كاتبة إسرائيلية: «أنشطة المتطرفين اليهود الفظيعة ووقاحتهم تقترب بالقدس من الغليان»
كتب: على طه
حذرت الكاتبة الإسرائيلية د. لاورا وارطون عضو مجلس مدينة القدس كممثلة عن حزب ميرتس، من أن مدينة القدس الشرقية تقترب من نقطة الغليان.
وأكدت المحاضرة في قسم العلوم السياسية بالجامعة العبرية في القدس، فى مقالها المنشور بموقع “تايمز أوف إسرائيل” أن المتطرفين اليمينيون اليهود أصبحوا أكثر جرأة في جهودهم لطرد السكان الفلسطينيين المحليين وتوطين اليهود بدلا منهم.
وجاء فى مقال الكاتبة الإسرائيلية أن “القدس هي مدينة جميلة، حيوية ومتنامية ذات مكانة تاريخية، حضارية ودولية. إلا أن سكان القدس الشرقية ممتلؤون غضبا، لماذا؟”.
وأجابت: ” لا يمكننا الحديث عن مشاكل القدس دون الإشارة إلى أن 38٪ من سكان المدينة، القاطنين في الأحياء الشرقية، هم فلسطينيون بلا جنسية. فهم ليسوا إسرائيليين وبالطبع فلسطين ليست دولة معترف بها بعد. لا يمكن للفلسطينيين التصويت في الانتخابات العامة الإسرائيلية، وإذا اختارت السلطات يمكنها إلغاء وضع “المقيم الدائم” الذي يحملونه.
بعد اندلاع حرب “الأيام الستة”، اجتاحت إسرائيل ما كانت تُعرف بالقدس الأردنية مع أكثر من 25 قرية محيطة بها التي أصبحت جميعها خاضعة للسيطرة الإسرائيلية. حتى يومنا هذا، توجد فجوات كبيرة في البنى التحتية ومستويات المعيشة والخدمات المقدمة لمختلف الأحياء. فقط إدارة تحصيل الضرائب في المدينة تجري بالتساوي.
وواصلت: لكن هذه ليست مشاكل جديدة، وما هي إلا مشاكل متفاقمة.
الجديد هو الأنشطة الفظيعة والوقاحة المتزايدة للمتطرفين من اليمين، الذين غالبا ما يكونون مسيحانيين في نظرتهم، والذين يهدفون إلى طرد السكان الفلسطينيين المحليين وتوطين اليهود بدلا منهم.
وقد سعى هؤلاء المتطرفون، حيثما أمكنهم ذلك، إلى البحث عن قطع من الأراضي كانت مملوكة لليهود في السابق ودفعوا مقابل توثيق ملكيتها. القانون الإسرائيلي غير عادل في هذا الشأن: على الرغم من أن العرب الذين لديهم سندات ملكية في القدس الغربية الإسرائيلية غير قادرين على استعادة منازلهم، إلا أن اليهود الذين لديهم سند ملكية في القدس الشرقية بإمكانهم فعل ذلك. عادة، قد تجعل قوانين التقادم والقيود الزمنية الواضحة مثل هذا التحيز مستحيلا؛ ومع ذلك، تنفي إسرائيل حقوق أي شخص لم يكن موجودا في القدس الغربية عام 1948 عندما تم الإعلان عن قيام الدولة. من ناحية أخرى، في حالة القدس الشرقية، لا توجد هناك فترة زمنية محددة: يمكن لعائلة يهودية اشترت أرضا في عام 1930 أن تطالب بأرضها اليوم، حتى لو كان تم الاستيلاء عليها تحت الحكم الأردني من خلال الاستملاك.
طالع المزيد:
-
مرصد الأزهر يحذر من إرهاب المستوطنين ضد الفلسطينيين في نابلس
-
أصداء زيارة أول رئيس وزراء إسرائيلى للإمارات.. شاهد لحظة وصول بينيت
والأسوأ من ذلك هو ما يحدث في أحياء مثل الشيخ جراح، حيث لم يكن هناك أفراد بل فرق مشتركة من الأمم المتحدة والأردن التي قامت بترتيبات رسمية في الخمسينيات من القرن الماضي لتوفير منازل على الأراضي التي هجرتها العائلات اليهودية في عام 1948 لمساعدة اللاجئين الفلسطينيين الذين نزحوا من إسرائيل نفسها، كشكل من أشكال التعويض. تم تعويض العائلات اليهودية بدورها من قبل إسرائيل. ومع ذلك، الآن، وبعد 70 عاما، يطالب الأشخاص الذين لديهم أجندة عنصرية باقتلاع ثان للفلسطينيين وتعويض ثان للعائلات اليهودية – على الرغم من أن العائلات اليهودية الأصلية من الثلاثينيات ليست طرفا في هذه الخطط وفي بعض الحالات تعترض علنا عليها.
