د. إيمان عبد الله تكشف للوالدين.. الطريقة المثالية لعقاب الأبناء

- العقاب يختلف من طفل لآخر وحسب تدرج المراحل العُمرية للأطفال - هناك قواعد للعقاب بصورة إيجابية مدروسة - على الوالدين اختيار مكان وزمان العقاب - الطفل العنيد في رحلة استكشاف لمعرفة مدى ردود أفعال من حوله - ضرورة عدم تفريغ الهموم والضغوط الحياتية على الطفل بضربه وإهانته

حوار أجرته: أسماء خليل

لا تنزعج من العنوان.. فليس المقصود به التحريض على العنف، أو إيذاء الأبناء، لكن المقصود به هنا، هو هذا النوع من العقاب التقويمى للسلوك، أو كما يعرفه بعض خبراء التربية بـ : “تهذيب سلوك الطفل بمقدار ما ارتكبه من خطأ، وليس تسبيب إيلامًا له كي لا يرتكب ذلك الفعل بشكل مُسبق”.

وبناء على ما سبق، فلابد أن يكون هناك قواعد للعقاب بصورة إيجابية مدروسة، وهو ما تؤكد عليه الدكتورة “إيمان عبد الله” أستاذ علم النفس وخبيرة الإرشاد الأسرى فى حديثها لـ“بيان”.

وتبدأ د. إيمان حديثها بالقول: إنَّ العقاب يختلف من شخص لآخر وحسب تدرج المراحل العُمرية للأطفال، ولكنها طرحت شيئًا هامًّا بالبداية، وهو تفسير المعنى الحقيقي للعقاب وهو أنك تقوم بإيلام الطفل وإجباره على فعل شيء ما، وتطرح سؤالَا متى يكون ذلك العقاب سويًّا؟!.. وترد بأنه إذا كان من أجل تهذيب سلوك الطفل بمقدار ما ارتكبه من خطأ، وليس ليُسبب له إيلامًا لكي لا يرتكب ذلك الفعل بشكل مُسبق، فلابد أن يكون هناك قواعد للعقاب بصورة إيجابية مدروسة.

كُرسي العِقاب

وتستكمل أستاذ علم النفس أن العقاب يختلف من شخصية لأخرى ومن مَوقف لآخر، فلا يصح مثلا أن يقول أحد الوالدين هذا “كرسي العقاب” لعقاب الطفل بشكل دائم على كل تصرفاته الخاطئة ويجلس بمفرده، فهذا الشكل العقابي – على سبيل المثال – يستحيل تطبيقه على الطفل العصبي، فيختلف العقاب من سن لآخر وشخصية لأخرى، ولكن هناك بعض الثوابت التربوية التي يتم استخدامها مع الأطفال لتهذيب سلوكهم، فلابد على الوالدين اختيار مكان وزمان العقاب؛ حيث إنه لا ينبغي بأى شكل توبيخ الطفل بحضور الأقارب بالمنزل بشكل قاسي، وكفاك إثمًا أن تقول له أمام الناس أنتَ مُخطئ.. لابد من اختيار المكان المُناسب لتصحيح الخطأ الذي وقع به الابن، ولابد من التأكيد على أنه حين ارتكاب الخطأ أن الطفل ليس هو السيء ولكن ما صَدر منه من تصرف، فـ “الحب” موجود مهما يحدث.

