ماذا عن انتقام أمريكا لمقتل جنودها عند “البرج 22”؟.. بايدن لن يذهب أبعد من ذلك
سوريا من: أشرف التهامي
مقتل ثلاثة جنود أمريكيين في الأردن، وبالتحديد في نقطة عسكرية تعرف باسم “البرج 22” جرح فيها أيضًا أكثر من 40 جنديًا أمريكيًا أخر بهجوم نفذته طائرة مسيرة باتجاه واحد (انتحارية)، وتبنته فصائل المقاومة الاسلامية في العراق.
جاء الرد الأمريكى، حيث نفذت الولايات المتحدة قبل أكثر من أسبوع غارات جوية واسعة النطاق في سوريا والعراق على الشريط الحدودي المحاذي لسوريا.
وجاءت هذه الهجمات بعد تهديدات أطلقها مسؤولون من واشنطن على مدار أيام، لكن الهدف الذي حققته بقي محط تساؤل، خصوصًا أن فصائل المقاومة الإسلامية استمرت بنهجها في استهداف القواعد الأمريكية بالمنطقة، ما أظهر غارات واشنطن على أنها لم تحقق الهدف المرجو منها.
توعد بايدن
وفى مؤتمر صحفي جمع الرئيس الأمريكى جو بايدن، بالملك الأردني عبد الله الثاني، الاثنين 12 فبراير، قال بايدن، إن القوات العسكرية الأمريكية ضربت أهدافًا في العراق وسوريا، ردًا على مقتل جنود أمريكيين، معلنًا أن الرد لم ينتهِ، وستستمر الضربات.
وفي 28 يناير الماضي، استهدفت أمريكا عبر سلسلة من الضربات 85 موقعًا في سوريا والعراق، ردًا على مقتل جنودها الذى اتهمت إيران بالضلوع فيه.
لن يذهب أبعد من ذلك
العقيد جو بوتشينو مدير الاتصالات السابق في القيادة المركزية الأمريكية (سينتكوم)، كتب في موقع “Real Clear Defence” الأمريكي، المتخصص بالشؤون العسكرية، أن الرد الأمريكي على مقتل الجهود بين سوريا والأردن “لن يذهب أبعد من ذلك”.
وانتقد بوتشينو تعاطي بلاده مع مقتل جنودها، معتبرًا أن الرد لم يكن كافٍ، ولم يستهدف أي شخص إيراني، أو مصالح إيرانية في المنطقة، أو أي سفن إيرانية في البحر الأحمر.
ونظرًا للشروط التي لم تحققها الغارات، بحسب بوتشينو، فإن هذه الضربات ستفشل في نهاية المطاف في إعادة ترسيخ الردع والمصداقية الأمريكية في الشرق الأوسط.
وبالنسبة للعقيد الأمريكي، فإن الرد على الهجوم في الأردن كان من المفترض أن يكون مختلفًا، مشيرًا إلى أنه جاء كرد فعل تكتيكي على حادثة معينة، ولم يكن ضمن استراتيجية شاملة لمواجهة ما وصفه بـ”نفوذ إيران الخبيث في المنطقة”.
ردود أمريكية “جوفاء”
العقيد جو بوتشينو اعتبر أن التركيز على الجماعات الوكيلة لإيران” بحسب وصفه “في العراق وسوريا لا يعالج “القلب المظلم للفوضى والعنف”، إذ سيعيد “الحرس الثوري الإيراني” تجهيز صفوف هذه المجموعات في غضون أسابيع، وستستمر حلقة ردود الفعل من الهجمات على القوات الأمريكية التي تليها ردود أمريكية “جوفاء”.
وصايا بوتشينو
وأوصى بوتشينو في حال كانت واشنطن تحتاج لاستعادة قوة الردع، بأن تضرب أهدافًا تهتم بها إيران، مثل: “قادة الحرس الثوري الإيراني”، والقواعد العسكرية الإيرانية، وسفن التجسس الإيرانية التي تتسكع في البحر الأحمر لأكثر من عقد من الزمان، (حسب قوله).
