د. أيمن الرقب لـ “موقع بيان”: “طوفان أقصي قادم في الضفة الغربية”

حوار أجرته: نادية صبره

من هو د. أيمن الرقب، طرف هذا الحوار؟

يُعرف د. أيمن الرقب بتقديم تحليلات حول الوضع الفلسطيني الداخلي والصراع الفلسطيني الإسرائيلي. له العديد من المقالات والدراسات التي تناولت قضايا متعلقة بالسياسة الفلسطينية، العلاقات العربية، والمفاوضات السياسية.

في فترة من الفترات كان له دور بارز في مجال الدبلوماسية والسياسة الفلسطينية كعضو في بعض الهيئات السياسية الفلسطينية.

الشهرة الواسعة لـ “الرقب” تأتي من انتقاداته الجريئة للمواقف السياسية الفلسطينية والعربية في مختلف القضايا الساخنة، ويُنظر إليه كأحد الأصوات المؤثرة في السياقات السياسية الفلسطينية المعاصرة، ومن هنا تأتى أهمية هذا الحوار الذى اختص به د. الرقب “موقع بيان الإخبارى”.

مطالب الرئيس الأمريكي

– ما تقييمك للقاء الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مع أول مسؤول عربي، وهو الملك عبد الله ملك الأردن؟
بالطبع يحاول ترامب، الذي يريد إشعال المنطقة بالكامل، فرض وجهة نظره خلال الاجتماعات، وأعتقد أن الملك عبد الله، بغض النظر عما قاله على وسائل التواصل الاجتماعي، رفض بوضوح ترحيل سكان غزة، لأنه يدرك أن تهجير سكان القطاع لن يتوقف عند هذا الحد.

لقد رفض الملك عبد الله فكرة الترحيل بشكل قاطع، وحاول تلبية بعض مطالب الرئيس الأمريكي من خلال قبول استقبال 2000 طفل للعلاج، على أن يعودوا إلى فلسطين بعد انتهاء علاجهم.

ولهذا، أعتقد أننا في هذا الوضع الآن، وأن الموقف العربي حتى الآن كما هو، رفض تهجير سكان قطاع غزة، وأرى أن هذا الأمر مهم جدًا في تثبيت موقف ضد ما يرغب به ترامب.

وضع لا يُحسد عليه

– هل ترى أن الملك عبد الله كان يجب أن يكون أكثر صرامة مع ترامب ويرفض التهجير علانية؟ أم أنه كان يناور بدبلوماسية؟
أعتقد أن الملك عبد الله كان في وضع لا يُحسد عليه، فقد حاول أن يناور بدبلوماسية عالية، وعندما وُضعت الأمور بشكل صعب، قال إن هناك خطة ستقدمها مصر، وإننا في انتظار هذه الخطة.

ولقد حاول قدر المستطاع التهرب من الضغط، لكنه فشل بشكل نهائي، ومع ذلك، أعتقد أنه ثبت رفض فكرة التهجير بشكل أو بآخر، وأرى أن هذا أمر جيد حتى الآن في مواجهة الضغوط التي يمارسها ترامب.

ما نخشاه

– ما هو توقعك لاستمرار صفقة التفاوض بين إسرائيل وحماس؟
 حول موضوع التهدئة، الاحتلال كل ما يهمه هو استعادة أسراه، وكذلك الأمريكان.

فإذا استعاد الأمريكان أسراهم، سيتمردون بشكل أو بآخر على الاتفاق، ويكون الهدف الأساسي للإسرائيليين هو استعادة أسراهم ثم العودة إلى الحرب.

وحتى الآن، المناورة التي قامت بها حركة حماس نجحت في الضغط لإدخال المساعدات وإكمال الصفقة، أعتقد أن هذه المناورة نجحت إلى حد ما، ثم عادت الصفقة لإكمال مسارها بشكل طبيعي.

