فيديو | فى مثل هذا اليوم قبل ٥٥ عاما.. تم الحكم على سيد قطب بالإعدام (الجزء الثانى)
كتب: عاطف عبد الغنى
فى مثل هذا اليوم ٢٩ أغسطس ١٩٦٦ (قبل ٥٥ عاما).. تم الحكم على سيد قطب بالإعدام.
http://https://www.youtube.com/watch?v=8RTcaFjyRvY
اقرأ أيضا.. فى مثل هذا اليوم قبل ٥٥ عاما.. تم الحكم على سيد قطب بالإعدام (الجزء الأول)
وتناولنا فى الجزء الأول من هذه الدراسة، مختصر السيرة البنيوية التى شملت الجذور التى شكلت شخصية قطب، وأثرت على نفسيته، وصنعت أفكاره، تلك الأفكار التى أثرت فى توجهاته وسلوكه أولا، ثم انتقلت عنه فى شكل منهج فكرى مكتوب، إلى كافة التنظيمات المسلحة التكفيرية، الإرهابية التى تنسب نفسها إلى الإسلام، منذ تشكيل تنظيم الإخوان السرى، مرورا بتنظيم المسلمين الذى اشتهر باسم “التكفير والهجرة” وصولا إلى القاعدة وداعش وطالبان.
وفى هذا الجزء الثانى، نتناول أبرز الأفكار التى صاغ منها قطب المنهج التكفيرى، الجهادى، الذى نتج عنه الإرهاب الذى اكتوت المجتمعات الإسلامية بناره خلال ما يقرب من ثلاثة أرباع القرن الماضية..
قطب الجماعة.. المزيف
ويرى سيد قطب ”إن الفكر لا يعيش إلا إذا ارتوى بالدماء”.. هذا كلام قطب.. أقطاب الفكر التكفيرى الإخوانى، يستشهد به إعلام الجماعة بفخر، وهو يدجل على أتباعه والعوام، ويرسم صورة وسيرة لقطب أخر، لانعرفه، ولا وجود له.. والسؤال: من يفصل فى الحكم بين القطبين ؟!..
الإجابة عند قطب نفسه، وقد روى أنه لما طٌلب منه أكثر من مرة حتى الساعات الأخيرة قبل أن ينفذ فيه حكم الإعدام فجر 29 أغسطس عام 1966 أن يقدم اعتذارا عن جرائمه الجنائية التى أدين بها فى قضية “تنظيم 65 ” الذى خطط لنسف القناطر الخيرية لإغراق الدلتا، أنه رفض الاعتذار، وينسب له إعلام الإخوان قوله: “لن أعتذر عن العمل مع الله”.
وحين يقرر قطب أن “الفكر لا يعيش إلا إذا ارتوى بالدماء” وأنه يعمل مع الله.. لابد أن نسأل: وهل الله يأمر بالأفكار الدموية، أو يصح أن ننسبها لذاته، حاشا لله، وهو الذى خلق الإنسان وندبه ليعمر الأرض ولم يندبه لتدميرها وإهراق الدماء وإزهاق الأرواح.
وأكثر الناس عرفوا الله من خلقه كمثل الأعرابي الذى أجاب عن سؤال: كيف عرفتَ الله؟ فقال: البَعرة تدلُّ على البعير، والأثر يدلُّ على المسير.. ومع فارق القياس والتشبيه فقد عرفنا قطب من آثار أفكاره التى صاغها فى كلام اتخذته التنظيمات التكفيرية دستورا لها، ومنحها هو الغطاء الشرعى بفتاويه الجهادية.
أخطر أفكاره
وأخطر أفكار قطب التى وردت في كتابه “في ظلال القرآن”، واتبعها مريدوه، هى فكرة تكفير المسلم ناطق الشهادتين، ورده إلى جاهلية ما قبل الرسالة المحمدية، وفى هذا قال إنه مع مرور الوقت فارق المسلمون دينهم، وقرر قطب أن المساجد التى يؤدون فيها مناسكهم معابد للجاهلية، وطالب باعتزالها.
ولنا أن نسأل باندهاش: عن أى جهالة دينية تحدث قطب، والمسلمون لم يفارقوا القرآن، وهو لم يفارق صدورهم وأفئدتهم؟!، وكيف يحّول مساجد الله إلى معابد جاهلية، وفيها المسجد الحرام قبلة المسلمين، والمسجد الأقصى أولى القبلتين، ومسجد الرسول، وباقى بيوت الله التى يغشاها المصلون، وباقى الأرض التى جعلها الله للمسلمين مسجدا وطهورا، فيأتى قطب ليقصر الصلاة على مساجد جماعته من باب الفرز والتمييز، وتغرى فتواه، التنظيمات التكفيرية، فتقاطع مساجد الله، ويصل بها الحال أن يستحلوا حرمتها فيقتلوا العٌبّاد بداخلها، ويفجرونها بالقنابل.. ولا حول ولا قوة إلا بالله.