تحركات اليمين المتطرف الممول تمويلا جيدا، والذي عادة ما يكون دعمه المالي مجهول الهوية وعبر ملاجئ ضريبية من الخارج، هي وصمة عار على جبين إسرائيل وإهانة للقانون الدولي. بالإضافة إلى ذلك، فإنها تهدد العلاقات مع الأردن والجيران الآخرين الذين شاركوا في عمليات مساعدة اللاجئين منذ عام 1948. واليوم، تتعرض عشرات العائلات، التي تضم مئات السكان الفلسطينيين، لخطر مباشر بالإخلاء وتركها بلا مأوى.
مشكلة خطيرة أخرى هي مشكلة هدم المساكن. بسبب الضغط المتزايد من اليمين المتطرف، كانت هناك زيادة في عدد أوامر الهدم الصادرة في القدس الشرقية. على مدى أكثر من 50 عاما من السيطرة الإسرائيلية على القدس الشرقية، لم يتم تقريبا إعداد أي خطط بناء في الأحياء. نتيجة لذلك، كان من المستحيل عمليا البناء بشكل قانوني. بينما تم بناء عشرات الأحياء الجديدة بالكامل للإسرائيليين، غالبا على الأراضي الفلسطينية التي استولت عليها الحكومة، وعلى الرغم من نمو السكان الفلسطينيين، لم يتم بناء أحياء جديدة للفلسطينيين.
واليوم، تفتقر عشرات الآلاف من المباني إلى الأوراق الرسمية، وتواجه عشرات المنازل خطر الهدم الفوري، ما سيترك السكان بلا مأوى، بلا بديل لمأوى وبلا تعويض. في معظم الحالات، لا يوجد دافع مبرر لهذه القرارات: لا توجد خطط بديلة معتمدة، ولا عرقلة للمباني أو الخدمات العامة، ولا توجد شكاوى من الجيران. على الرغم من أن وتيرة التخطيط قد زادت في السنوات الأخيرة، فقد زادت أيضا وتيرة عمليات الهدم.
الشكل الثالث وربما الأكثر ضررا من تدخل الجماعات اليمينية المتطرفة هو البناء داخل الأحياء الفلسطينية. على الرغم من وجود عدد قليل من خطط البناء الحالية التي يمكنها تمكين البناء القانوني، فإن الجماعات اليهودية اليمينية تبني دون اعتراضات. أو ما هو أسوأ من ذلك، كما في حالة بيت يوناتان، وهو مبنى مكون من 7 طوابق تم تشييده في منطقة يُسمح فيها ببناء طابقين فقط: يسكن المستوطنون هذا المكان على الرغم من صدور أمر من المحكمة بهدمه.
في الآونة الأخيرة، انتقل المستوطنون إلى حي مكتظ بالسكان في رأس العمود، وحظوا بحراسة من الشرطة للسيطرة على مبنى كان من المقرر هدمه، لكنهم أضافوا على المبنى قبل الانتقال إليه. بعبارة أخرى، قيل للمالكين الفلسطينيين أن المبنى سيتم تدميره، لكن نشطاء اليمين انتقلوا إليه بدعم رسمي وحراسة خاصة.
والأسوأ من ذلك، أنه بالقرب من نفس الحي، بنى المستوطنون مجمعا لـ 100 عائلة وخصصت أموال المدينة والحكومة الآن لبناء ميكفيه (حمام طقوسي)، ومركز شباب (لليهود)، ومرافق أخرى على حساب الدولة، وعلى أراض عامة كان من الممكن استخدامها لبناء رياض أطفال ومدارس للسكان المحليين، كما قضت المحكمة العليا في قرار لها لتغطية النقص المزمن في الخدمات العامة للسكان الفلسطينيين.
وانتهت الكاتبة إلى القول إنه “يندهش بعض الناس من اندلاع التوترات المقلقة، وأحيانا في شكل عنيف. بالنظر إلى الوضع في القدس الشرقية، بالإضافة إلى عنف الشرطة المتزايد ردا على أي احتجاج، فمن المدهش أن الوضع ليس أكثر خطورة – وقد يتوقع المرء أنه سيزداد سوءا إذا لم تتصرف الحكومة بسرعة لمعالجة الاستياء الراسخ والمبرر”.