ما نخشاه هو الانتقال من المرحلة الثانية إلى المرحلة الثالثة؛ فالانتقال من الأولى إلى الثانية حتى الآن صعب، لكنه ممكن من خلال المفاوضات، أما الانتقال من الثانية إلى الثالثة بعد استعادة الإسرائيليين لأسراهم، فقد يكون هناك تهرب.

لذلك، تحاول القاهرة والدوحة فرض أمر واقع أثناء هذه المرحلة، مثل وجود قوات عربية أو دولية في قطاع غزة للفصل بين الفلسطينيين والاحتلال الإسرائيلي، وعدم السماح بعودة الحرب مرة أخرى، لأن الاحتلال سيسعى للتهرب إن لم يكن هناك نجاح في هذا الأمر.

د. أيمن الرقب
د. أيمن الرقب

الأمريكان سيفشلون

– ما نسبة نجاح الطرح الأمريكي بشأن تهجير أهالي غزة؟
  الأمريكان سيفشلون بشكل كبير في تهجير سكان قطاع غزة لسببين: أولًا، تمسك سكان القطاع بأرضهم، حيث إن 70% منهم أصلًا لاجئون، وثانيًا، الموقف العربي الرافض لعملية التهجير.

وحقيقة الأمر أن الموقف المصري هو الركيزة الأساسية في هذا الرفض العربي، فقد رفضت مصر التهجير القسري والطوعي منذ الأيام الأولى، ثم أكدت ذلك مرارًا وتكرارًا على لسان القيادة المصرية، ممثلة في الرئيس عبد الفتاح السيسي، الذي رفض ذلك صراحة.

وأعتقد أن إفشال المشروع الأمريكي يعتمد على الصمود الفلسطيني والعربي، وبالتالي فإن هذه الخطة ستفشل.

ملامح الخطة العربية

– ما هي ملامح الخطة العربية التي ستعلنها القمة العربية المرتقبة من وجهة نظرك؟
 أعتقد أن القمة العربية ستُعقد كما أُعلن عنها في القاهرة يوم 4 مارس، وستطرح خلالها الخطة العربية. لسنا بحاجة إلى انتظار قمة الرياض في يوليو القادم، التي ستتناول إحياء عملية السلام وإعادة طرح حل الدولتين كأساس للحل، مع تجييش الدول العربية للضغط باتجاه هذا الهدف.

لكن، إلى جانب ذلك، أعتقد أن هناك جهودًا تُبذل لإحياء عملية إعمار غزة، تقودها القاهرة بشكل كبير جدًا، بالتوازي مع تقديم مشروع سياسي يستند إلى حل الدولتين، في انتظار أن تغيّر الإدارة الأمريكية رؤيتها واستراتيجيتها تجاه الصراع، وبالتالي، سيكون هناك إعادة إعمار لقطاع غزة دون تهجير سكانه.

كما أن القاهرة ستدعو إلى مؤتمر لإعادة إعمار غزة خلال مارس، بعد القمة العربية، مما سيمكنها من حشد موقف عربي ودولي داعم لهذا التوجه.

حماس ستوافق

– هل توافق على هذه الخطة؟ وما مدى إمكانية موافقة حماس عليها؟
  كلمة الأمين العام تأتي في سياق حل الأزمة، وأعتقد أن حماس تتفهم الأمر، وقد لا تكون في المشهد السياسي مستقبلاً، لكن ذلك يحتاج إلى ترتيبات فلسطينية. القيادة الفلسطينية لم تفتح أبوابها بشكل كافٍ لاستيعاب حماس داخل البيت الفلسطيني.

لذلك، أقترح إنشاء إطار مؤقت لمنظمة التحرير الفلسطينية يضم في صفوفه حماس والجهاد الإسلامي، ويضع استراتيجية فلسطينية سياسية موحدة، على أن تُشكَّل حكومة تكنوقراط تتولى إدارة غزة والضفة الغربية، بحيث لا تكون حماس جزءًا منها بشكل مباشر. وبهذا الشكل، ستكون حماس ضمن التكنوقراط، مما يعني ابتعادها عن السياسة.

