ابني يكرر «الألفاظ البذيئة» ماذا أفعل؟.. خبير إرشاد أسري يجيب

كتبت: أسماء خليل

التربية ليست بالعمل الهين، ولكنها منهج حياة يحتاج إلى جهد وصبر، وتقويم سلوكي وتربوي للذات قبل الأبناء؛ فالتربية قدوة.. أفعال لا أقوال، والآباء – دائما – محل مراقبة من الأبناء فهم يسجلون ويصورون كل تصرف يقوم به الأكبر منهم ويقلد ن ما يرون ويسمعون.

د. إيمان عبد الله
د. إيمان عبد الله

كثير من أولياء الأمور- في الآونة الأخيرة- يسمعون من أبنائهم كثير من الألفاظ البذيئة الدخيلة على مسامعنا ويكونوا في حيرة من أمرهم .. ماذا نفعل؟!

وقد يكون السبب فى ذلك من الاستجابة على أحد الوالدين التفوُّه بمثل تلك الألفاظ، ولكن من الجاني!

..هل البيت متمثلًا في الآباء والأخوة، أم الشارع باعتباره الملاذ الوحيد للأطفال والممر الرئيسي لم ورخم بالحياة، أم الأصدقاء والأقارب والجيران!!..

براءة الأطفال

وفي ذلك الصدد توضح الدكتورة “إيمان عبد الله” أستاذ علم النفس وخبيرة الإرشاد الأسرى، لـ “بيان” أنَّ ذلك الطفل في سماعه لتلك الألفاظ بريئا براءة الذئب من دم ابن يعقوب فإنه هنا مجرد متلقي، وفي تكراره لها حتما لا يعي معانيها وتأويلاتها.

وتوكد أن الدور الأعظم للوالدين يتجلى في مدى شرح معاني تلك الألفاظ لأبنائهم بشكل مقزز مما يثير اشمئزازهم ويجعلهم يتحسسون مدى جُرم تكرارها ..فإن قالها مرة أخرى يعيدون توجيهاتهم أيضا، فإن استمروا لا بأس يستمر الآباء في التوجيه المباشر و غير المباشر، فربما كثرة ممارستهم لنطق هذه الألفاظ جعلت من بعض تلك الكلمات البذيئة ترسخ في أذهانهم ..

طالع المزيد:

وتوجه خبيرة الإرشاد الأسرى الوالدين بعدم التوبيخ وتوجيه الشتائم لذلك الطفل، وتضرب مثلا بعلبة السجائر وما عليها من رسومات تقزز الشاري حتى يبتعد عنها، كذلك القائمون على التربية عليهم محاولة إيصال أفكارهم بشكل مبسط ورقيق لا يجرح المشاعر ويؤدي إلى العند والعنف لدى الطفل.

استفزاز الأسرة

وتستكمل أستاذ علم النفس رؤيتها حيث ترى أنه في تلك المرحلة يتجلَّى دور الطفل العنيد، وأن توبيخه وتأنيبه كي يكف عن قول تلك الألفاظ البذيئة لن يؤتى ثماره، وسيأتي برد فعل عكسي، وسوف يقوم الطفل بتكرار تلك الألفاظ فقط لاستفزاز الأسرة التي تهينه، وقامت بوصمه بأنه “قليل الأدب”، وقد يكون هذا الطفل فى الحقيقة لايعرف معنى تلك الكلمات.

ومن الممكن تجاهل بعض التصرفات من الطفل إذا شعرنا أنه بدأ استخدامها ضدنا، لأنه وجد أن جميع الأسرة تتضايق حين سماعه وهو يكرر تلك الألفاظ، ومع الإهمال والقسوة الموجهة له، ينمو داخله دافع الانتقام المعنوي، فيحاول استفزازهم بقول تلك الكلمات المشينة دونما داع.

وترى عبد الله أنه حينما نقول للطفل “لا” لابد أن نقولها ونحن في غاية الهدوء، ولا نجعل نهينا له مادة خصبة لجعله يصبح عنيدا، وأيضا لا نعلمه الشيء الحسن من خلال المواقف التربوية السيئة، فكيف سيتعلم إذن إذا كان أحد الوالدين يوجه له الألفاظ السيئة كي يكف هو عنها..

وهنا لابد أن نعلِّم الطفل ضرورة الاعتذار ريثما يُصدر أي كلمة سيئة أو لفظ بذيء، ومعنى تكرارها أنك تريد أن تكون إنسانًا غير منضبط من الناحية السلوكية.

خطوات الحل

وتشير دكتورة إيمان بأنه على الأم أن تقوم – أولا – بالبحث عن مصدر تلك التصرفات، هل هو يُحاكي زميل له أو اكتسبه من الشارع أو الكرتون؟!.. فهذا يقوم بدوره بتسهيل العلاج على الأم.

وعلى الأم أيضا توجيه ذلك السؤال لابنها الطفل: من أين أتيت بتلك الألفاظ؟!.. ربما تكن المفاجأة ويجيب الطفل بأن الأم نفسها هي من تكرر تلك الألفاظ وقت عصبيتها.

وهنا لابد على الأم حينها الاعتذار؛ حتى تعلم ابنها أن يقلدها في ذاك السلوك الجيد.

ولابد على الأم أن تعرف أن أولى خطوات نجاحها في تقويم سلوك هذا الطفل، هو التحلي بالصبر، وعلى الأسرة أن تكون “فلتر” حريصة وهي تتعامل مع الطفل..

العقاب السلبي

وتوضح خبيرة الإرشاد الأسرى أنه لابد من عدم عقاب الطفل بالطرق التقليدية المعهودة من عنف وإيذاء لفظي.

وربما يكفى أن توجه الأم مجرد نظرة يشعر بأثرها الطفل على نفسه، أو إيماءة بإصبعها أو أجزاء من جسدها تعكس أنها غاضبة منه.

ولابد على الأم أن تشرح جيدا للطفل أن الحب لا دخل له بما يصدر منها من عقاب له، فهي تحبه في كل الأحوال ولكن تكره هذا السلوك.

وتحذر خبيرة الإرشاد الأسرى، الوالدين أن تأخذهما العزة بالإثم فيقول أحد الوالدين مثلا: “أنا كبير أقول اللي أقوله”، فهنا يفهم الطفل أنه بالإمكان قول تلك الألفاظ البذيئة حينما يكبر، وتتداخل لديه المفاهيم التربوية، وهنا يفقد القدوة.

ولابد أن توجيه الطفل  ليس بشكل مباشر، ولكن بتغيير الانتباه، ولكي لا يشعر بالإحباط ريثما يفعل أي تصرف كبير أو صغير.. لا لرد الفعل الأعلى من الموقف كالصراخ في وجهه.. وعدم تكرار ما يقوله الطفل.. وعدم توبيخه أمام أي أحد بشكل مباشر أو غير مباشر.

زر الذهاب إلى الأعلى