طارق السيد متولى يكتب: يوميات زومبى (11) الزومبي الصغار

بعض الأطفال والشباب الصغار لهم تصرفات مخيفة..
استيقظت اليوم الأثنين من الأسبوع على صوت عم محمد صاحب ورشة إصلاح السيارات وهو يصرخ ويسب ويلعن شباب الحى الصغار دون أن يحدد اسم أحد، ولا أحد يرد عليه، وبعض أصحاب المحلات المجاورة له يحاولون تهدئته ومواساته، وعندما عرفت القصة إلتمست له العذر رغم كل شىء.
عم محمد رجل فظ غليظ دائما ما ينهر الشباب الصغار عندما يقفون بالقرب من ورشته، وليس له علاقات جيدة بجيرانه من أصحاب المحلات والسكان، وطبيعى مثل بقية الحرفيين يغلق ورشته يوم الأحد كأجازة أسبوعية يستغلها أحيانا فى السفر إلى مدينة بورسعيد لشراء قطع غيار للسيارات.

فى يوم اتفق شباب الحى الصغار على الانتقام منه على طريقتهم، فجاءوا ليلة السبت بعد أن أغلق ورشته وذهب إلى بيته الذى يبعد عن ورشته مسافة نصف ساعة بالسيارة وعلقوا على باب الورشة نبأ وفاته.

طالع المزيد:

وأصبح الناس يوم الأحد فوجدوا هذا الخبر مكتوبا على ورقة معلقة على باب الورشة، فشعر الناس بالحزن والآسى رغم كل شىء.

ولما كان عم محمد مسافرا إلى بورسعيد تعذر الاتصال به فذهب جمع من الناس إلى بيته ليقدموا واجب العزاء لأسرته وأبنائه الذين فوجئوا بالخبر وظنوا أنه تعرض لحادث وزاد الأمر سوءا أن هاتفه كان مغلقا.

انقلبت الدنيا فى بيته وتجمع الأهل والأصدقاء وظلوا جميعا يبحثون عن كيفية التوصل لمكانه.

حاولوا الاتصال بأى شخص يعرف أماكن التجار فى بورسعيد للسؤال عنه، حتى أتى المساء فوجدوه عائدا إلى المنزل يركن سيارته أمامهم.

أما الرجل فقد فجع  لرؤية أصدقائه وأهل الحى يقفون أمام منزلة، وظن أن أحد أفراد أسرته تعرض لسوء ووجد زوجته وأبنائه يركضون نحوه ويحتضونه وهم يبكون حتى أنه كاد ينهار وهو يسأل: ماذا حدث ؟!، حتى أخبروه، وتبين الحقيقة، فراح يسب ويلعن ويدعو على من فعل هذه الفعلة.

وانفض الجمع وعاد كل شخص إلى منزله بعد قصة رعب عاشها أهل بيته.

وأتى اليوم عم محمد غاضبا يتوعد الشباب الصغار ولديه يقين أنهم هم من فعلوا ذلك انتقاما منه، والشباب الصغار والأطفال كانوا على مقربة من الورشة مختفين عن الأنظار يضحكون غير واعيين بما سببوه للرجل وأسرته من ألم وفزع وحزن، لفترة تعتبر طويلة من الزمن.
قلت لا حول ولا قوة إلا بالله هناك خلل فى التربية وخلل فى العلاقات بين الكبار والصغار .

ذهبت إلى المكتب لألتقى بزومبى أخر، هو زميلنا خالد المتملق.

خالد يأتى كل صباح وقد حمل كل إصدارات الجرائد والمجلات وبعض السندوتشات ليقدمها للمدير كهدية يتملقه بها والأستاذ منصف المدير يقبلها وهو يبتسم ويقول له: “والله فيك الخير يا ابنى أنت الوحيد أللي بيفتكرنى”.. ثم يقول موجها كلامه لبقية الموظفين: “شايفين يا حوش”!!.

خالد يفعل هذا كل يوم متطوعا فلم يطلب منه الأستاذ منصف شيئا من هذا لكنه بادر من نفسه بتقديم خدمات إضافية للسيد المدير ربما ليعوض نقص كفاءته فى العمل، وربما ليحصل على ترقية أو مكافأة لكنه فى النهاية أمر عجيب تخيل أن يتنافس الموظفين على إرضاء المدير بالهدايا والتملق بدلا من أن يتنافسوا على إرضاءه بالعمل.

أفهم أن الهدايا مقبولة بين الناس والزملاء فى وقتها المناسب، وبشكلها المناسب، ولكن جرائد ومجلات وسندوتشات كل يوم من موظف لمديره أمر غير طبيعى.. إنه حقا عالم زومبى.
نكمل فى يوم أخر من يوميات زومبى فإلى اللقاء.

زر الذهاب إلى الأعلى