عاطف عبد الغنى يكتب: موسم الحج إلى تل أبيب

كلما عرفت خبرا بزيارة مسئول عربى “سرا” أو “علنا” إلى تل أبيب، يهاجمنى شعور حزن ممزوج بخيبة أمل على الحال التى وصلنا إليها فى المنطقة العربية.
ومازال صديقى المتخصص فى الشئون الإسرائيلية، الكاتب الصحفى إسلام كمال يرسل لى هداياه الملغمة التى يطّلع على أكثرها فى بلد المنشأ، ومستنقع الشر الذى أراد الله سبحانه وتعالى أن يزرعه فى هذه المنطقة من العالم لحكمة تجل وتعظم عن أفهامنا، لكن نعرف نتائج الشر الصادرة عن هذا المستنقع، إسرائيل سيف الضلال وخنجر الاستعمار.
وللحقيقة لم تعد إسرائيل هى أداة الاستعمار الإمبريالى الغربى، كما نردد فى أكليشيهاتنا المحفوظة، بل العكس هو الصحيح، وأصبح هذا الاستعمار وعلى رأسه أمريكا هو أداة إسرائيل، أو للدقة اليهودية العالمية، لتنفيذ مخططاتها فى المنطقة والعالم.
وإذا كان حج المسلمين والعرب إلى بيت الله الحرام، قد تعطل بسبب كورونا، فإن الحج إلى تل أبيب لم يتعطل عند المسئولين العرب والطامحين إلى السلطة لنيل بركة الرضا والقبول.
والأمر يذكرنى بما حدث قبل 25 يناير 2011 من بعض السياسيين المصريين أمثال أيمن نور، والبرادعى، وغيرهما عندما سعى هؤلاء إلى جماعة الإخوان المحظورة ليعقدوا معها صفقات تساعدهم فى الوصول إلى السلطة.
هرولوا إلى الجماعة فى مقرها الذى كان لا يزال فى المنيل، وعلى باب المرشد خلع نور وغيره الحذاء، واصطفوا خلف إمام الإخوان فى صلاة لا أعتقد أنها كانت خالصة لوجه الله، لأن المنافين لم يكونوا يركعونها أصلا، لكنها غواية السلطة تدفعهم لأن يطلبونها من بشر، ولا يسألونها مالك الملك الذى يأتى الملك من يشاء، وينزع الملك ممن يشاء، ويعز من يشاء، ويذل من يشاء.. صدق الله العظيم، فهل يصدق الملوك والأمراء الذين يسودون فى المنطقة ؟!

طالع المزيد:

رأيت قبل أيام فيديو يتداوله النشطاء، وفيه شارون رئيس وزراء إسرائيل الأسبق، يزور ملكا عربيا راحل، كان يرقد الأخير فى مستشفى غربى، ينازع الموت، فى رمقه الأخير، وقيل ان شارون طلب منه فى هذه الزيارة أن يجرى تعديلا فى تركيبة بلاده السياسية لأسباب كانوا يرونها فى إسرائيل أضمن لأمنهم القومى، وركب الملك طائرته وعاد إلى بلاده فورا لينفذ ما طلب منه، حتى يحفظ الملك والسلطة والجاه فى بيته، ثم مات.
وكل يوم نعرف خبرا عن تسلل أطراف فى دول النزاع، والربيع الأغبر، ليلتقوا حكام تل أبيب، فى خلوة سرية، ويبرموا معهم صفقات “إبراهمية” مؤكدة التنفيذ حال وصولهم إلى السلطة فى بلادهم، وتفضحهم وسائل الإعلام العبرية، والميديا الإسرائيلية، أحيانا بدون قصد، ودائما بقصد.
تل أبيب مثل الإخطبوط تمد أذرعها فى كل الاتجاهات، وتصل إلى أعماق منابع النيل، والسودان، وليبيا، والخليج، والمغرب، ولا تترك شاردة تطبيع أو واردة إلا وتنشرها، وتروج لها، وفى ذات الوقت تدعو افراخ العرب، فى حضاناتهم للدخول فى حضنها، بدعوى أنه أرحب وأدفأ وأكثر ديموقراطية من أوطانهم، ودولهم، وحكامهم.
ونحن فى قلوبنا مرض، وإذا قال الله سبحانه وتعالى: “لا تفسدوا فى الأرض”، قالوا بل نحن مصلحون!!!
تفاصيل حج المسئولين العرب، والمترشحين لمناصب الرئاسة والسلطة، متاحة بسهولة جدا لمن يريد الاطلاع عليها، فهى منشورة على صفحات الإنترنت، وإسرائيل تسربها للشعوب العربية، مترجمة، لسهول الاطلاع عليها، ولن نزيد كثيرا إذا نشرناها، فليس هذا هو الهدف، ولكن هدفنا أن ننبه لما يحدث ونتمنى على الله أن تكون خطوات الأشقاء المهرولين لتقديم فروض الطاعة والإذعان للسيد الجالس فى تل أبيب، تكون من باب الخداع التكتيكى، ولا تكون استيراتيجية دائمة تؤسس لإسرائيل ما لا تستحقه من مكانة فى المنطقة، وتصنع منها أسطورة من بيده المقادير، ولنتذكر أنه حدث أن أخذت أكبر من حجمها بكثير بعد نكسة 67، وجاءت حرب أكتوبر 1973، لتضعها فى حجمها الحقيقى.. هل تتذكرون؟

زر الذهاب إلى الأعلى