إسلام كمال يكتب: التمدد المبالغ فيه.. جنون العظمة الذي يصيب الأقزام!

التطلع والسيطرة وامتلاك القرار في عدة دوائر قريبة ومتوسطة وبعيدة من الأمن الاستراتيجي لكل بلد، هى رغبة طبيعية لكل كيان، يخطط له ويحاول تنفيذه، لكن البعض ينسي مقارنة حجمه مع تطلعاته، وبذلك يتواجه الطموح مع الواقع، وأحيانا تتبلور صور غير تقليدية من الظواهر الاستراتيجية، لم تكن موجودة من قبل مع تعقيدات مفارقة التطلع غير المنطقي المرتبط بأجندات ما واملاءات ما..تنتهى في الغالب بدفع فواتير مؤلمة تتورط فيها شعوب هذه الدول وغيرها!

الحديث هنا ليس عن دولة بعينها، ولا تجربة بعينها، حيث تتعدد الظواهر السلبية، فللأسف الأقزام كثر، وتعليمات العمالة أكثر وأكثر، وهناك منهم من هم وكلاء عن قوى ما، وهناك من هم عملاء برخصة، يفضلون طريق العمالة والتورط في الشئون الداخلية لدول، حتى يحققون مصالحهم، والتى منها إرضاء مشغليهم من القوى الكبري وحتى القوى المتوسطة، وكان لمثل هذه التجارب دورا كبيرا فيما يسمى بالربيع العربي، وزادت أدوار أخرى بعده.

هناك دول، كما تحركها إملاءات القوى الكبري، يسييرها أيضا تجديد أحلام الماضي، لأنهم كانوا في السابق القريب والبعيد قوى عظمى، ومنها تركيا وإيران وحتى إثيوبيا، ولكن الأمر يختلف تماما في نماذج من نوعية قطر والإمارات، الذين أغرتهم الدولرة البترولية والغازية وحتى التجارية بدرجات متفاوتة، وجرتهم لتورطات لا بعدها ولا قبلها، ورغم إن الإمارات كانت تنتقد وتهاجم قطر لقيامها بهذه الجرائم، إلا إنها قلدتها في الفترة الأخيرة، وتورطت في ملفات حتى ضد ثوابت القضايا العربية، بل وتجاوزتها في أمور أخرى.

وتتناقض طبعا المصالح والأجندات والإملاءات مع كل ملف وكل مشهد وكل قضية، وأحيانا ما تتواجه الدولة المتطلعة لأدوار أكبر منها، وليس بعيدا عن المنظور أن تصل بنا هذه التورطات إلى توترات كبيرة، بل حتى حد الحرب الإقليمية، شرق أوسطية أو غيرها!

في ظل كل هذه الأجواء الملبدة بالغيوم، التى يعانى منها العالم خلال الثلاثين عاما الماضية، لو كنا نتعمد بداية الرصد من التجربة القطرية، كان من الطبيعي أن يكون لإسرائيل دورا في هذه الظاهرة، حيث تبلورت مصالح كثيرة لها من خلال هذه التجارب والتطلعات غير المنطقية والمبالغ فيها، لدول كالتى ذكرنا، وممكن غيرها أيضا، ويتواصل التمدد الإسرائيلي بفضل هذه التجارب وغيرها، فلم يكن صوت الصهاينة الجدد سيرتفع بهذه الطريقة، لولا التمدد الدموى والفكرى للفرس الجدد، والمتفق عليه في أحيانا كثيرة، ولولا الخيانات الخليجية والتوائمات الأخرى طبعا.

ومن مفارقات هذه الظواهر، أن الإمارات لم تربح في النهاية رغم توائمها بل تحالفها مع التجربتين الإيرانية والإسرائيلية، وكان هذا جليا في الضربات الصادمة التى وصل بها الحوثيون للعمق لأول مرة منذ حرب اليمن، وفقط بعد أيام من التواصل الاماراتى الإيرانى الساخن جدا، والذي أقلق جدا تل أبيب بشكل أو أخر، رغم التوافق الخفي بين كل الأطراف، في خروج مستفز عن عقيدة مؤسس النهضة الإماراتية “الشيخ زايد”!

لكن التجربة القطرية، لم تتعرض لأى إيلام واضح، لو لم نعتبر المقاطعة الخليجية العابرة، عقاب ما أو حتى الانقلاب على نظام والد تميم، ضربة ما من المشغل للعميل، رغم إنها الأقدم بين كل تجارب جنون العظمة الذي يصيب الأقزام، وهذا يرجع إلى تنفيذ قطر لكل الأوامر مهما كانت, وفي أى إقليم من الشرق الأوسط، وحتى أفغانستان، وإلى أوكرانيا !

الملف كبير، وفى حاجة لنقاش أوسع، فالتجربة الإثيوبية في حاجة لوقفة كبيرة معها وحدها، خاصة مع تحولاتها الدرامتيكية المتسارعة، بل أيضا التجربة الأردوغانية التى تتجاوز في إثارتها وتحولاتها المسلسلات التركية..ولذلك لنا حوار آخر، وتحياتى.

اقرأ أيضا للكاتب:

زر الذهاب إلى الأعلى