على أمريكا أن تغادر
نشرت وكالة “بلومبيرج” الأمريكية مقالًا اليوم، الثلاثاء 13 من فبراير، كتبه أندرياث كلوث، المتخصص في شؤون الدبلوماسية الأمريكية والأمن القومي والجغرافيا السياسية، جاء فيه أنه بمجرد تسوية الأزمة في غزة، يتعين على أمريكا أن تنسحب من المنطقة، حتى تتمكن من الحفاظ على قدرتها في أوروبا وآسيا.
كلوث يرى أن ما يجعل الوجود الأمريكي في الشرق الأوسط ذا أهمية خاصة هو أنه يمثل نقاشًا أكبر حول دور أمريكا في العالم، ويطرح سؤالًا فيما إذا كان على الولايات المتحدة أن تظل قوة مهيمنة، تستخدم زعامتها للحفاظ على قدر ضئيل من النظام العالمي، أم ينبغي لها أن تخفض نفقاتها حتى تتمكن من التعامل مع مشكلاتها الخاصة، فتترك عالمًا متعدد الأقطاب وفوضويًا على نحو متزايد لسياسات القوة غير المقيدة.
كما نشر دانيال ديبيتريس، الباحث الزميل في مركز “أولويات الدفاع” الأمريكي في ديسمبر 2023، دراسة خلص فيها إلى أن الانسحاب الأمريكي من كامل الشرق الأوسط هو الخيار الصحيح لعدة عوامل أبرزها أن القوات الأمريكية في سوريا والعراق معرضة لخطر كبير طالما ظلت منتشرة هناك.
ويعتقد ديبيتريس أن تنظيم “الدولة الإسلامية” الارهابي لم يعد منظمة متماسكة تهدد الولايات المتحدة، وهو السبب الظاهري للانتشار الأمريكي في سوريا والعراق، لكن لا تبرر بقايا التنظيم الارهابي وجود قوات أمريكية دائمة في سوريا والعراق.
وتستهدف التهديدات غير المرتبطة بالتنظيم الارهابي، مثل المقاومة الاسلامية والقوات الايرانية، المواقع الأمريكية، ما يؤدي في بعض الأحيان إلى انتقام عسكري أمريكي فشل في ردع الهجمات، وهو ما يوضح أن تكاليف نشر القوات الأميركية إلى أجل غير مسمى في سوريا والعراق تفوق الفوائد.
طموح إيراني
هذا وقد خرج بات رايدر، السكرتير الصحفي لوزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون)، متهمًا وكلاء إيران باستغلال “الحرب” الدائرة في غزة لدفع أمريكا نحو الانسحاب من سوريا والعراق مع ارتفاع وتيرة الاستهدافات للقواعد الأمريكية في المنطقة.
وأضاف في مؤتمر صحفي مسجل نشره “البنتاجون”، في 27 من نوفمبر 2023، أن وكلاء إيرانيين يحاولون الاستفادة من الحرب في غزة لتحقيق أهدافهم الخاصة.
وفي حالة العراق وسوريا، تطمح هذه الجماعات منذ فترة طويلة لرؤية القوات الأمريكية تغادر، بحسب رايدر، مشيرًا إلى أن وجود قوات بلاده في العراق جاء بدعوة من الحكومة العراقية، ويركز فقط على هزيمة تنظيم “الدولة”الارهابي، دون الإشارة إلى مبررات انتشارها في سوريا.
كما اعتبر رايدر أن الحرب الدائرة في فلسطين تم احتواؤها، لكن وكلاء إيران مستمرون بمحاولات استغلال الموقف.
وفي حديث سابق لموقع “عنب بلدي” المعارض للنظام السورى، قال آرون لوند، الباحث في الشأن السوري بمركز “Century International”، إنه من المؤكد أن كلا الجانبين يريد خروج الآخر من سوريا، ولكن بعد عملية “طوفان الأقصى” التي أطلقتها “حركة المقاومة الإسلامية” (حماس) ضد إسرائيل، ظهرت قضايا أخرى على المحك.
وأضاف أن إيران وحلفاءها، بمن فيهم الدولة السورية والمقاومة الاسلامية ، يحاولون الضغط على الولايات المتحدة لإجبارها على كبح جماح إسرائيل في غزة، إذ لا يتعلق التصعيد الحالي في المقام الأول بطرد الولايات المتحدة من سوريا، على الرغم من أن ذلك قد يكون النتيجة من الناحية النظرية.