات الإسرائيلية المضى قدما وحثيثا فيها للسيطرة عليها وإعلان سقوط غزة مما يسبب انهيارا لباقى المدن.

ولكن على الأرض نجد الدبابات الإسرائيلية تواجه مقاومة عنيفة من فصائل المقاومة الفلسطينية أجبرتها على الكر والفر داخل المدينة دون الحصول على إنجاز عسكرى على الأرض وكلما زادت حدة المقاومة تصاعد القصف الإسرائيلى على كافة أنحاء قطاع غزة.

بالمجمل لا إنجاز عسكرى لإسرائيل على الأرض فلاهى نجحت فى القضاء على حماس ولا أطلقت سراح الأسرى الذين يتساقط منهم قتلى بإستمرار بنيران القصف الإسرائيلى.

وبينما يتشدد نتنياهو والقادة العسكريين فى رفع سقف الأهداف فإنهم بعد 35 يوما لم يحققوا هدف سواء صغر أو كبر.

والمثير للدهشة أن الجيش الإسرائيلي بدأ يتحدث عن اغتيال قادة لحماس وكأنه يحقق انتصارات عسكرية متناسيا أن هذا الاستهداف كان يتم منذ سنوات طويلة ولم تكن إسرائيل بحاجة لاقتحام القطاع لتحقيقه.

على الجانب المقابل نجد حماس وبكل صلابة تحتفظ بالأسرى وتتصدى بعمليات نوعية مصورة وموثقة بالإعلان عن تدمير ١٣٠ دبابة وجرافة إسرائيلية وتلقى بظلال شك كثيفة على الأرقام التى يعلنها الجيش الإسرائيلي عن أعداد قتلاه.

التطور الثانى القديم الجديد هو إستمرار المقاومة الفلسطينية في قصف المدن والمستوطنات الإسرائيلية برشقات الصواريخ لليوم الخامس والثلاثون وبانتظام شديد لم يتأثر أبدا بالحصار الإسرائيلى الشامل للقطاع.

وتظهر الفصائل مقدرة رهيبة على عدم إختراق اتصالاتها رغم دخول طائرات مسيرة أمريكية فائقة الدقة في تتبع أى مصدر للإتصالات لتتبعه ومعرفة أماكن الرهائن أو تحديد مواقع الأنفاق.

ويضيف الأمريكى إلى فشله هذا فشلا إضافيا بكثرة استهدافات أذرع إيران في العراق وسوريا لقواعده العسكرية رغم الرد الأمريكى على القصف السابق بهجمات طيران على قواعد للحرس الثوري الإيراني في سوريا.

ويبدو أن أمريكا أخذت على محمل الجد تصريحات الأمين العام لحزب الله اللبناني حسن نصر الله والتى أكد فيها استعداد حزب الله لمواجهة حاملات الطائرات الأمريكية، فقام الأمريكى بإرسال غواصة نووية لحماية هذه الحاملات ومراقبة كل تحركات حزب الله على مختلف الأعماق.

وشهد الموقف الإيراني تحولا ضخما بإعلان وزير الخارجية الإيراني أن اتساع نطاق الحرب لامفر منه وذلك على الرغم من إعلان أمريكا الثابت بأنها لا ترغب فى ذلك مطلقا.

الحوثى فى اليمن أعلن عن حضوره بقوة بإسقاط طائرة مسيرة فائقة القدرة علي التجسس وأجبر الأمريكى على إعلان قلقه الشديد من إسقاط المسيرة.

أما القادة العرب فإنهم فى موقف لايحسدون عليه فقد تحركوا بعد خمسة وثلاثون يوما من مجازر وحصار وتهجير واستهداف وقتل آلاف النساء والأطفال فيما يبدو للكثيرين وأنها كانت مهلة الخمسة وثلاثون يوما الممنوحة لإسرائيل لتحقيق أهدافها.

وتقابل الشعوب العربية هذه القمة العربية المرتقبة غدا فى الرياض بلا أمل في اتخاذ القادة العرب موقف يفرض وقف إطلاق النار أو إدخال المساعدات الإنسانية دون قيد أو شرط إلى غزة.

الأمر الأخير الذى تردد أخيرا بكثرة ويثير الإستغراب هو الإعلان الأمريكى الإسرائيلى عن وضع غزة بعد الحرب والذى بالطبع لا وجود فبه لحماس.

وأرى أن ذلك أمر مثير للسخرية لأن إسرائيل لاتملك رفاهية تحديد مستقبل هى عاجزة عن إقرار حاضره لأن ذلك وببساطة يعنى ثقة إسرائيل التامة في كسر حماس ومسحها من الوجود وهو الأمر الذى لم تحقق فيه إسرائيل على مدى خمسة وثلاثون يوما تقدما به ولو بنسبة ضئيلة والذى أستبعد تماما إمكانية حدوثه.

ولاتزال الأيام القادمة حبلى بالأحداث التى تنتظر الجميع.

اقرأ أبضا:

 طارق صلاح الدين يكتب: طوفان الأقصى إلى أين؟

طارق صلاح الدين يكتب: طوفان الأقصى إلى أين (2)

طارق صلاح الدين يكتب: طوفان الأقصى إلى أين؟ (3)

زر الذهاب إلى الأعلى