متى يتم العقاب

توضح استشاري الإرشاد الأسرى ضرورة عدم الالتجاء للعقاب إلا بعد التأكيد على إرشاد الطفل عدة مرات بإدراك تام منه، لأنه بالإمكان ألَّا يكون مُدركًا ولابد من الصبر كي لا يُصدر المُربي رد فعل سريع تكون آثاره وخيمة من الناحية التربوية..فقبل أربع سنوات يتم توجيه وتعليم الطفل ويخطئ من أجل أن نُعلِّمه، فما ال في مرحلة اكتشاف الدنيا، وبعد هذا السن يتم تطبيق “كرسي العقاب” بفصل الطفل عن الأسرة في أحد أركان المنزل أمام مرأى من الجميع لمدة ساعة مثلًا. ولا ينبغي الرجوع أبدًا في ذلك الأمر لأن الطفل ذكي وسيُدرك الأمر، كما لا يجوز سب الطفل وقذفه بالشتائم، فالمسؤول التربوي يقوم بتهذيب السلوك وليس ترسيخ المفاهيم القبيحة والخاطئة في ذهن الطفل.
وتستكمل عبدالله، لا للضرب.. لا بد ألا نتسبب للطفل في عاهة كي يكون مُطيعًا أو نوجع جسده، كما أن الضرب على “الوجه والقدمين” هما أكثر الأماكن التي تصيب الطفل بالشعور بالإهانة.. لابد من تصحيح الفكرة سلوكيًّا وليس بدنيًّا..

اختيار وسيلة العقاب

تقول أستاذ علم النفس، أنه لابد أن تكون وسيلة العقاب مُناسبة، فمثلا هناك طفل لا يُحب حصة معلمة بعينها، فإذا تم عقابه بطرده من حصتها سيكون ذلك ليس عقابًا فهو يحبها من الأساس، كذلك العقاب ب“الحرمان” لا يكون عن طريق منع الطفل عن الشيء بشكل كامل ولكن فقط التقليل، سواءً كان ذلك مأكل أو مشرب أو نوع من أنواع الألعاب، لكي لا يشعر بالإهانة والتحقير من شأنه؛ لأنه يتم التركيز على الخطأ وليس الشخص.

الطفل العنيد والعقاب بالجُملة

وترى الدكتورة إيمان أن الطفل العنيد في رحلة استكشاف لمعرفة مدى ردود أفعال من حوله، ويحاول معرفة مقدار مدى محبتهم في قلبه، ويقوم بتقليد والديه من عصبية وسلوك سيء، فيكتشف عدم وجود القدوة أمامه.

كذلك قد يعاقب البعض أولادهم على الأمور بأثر رجعي، فهم يُكَوِّنون مخزونًا داخل أنفسهم، ثم يعاقبون الطفل مرة واحدة.. لكنهم مخطؤون فربما تؤثر نظرة واحدة فقط على تقويم سلوك الطفل.

وتؤكد عبد الله على ضرورة عدم تفريغ الهموم والضغوط الحياتية على الطفل بضربه وإهانته، كما يؤثر ذلك على التحصيل الدراسي والانتباه والتحصيل، فصعوبات التعلم إحدى نواتج العقاب البدني، حيث يتم ربط الألم لدى الطفل بالألم البدني، فالطالب الذي يكون متفوقًا بسبب الضرب يفقد أمامه جزءًا من نفسيته فيصيبه العدوان الداخلي لنفسه وربما يضر أصحابه ثم بلده، وقد يُصاب بعضهم بالتبول اللاإرادي وكثير من الاعتلالات السلوكية والنفسية.

وتُبين عبد الله انه لابد من العقاب ولكن العقاب من جنس العمل، فإذا كسر الطفل لُعبة لا تشتري أخرى واجعله يقوم بتصليحها، من لم يقوم بعمل الواجب المدرسي فعليه باليوم التالي تطبيق الواجبين معًا، فإذا أنجز الطفل ما عليه بالإمكان اصطحابه في نزهة أو لدى أحد الأقارب، ويجب المصاحبة وتكرار التوجيهات بشكل حانٍ حتى يعترف للوالدين إذا تعرض لموقف سيء.. فالعقاب يتم تطبيقه ليتعلم به فقط التفريق بين الثواب والخطأ، المخاوف تُكَوِّن لديه فوبيا تجاه الكثير من الأشياء الحياتية.

وفي الأخير تؤكد الدكتورة إيمان على ضرورة وضع تلك الكلمات لتصبم نهجًا تربويًّ، وهي اننا “لا ندمر الطفل ولكننا نقوم بتهذيب سلوكه”.

زر الذهاب إلى الأعلى