د. عصام المغربي يكتب: الأزمة الحقيقية لمفهوم التربية
بيان
حقًّا إن لدينا أزمة بمفهوم التربية، فالأم والأب قد لايربون أبنائهم، بل يقومون على حاجتهم المادية فحسب؛ فالمعنى المقصود بالتربية هو تزكية النفوس ونماء الخير بداخلهم، وزيادته وهذا لن يتحقق إلا بمشاركة كلا الوالدين، إذ لايستطيع احد هما أن يسد مكان الآخر.
إن طبيعة المتطلبات المادية لاتنتهي؛ وبالتالي طاقة الأب تستفذ في الخارج سعيا منه لتوفير تلك المتطلبات، غافلاً هو والأم عن الحاجات الأولية لأطفالهم؛ فالأسرة في الوقت الحالي تحتاج إلى تعزيز قيمة الإنسان قبل ؛ وبالتالي على الوالدين تحديد متطلباتهم وكيف لا تتأثر بالنمط المجتمعي في السعي خلف المادة.
ويُعتقد أن دور الأم أهم من دور الأب ثقافيًّا في عملية التعلم؛ فهي تقوي شخصية أولادها وتحافظ عليهم، كما يُعتقد أن الأم هي من يقع على عاتقها الدور الأكبر في التربية وتعليم الأبناء، بحيث تقوم بمساعدة أبنائها في مراجعة الدوروس وحل الواجبات، وتحضير الدروس الجديدة، ولايمكن إغفال اختلال تأثير ضغوط الحياة في توزيع أدوار الوالدين وتمكن أحدهما من إدارة المنزل بنسبة أكبر.
ولا أحد يستطيع التغافل عن الاضطرابات التربوية والحقيقة، إن الأمر يتعلق بتحديد شخصية الشخص المسؤول عن تربية الأبناء، سواء كان الأب والأم بقدر أهمية إيجاد علاقة إيجابية متوازنة، يقوم كل طرف منها بواجباته ومسؤولياته على أكمل وجه.
وللوالدين دور مهم في تربية الابن، ويكون بالوعي الذاتي على فهم مشاعره وعواطفه في لحظة ما ولتوظيفها في اتخاذ القرارات تأثيرها في الآخرين.
وينحصر دور الوالدين في ضبط الذات، والقدرة علي ضبط وتوجيه الانفعالات والمشاعر القوية تجاه الآخرين للسيطرة، والاحساس بحالة نسبية أفضل، وتقوية المهارات الاجتماعية والكفاءة في إدارة العلاقات وبنائها في حياتنا العامة والخاصة، والقدرة على التفاوض والتفاهم، فالكثير من المشاكل الأسرية سببها الخوف وفقدان المهارة الاجتماعية نتيجة ضعف العلاقات العامة.
ونظرا لأسباب عديدة تجد الأم نفسها تتحمل مسؤولية تربية الأبناء بمفردها، سواءً لوقوع الطلاق بين الزوجين أو الوفاة أو لهروب الرجل من المسؤلية المادية والمعنوية، وتجد نفسها تقوم بدور الأب والأم معًا؛ مما يشكل ضغطًا كبيرًا عليها في الوقت نفسه، حيث لا تكون مؤهلة للقيام بالدورين معا.
وقد يفسر البعض أن تربية الأبناء مسؤولية خاصة بالمرأة ولادور للرجل فيها، ويهملون دور الرجل وهذا الاعتقاد بالطبع خاطئ؛ فتربية الأبناء مهمة عظيمة وصعبة في نفس الوقت ولايجب أن يلقى على عاتق المرأة فقط مسؤولية تربية الأبناء كاملة، نظرًا لأهمية دور الأب في تربية الأبناء وفي بناء شخصية الطفل طوال مراحل النمو المختلفة، بشكل متوازي وسليم.
وتربية الأبناء مهمة عظيمة؛ لكون الأبناء ثروة الآباء والأمهات الحقيقية، وهم ثمار ما زرعوه طوال حياتهما معًا، كما أنها صعبة لحرص الآباء والأمهات على تنشئة سليمة، على أسس وقواعد صحيحة والقيام بغرس الأخلاق الحميدة والمبادئ السامية في نفوس الأبناء منذ الصغر.
…………………………………………………………………………..
كاتب المقال: أستاذ علم النفس السلوكي وخبير التنمية البشرية