طارق صلاح الدين يكتب: طوفان الأقصى إلى أين؟ (13)
بيان
فى ظل تأهب عملية طوفان الأقصى لاستقبال شهرها الرابع، شهدت الساحتان السياسية والعسكرية تطورات بالغة الأهمية يأتى على رأسها قيام سلاح الجو الإسرائيلي باغتيال صالح العرورى نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس وأحد أبرز قادة الفصائل الفلسطينية على الإطلاق وهو حادث ألقى بظلال كثيفة على مدلولاته الضخمة والتى تبدأ من فتح باب استهداف قيادات حركة حماس خارج فلسطين المحتلة وإن كانت الرسالة الإسرائيلية هذه المرة تعبر عن تحدى مزدوج لحماس ولحزب الله معا، فقد تم الاغتيال فى مقر حركة حماس بالضاحية الجنوبية لبيروت وهى معقل حزب الله اللبناني التى أرادت إسرائيل أن تبلغه بأن استهداف قياداته هو الآخر ليس بعيدا عن يدها.
أما علاقة حادث اغتيال العرورى بحرب غزة فتتمثل فى فشل عسكرى إسرائيلى ذريع في تحقيق هدف واحد من أهداف الحرب والتغطية على هذا الفشل بتحقيق نصر معنوى لجيش الدفاع الإسرائيلي، ورسالة طمأنة للشعب الإسرائيلى بقدرة الجيش على الوصول لجميع قيادات حماس في مختلف أنحاء الوطن العربي.
وتجنبت إسرائيل تماما استهداف قيادات حركة حماس فى قطر التى تلعب دور الوسيط الرئيس إلى جانب مصر بين إسرائيل وحماس، وكذلك تجنبت استهداف قيادات حماس في تركيا التى أعلنت مسبقا تحذيرها للموساد من استهداف قيادات حماس في تركيا مهددة برد فعل تركى عنيف فى حالة حدوث ذلك.
وتمثل المدلول الثانى لاغتيال العرورى فى فشل إسرائيل الصارخ في استهداف قيادات حماس داخل قطاع غزة وعلى رأسهم الثنائي الشهير يحيى السنوار ومحمد الضيف ومحاولة إسرائيل تغطية هذا الفشل باغتيال العرورى الذى فى حقيقة الأمر أبرز قيادات حماس في الضفة الغربية.
وأما المدلول الثالث فيتمثل فى توصيل رسالة للسلطة الفلسطينية فى رام الله بأن إسرائيل لن تسمح بأى تصالح بين فتح وحماس باعتبار العرورى أحد أبرز رموز المصالحة وتوحيد الصف الفلسطيني.
المدلول الرابع لعملية اغتيال العرورى هو رسالة إسرائيل إلى حكومة لبنان وشعبه بأن أى مكان في لبنان ستصل إسرائيل إليه فى حالة توسيع حزب الله لرقعة الصراع مع إسرائيل وفتح المجال للحرب الشاملة.
تزامن هذا الحادث مع خلافات عميقة طفت على السطح بين إسرائيل والإدارة الأمريكية بعد تصريحات الوزيرين الإسرائيليين بن جفير وسيموترتش، والتى تضمنت خطة لتهجير أهالى قطاع غزة إلى أوروبا وتكليف تونى بلير رئيس وزراء بريطانيا الأسبق بالإشراف على تنفيذ هذه الخطة.
وزادت هوة الخلافات بعد اغتيال العرورى الذى أعلنت إسرائيل أنها لم تبلغ الولايات المتحدة الأمريكية به إلا فى لحظة تنفيذه وهو ما أدى الى رد الفعل الأمريكى الذى تمثل في تأجيل زيارة وزير الخارجية الأمريكي إلى الإثنين القادم وسحب أبرز حاملات الطائرات الأمريكية من شرق البحر المتوسط.
ولم تترك فرنسا هذا الأمر يمر دون تحذير إسرائيل من رفع التصعيد في لبنان.
أما بريطانيا فقد اكتفت بالصمت تماما تجاه إغتيال صالح العرورى واكتفت بالإعلان عن مساندتها التامة لبريطانيا في البحر الأحمر ضد الحوثيين الذين أطلقوا اليوم صواريخ باتجاه سفينة تحمل علم مالطا ليعلنوا استمرارهم في إغلاق البحر الأحمر أمام الملاحة المتجهة إلى ميناء إيلات الإسرائيلى.
كذلك قامت إيران بإرسال إحدى مدمراتها البحرية إلى البحر الأحمر لدعم الحوثيين وإبلاغ الغرب بأنه ليس وحده فى البحر الأحمر وأن إيران لن تتخلى عن حلفائها.
وأعلن الحوثيون من جهتهم أن اغتيال صالح العرورى دليل واضح على فشل إسرائيل فى غزة.
على الساحة الفلسطينية جمدت حماس تماما مفاوضات تبادل الأسرى مع إسرائيل بعد اغتيال صالح العرورى إلى أجل غير مسمى وكذلك قامت مصر بإبلاغ إسرائيل بتجميد دورها كوسيط بين حماس وإسرائيل بعد اغتيال العرورى.
ويبدو أن إسرائيل لاتلتفت كثيرا فى هذه المرحلة إلى ملف الأسرى الذى يراه نتنياهو ضاغطا عليه بشكل كبير يعوق حريته فى تدمير قطاع غزة.
وأعلن الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية إضرابا شاملا اليوم فى جميع مدن ومخيمات وبلدات الضفة الغربية حدادا على استشهاد صالح العرورى الذى يعتبر أحد أبرز رموز الضفة الغربية.
ونعت قيادات السلطة الفلسطينية صالح العرورى وأكدت أنه ليس رمزا لفصيل فلسطينى بل رمز لكل فلسطين.
وكالعادة أعلنت إسرائيل أنها مستعدة لكل سيناريوهات تصعيد الحرب ورفعت حالة التأهب القصوى بين صفوف الحيش الإسرائيلى مع إعلان حزب الله اللبناني أن اغتيال صالح العرورى لن يمر دون رد.
وأرى أن الأيام والأسابيع القادمة ستشهد تطورات بالغة الأهمية في حرب غزة على كافة الجبهات التى أصبح القتال يشملها جميعا دون استثناء.