القس بولا فؤاد رياض يكتب: بميلاد المسيح خليقة جديدة مؤهلة للملكوت
بيان
“إن كان أحد في المسيح فهو خليقة جديدة” ( ٢كو ١٧:٥)
جاء ميلاد السيد المسيح بسيطاً في شكله غاية البساطة ، إذ لا نرى سوى طفل فقير مولود في مذود للبهائم ، هذا بحسب النظرة البشرية ، ولكن بحسب النظرة الإلهية ، فقد كان أعظم حدث يتم على أرضنا.
لقد استطاع الله بهذا الميلاد أن يُعيد من جديد صورة البشرية الجديدة البهية.
ونحن إذا انتبهنا إلى المرمى البعيد لحدث الميلاد فإننا نجد أن الوضع بالنسبة للإنسان قد انقلب من النقيض إلى النقيض ، من العداوة مع الله إلى المصالحة ، ومن الموت إلى الحياة ، ومن مملكة الظلمة إلى ملكوت الله.
كانت حالة الفرقة بين الله والإنسان هوة سحيقة لا يمكن عبورها ، ولكن المسيح عندما رضى أن يأخذ جسد بشريتنا فقد جعل حياته مغروسة بجذورها الإلهية في طبيعتنا البشرية المولودة جديداً من الله كنوع من الإلتحام الأبدي بين الله والإنسان لنكون واحداً معه ، وبهذه الوحدانية نتخطى حاجز الزمن ، فنأخذ حق التبني لله وحق امتلاك ميراث البنين منذ الآن ، بل منذ اللحظة الأولى لميلادنا الثاني من فوق.
وهكذا بميلاد المسيح ، عاد السلام والحب بين الله والإنسان ، بعد فراق طويل ، وبدلاً من حالة العبودية والمذلة التي كان واقعاً فيها الإنسان وهو أسير في يد سلاطين الشر ، تغير الوضع وصار الآن أسير حب الله ونعمته وحياته مؤهلاً لملكوت الله ، لأن حياة الله فيه صارت قوة حياة جديدة سارية المفعول ، قوة غالبة على الدوام ، غالبة كل ضعف ، وقصور وعجز من جانب الإنسان أمام سطوة الخطية ، وبدأت البشرية في خلقتها الجديدة الموهوبة لها من الله تذوق ثمرة ميلاد السيد المسيح بجسد إنساني كامل ، كأحلى ثمرة يذوقها الإنسان بعد مرارة البُعد عن الله والتيه والإنفصال ، بل وصار ميلاد السيد المسيح هو الطريق الوحيد لتحقيق غاية رجاء الإنسان ومسعاه لإمتلاك ميراث ملكوت الله.
إذاً لم يأتي ميلاد السيد المسيح في مذود للبهائم مصادفة ، بل هو فعل إلهي مقصود قصداً ، إنه نزل إلى حضيض بؤس البشرية ، التي انحدرت إلى مستوى غير لائق بالأدمية ، حتى يرفعها معه إلى علو السماء وأمجاد الأبدية.
كل عام وأنتم بخير.
……………………………………………………………….
كاتب المقال: كاهن كنيسة مارجرجس المطرية القاهرة