حكام المسلمين
وجعل قطب من حكام المسلمين “طواغيط” بعد صدامه مع السلطات، وادعى أن الناس تعبد هؤلاء الحكام من دون الله، ويقول: “لقد استدار الزمان كهيئته يوم جاء هذا الدين إلى البشرية بـ “لا إله إلا الله” … فقد ارتدت البشرية إلى عبادة العباد، من بعد ما تبين لهم الهدى، ومن بعد أن كانوا فى دين الله”.
ويتهم المسلمين بأنهم أعطوا للعباد خصائص الألوهية، وأخلصوا له الولاء، ففارقوا التوحيد.
وأهم خصائص الألوهية التى يقصدها قطب، هى سلطة التشريع، حيث يرى قطب أن الحكام منحوا أنفسهم سلطة إصدار القوانين افتئات على الله، ومن هنا، جاءت فكرته عن الحاكمية، وفى هذه الفكرة يأخذ المسلم إلى العبارة القرآنية “إن الحكم إلا لله” ويقول:
“العالم يعيش اليوم كله في جاهلية، هذه الجاهلية تقوم على أساس الاعتداء على سلطان الله في الأرض، وعلى أخص خصائص الألوهية، وهى الحاكمية”.
وعبارة “إن الحكم إلا لله” وردت ثلاث مرات فى القرآن، مرتين فى سورة يوسف الآيتين 40 ،67 ، ومرة فى الأنعام 57، وإذا ما رجعنا للآيات وعرفنا أسباب النزول، ومقصودها فى سياقها العام، فمن المستحيل أن نفسرها كما فسرها قطب، أو نأولها تأويله، وألا كان وضع المشرّع المعاصر قانونا لتنظيم المرور، أو ارتفاعات المبانى، أوالملاحة البحرية، سلبا لسلطة التشريع الألهى، وكان المسلم الذى رد الرسول صلى الله عليه وسلم عن عدم تأبير النخل، يعصى الله أو يأتى بما لم ينزل سبحانه.
النقل عن المودوى
ولم يكن قطب – فى الحقيقة مبتدع هذه الأفكار، ولا أول من روج لها، فقد سبقه الهندى – الباكستانى، المعاصر له أبو الأعلى المودوى وأخذها قطب عنه، وأعاد صياغتها بأسلوبه، وزاد فيها، واتخذها عنه بعض شباب الإخوان المفتون به، وهم في سجن القناطر أواخر الخمسينيات وبداية الستينيات، وقد تأثروا بفكره، كما يؤكد القيادي الإخوانى وعضو هيئة الجماعة التأسيسية، فريد عبدالخالق في كتابه “الإخوان المسلمين في ميزان الحق”.
وعلى أساس هذه الأفكار تشكل تنظيم الإخوان الحركى الذى اشتٌهر إعلاميا بتنظيم ٦٥ نسبة إلى العام الذى أكتشفته فيه سلطات الأمن، وقد خطط لتدمير محطات الكهرباء، والكبارى، ومنشآت أخرى، لإرباك الدولة 6 أشهر وإدخال البلاد فى فوضى.
محاولة طمس الحقيقة
وخلال أكثر من ٥٥ عاما حاولـت الجماعة الإرهابية أن تطمس الحقيقة، وتخرج أسباب الحكم علي قطب بالإعدام، من السياق الجنائى المحض، وتردها إلى أفكاره الإيمانية، كما تدعى، وفى المقابل تشوه صورة خصومه وأبرزهم الرئيس الأسبق جمال عبد الناصر.
ودار الزمان دورته، وفضحت ممارسات الجماعة كذبها وغشها وهى فى السلطة، بعد ثورة يناير 2011 ، وبعد أن أسقطها المصريون منها فى ثورة 30 يونيو 2013 فتسفر عن روحها الشريرة، تهدم منشآت الدولة وتفجّر المبانى الحكومية، وأبراج الكهرباء، وتهاجم كمائن الشرطة والجيش وتقتل الأبرياء، سيرا على منهج التنظيم القطبى، وأفكار صاحبه، ومن اتبعوه من القتلة التكفيريين والإرهابيين.