وأعتقد أن حماس ستوافق على ذلك، ثم يتم الترتيب للانتخابات. ولا يمكن وضع فيتو على أي فصيل فلسطيني من خوض الانتخابات، ففي داخل دولة الاحتلال هناك يمين متطرف يريد ضرب غزة بالنووي، وآخر يريد قتل جميع العرب، فلماذا يُطلب منا أن نكون جميعًا حمائم وليس بيننا صقور؟ أعتقد أن وجود صقور في صفوفنا أمر مهم جدًا لإحداث توازن داخل المشهد السياسي، خاصة أن من يحكم داخل دولة الاحتلال ليسوا مجرد صقور، بل “حداءات” متطرفة تتحدى الجميع.

النار تحت الرماد

– التحركات الإسرائيلية في الضفة الغربية والعملية العسكرية المستمرة منذ 18 يومًا، متى تنتهي من وجهة نظرك؟ وهل ستنجح في اجتثاث المقاومة في الضفة؟
 ما يحدث في الضفة الغربية هو تحريك للنار تحت الرماد، وما يقوم به الاحتلال هو تمهيد لانفجار قادم في الضفة الغربية. الاحتلال لا يركز على غزة، بل عينه على الضفة الغربية، والأمريكان خلفهم يراقبون الوضع هناك أيضًا.

خلال الأشهر القادمة، سيضم الاحتلال مناطق من الضفة الغربية، مما سيدفع المقاومة إلى التصعيد بشكل كبير جدًا. كل ما يقوم به الاحتلال من أفعال في الضفة الغربية، وضم مساحات شاسعة، لن يؤدي إلا إلى المزيد من المقاومة. فهم لا يستطيعون اجتثاثها، لأنها متجذرة في كل ذرة تراب من الأراضي الفلسطينية، فكلما اغتالوا شهيدًا أو اعتقلوا مقاومًا، سيخرج من بين حبات التراب من يواصل القتال ضد الاحتلال.

وبالتالي، فإن جميع إجراءات الاحتلال في الضفة الغربية تقود إلى طوفان أعنف قادم في المنطقة.

ما يحدث فى غزة

– تصريحات سموتريتش بشأن ضم الضفة الغربية، هل تراها مجرد تصريحات روتينية لليمين المتطرف، أم أنها خطة ممنهجة سيدعمها الرئيس الأمريكي ترامب؟
 المتطرفون في الضفة الغربية يسعون إلى ضم مساحات شاسعة من أراضيها، ويدفعون الأمريكيين للسير خلفهم في هذا المخطط. الخطة تهدف إلى ضم ما لا يقل عن 60 إلى 65% من مساحة الضفة الغربية، وخصوصًا مناطق “ج”.

سيتم إزالة الكتلة السكانية من هذه المناطق ونقلها إلى ما تبقى من مناطق “ب” و”أ”. عمليًا، ستُقسَّم الضفة الغربية إلى سبع مدن منفصلة عن بعضها البعض، بحيث تصبح مجرد تجمعات حضرية غير متصلة، تتمتع بحكم ذاتي تحت إدارة السلطة الفلسطينية، ولكن دون وجود كيان فلسطيني مستقل. هذا هو الهدف الأساسي الذي يسعى إليه المخطط.

أما بالنسبة لقطاع غزة، فأعتقد أنه سيتم طرح صفقة لجعل غزة مشروع الدولة الفلسطينية، وفقًا لما يخطط له الأمريكيون والإسرائيليون، مقابل ضم أجزاء واسعة من الضفة الغربية.

من المؤكد أن هذا المخطط سيؤدي إلى سقوط ضحايا فلسطينيين، لكن هذا هو الثمن الذي يعتزم الإسرائيليون تقديمه ضمن هذه الصفقة.

طالع المزيد:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى