أمل محمد أمين تكتب: التمويل وحده لا يكفي!
ربما كانت المرة الأولى التي تظهر فيه قضايا البيئة على صفحات أشخاص من عموم الناس في مصر عندما ذكرت مدينة الأسكندرية ضمن المدن المعرضة للاختفاء بسبب ارتفاع درجة حرارة الأرض في كلمة ألقاها رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسن في قمة جلاجسو للمناخ.
واعقب هذه الكلمة موجة من السخرية على صفحات التواصل الاجتماعي تصف جونسون بالفظاظة في طرح الحقائق.
إن هذا يدلل على عدم إدراك المواطن العادي لمخاطر التلوث البيئي وزيادة الانبعاثات الكربونية وارتفاع درجة حرارة الأرض على استمرار الحياة عليها.
طالع المزيد| أمل محمد أمين تكتب: «ميتا فيرس» تكتب: «ميتا فيرس»
أمل محمد أمين تكتب: 225 ألف طلقة
أمل محمد أمين تكتب: بنك الأعضاء
وربما لا يهتم المواطن المصري البسيط بمدى تأثير استخدام ١٥٣ مليون إنسان على البيئة طالما أن هذا لا يتعلق بزيادة أسعار الطاقة.
لكن الملامة الأكبر تعود على عدم وعي الناس بقضايا البيئة ومفاهيم التنمية المستدامة على قادة الرأي ووسائل الإعلام التي اهتمت بالجريمة والفن والرياضة على حساب قضايا البيئة على الرغم من ارتباطها المباشر بصحة الإنسان.
ووفق دراسة حديثة أعدها باحثون من جامعة “ديوك” الأمريكية، ونُشرت في دورية “نيتشر كلايمت تشينج” فإنه يمكن إنقاذ حياة قرابة ١٥٣ مليون إنسان قد يتعرضون لخطر الوفاة المبكرة خلال هذا القرن، في حال سرَّعت الحكومات من إجراءاتها لتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري، ما يعني تقليل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون الضارة.
واذا تتبعنا الإجراءات وتحديدا الأموال التي بدأت الدول في تخصيصها لإنقاذ الأرض من الموت سنجد أنها بالمليارات على سبيل المثال يعتزم الاتحاد الأوروبي وبرنامج للاستثمار في الطاقة يموله بيل جيتس جمع ما يصل إلى مليار دولار لتطبيق التقنيات منخفضة الكربون التي تراهن عليها أوروبا لتحقيق أهدافها المتعلقة بتغير المناخ.
تشمل الشراكة استخدام شركة بريكثرو إنرجي التي أسسها جيتس رأس المال الخاص وتمويلات خيرية لمعادلة التمويل المقدم من الاتحاد الأوروبي، والهدف هو أن يقدما معا ما يصل إلى 820 مليون يورو أو مليار دولار في الفترة من 2022 إلى 2026.
كما قدمت السعودية مبادرة تهدف إلى خفض الانبعاثات الكربونية باستثمارات بأكثر من 700 مليار ريال (186.6 مليار دولار) في الاقتصاد الأخضر.
وفي قمة جلاجسو تناثرت بلايين الدولارات لوقف ارتفاع حرارة الأرض وكان من أبرز الالتزامات المالية للتخفيف من آثار تغير المناخ إعلان جديد في قمة القادة بقيمة 8.5 مليار دولار للانتقال العادل للطاقة لمساعدة جنوب أفريقيا على الانتقال إلى الطاقة النظيفة، فيما ترحب رئاسة المملكة المتحدة بمواءمة 130 تريليون دولار من التمويل الخاص لأهداف صافي الصفر من الكربون Net Zero.
وشملت القمة أكبر التزام أمريكي بتمويل التكيف حتى الآن ، للحد من تأثيرات المناخ على أولئك الأكثر عرضة لتغير المناخ في جميع أنحاء العالم، بينما التزمت كندا بتخصيص 40٪ من تمويلها للمناخ للتكيف.
كما جاءت التزامات جديدة لتمويل المناخ من المملكة المتحدة وإسبانيا واليابان وأستراليا والنرويج وأيرلندا ولوكسمبورج ، والتي تبني على الخطة الموضوعة من قبل COP26 لتقديم 100 مليار دولار سنويًا إلى البلدان النامية.
وتم التأكيد خلال فعاليات قمة المناخ أنه لمكافحة الصعوبات التي تواجهها العديد من البلدان مع بيروقراطية تأمين الاستثمار في المناخ ، تم الإعلان عن تمويل جديد بقيمة 100 مليون جنيه إسترليني من المملكة المتحدة لدعم نهج مجموعة العمل المعنية بالحصول على تمويل المناخ ، التي تشارك في رئاستها المملكة المتحدة وفيجي..
كما شهد مؤتمر الأطراف أيضًا إطلاق المناقشات حول هدف تمويل عالمي جديد ليحل محل هدف 100 مليار دولار أمريكي اعتبارًا من عام 2025..
وكخطوة أولى، أعلنت الشراكة الدولية أنه يمكن توفير 8.5 مليار دولار على مدى 3-5 سنوات المقبلة لدعم جنوب أفريقيا – أكبر منتج للكهرباء في العالم كثيف الكربون – لتحقيق الهدف الأكثر طموحًا لخفض الانبعاثات في إطار ترقيتها وطموحها.
مساهمة محددة وطنيا
كما ناقش وزراء المالية أيضًا أنه يجب استخدام مليارات الدولارات في التمويل العام للاستفادة من تريليونات الدولارات في التمويل الخاص اللازم لمقاومة تغير المناخ، ومستقبل صفري كربون، وكيفية دعم البلدان النامية للوصول إلى هذا التمويل.
كما خصصت المملكة المتحدة 576 مليون جنيه إسترليني في COP لمجموعة من المبادرات لتعبئة التمويل في الأسواق الناشئة والاقتصادات النامية ، بما في ذلك 66 مليون جنيه إسترليني لتوسيع برنامج MOBILIST في المملكة المتحدة ، مما يساعد على تطوير منتجات استثمارية جديدة يمكن إدراجها في الأسواق العامة و جذب أنواع مختلفة من المستثمرين.
واعلنت مجموعة البنك الدولي وبنك التنمية الآسيوي عدة مبادارت للحد من المخاطر في البلدان النامية وتهدف إلى جمع ما يصل إلى 8.5 مليار دولار في شكل تمويل جديد لدعم العمل المناخي والتنمية المستدامة.
وبالتالى فإن أكثر من 130 تريليون دولار من التمويل الخاص ملتزم الآن بأهداف صفر كربون من خلال تحالف جلاسجكو المالي من أجل Net Zero .
يبدو هذا كله الحشد لتمويل الاقتصاد الأخضر رائعا بالفعل.
لكن لا أرى خطة عمل لتنمية وعي الشعوب بأهمية الحفاظ على الموارد وضرورة التوقف عن استنزاف البيئة واستخدام الطاقة الغير نظيفة، واضرار استخدام البلاستيك، وحرق النفايات أو التخلص منها في البحار والأنهار!
متى سيدرك الإنسان أن أفعاله تقضي على الأرض التي تحمله بين جنباتها حيا وميتا..
………………………………………………………….
- الكاتبة: المستشار الإعلامي للاتحاد العربي للتنمية المستدامة والبيئة