د. أحمد سيد عبد العظيم يكتب: لماذا تشيد مؤسسات التمويل والتصنيف الدولية باقتصاد مصر؟

التنفيذ المتقن للإصلاحات الاقتصادية، وتطبيق السياسات المالية والنقدية المتوازنة الفعَّالة، جعلت الاقتصاد المصرى أكثر مرونة أمام التحديات الداخلية والخارجية، والتقلبات الحالية في أسواق المال العالمية، وزيادة أسعار السلع الأساسية كالقمح والبترول، وارتفاع معدلات التضخم، واتجاه معظم البنوك المركزية إلى تضييق السياسة النقدية «رفع أسعار الفائدة» واستمرار الاضطرابات في سلاسل الإمداد العالمية.

اقرأ أيضا:

وانعكست نجاحات هذا الأداء فى صورة الإشادات المتتالية من مؤسسات التمويل والتصنيف الدولية، وأحدثها إشادة مؤسسة “موديز” للتصنيف الائتمانى، بالسوق المصرفى
المصرى.
وأكد تقرير “موديز” للتصنيف الائتمانى على مرونة الاقتصاد المصري أمام تقلبات أسواق المال العالمية، مضيفا أن استمرار الحكومة في تطبيق سياسات اقتصادية، حققت معدلات نمو حقيقي مرتفعة، رغم التداعيات السلبية لجائحة كورونا، ومواصلة الإصلاحات فى السياسات المالية والنقدية، بما يسهم فى استدامة مؤشرات أداء الاقتصاد المصري أمام هذه التحديات الاقتصادية العالمية.
كما أفادت مؤسسة «موديز» أن الاقتصاد المصرى مازال قادرًا على التماسك والتعامل المرن مع تداعيات السياسة النقدية التضييقية للبنك الفيدرالى الأمريكى، وما تفرضه من ضغوطات على الأسواق الناشئة، تهدد بتخارج رأس المال الأجنبي.
وفى ذات السياق فقد حظى الأداء الفعلي للموازنة العامة للدولة خلال النصف الأول من العام المالي الحالي، بإشادة «موديز»، التى أوضحت فى تقريرها أنه على الرغم من ارتفاع حجم الإنفاق على قطاعات الصحة والتعليم والحماية الاجتماعية في ظل «الجائحة» فإن وزارة المالية نجحت فى تحقيق ٣,٢ مليار جنيه خلال الستة أشهر الماضية، بما يعكس نجاح ما تنتهجه الحكومة من سياسات فى إدارة المالية العامة للدولة، وفى مواجهة مختلف التحديات الداخلية والخارجية.

أكد أيضا تقرير «موديز» للتصنيف الائتمانى عن إيجابية أداء الاقتصاد المصرى، متوقعا أن إدراج السندات المصرية في مؤشر السندات الحكومية للأسواق الناشئة «جى. بى. مورجان» سيؤدى إلى تحسين السيولة فى سوق الدين بالعملة المحلية على المدى الطويل، من خلال زيادة الطلب على السندات الحكومية، ومن ثم خفض تكلفة التمويل، وإطالة عمر الدين، على نحو يؤدى إلى انخفاض تدريجي للاحتياجات التمويلية.

كما أشار التقرير إلى أن مصر تعد الدولة الوحيدة بالشرق الأوسط وأفريقيا التى احتفظت بثقة جميع مؤسسات التقييم العالمية الثلاثة: «ستاندرد آند بورز» و«موديز» و«فيتش» خلال فترة من أصعب الفترات التى شهدها الاقتصاد العالمي في ظل «الجائحة»، موضحًا استمرار الحكومة فى تنفيذ حزمة متكاملة من الإصلاحات الهيكلية لتعزيز بنية الاقتصاد الكلى، بما يُسهم فى تحقيق المستهدفات الاقتصادية وينعكس إيجابيًا على المؤشرات المالية.

فيما توقع تقرير أخر صادر حديثا عن وكالة «فيتش» أن يحقق الاقتصاد المصري معدل نمو إيجابي 3% للعام المالي الحالي رغم توقعها إستمرار انخفاض الحركة السياحية ومحدودية النشاط التجاري في ظل إستمرار تأثر حركة التجارة العالمية، ما يؤكد تنوع القطاعات الاقتصادية وصلابة الاقتصاد المصري.

وقالت «فيتش» إن مؤسسة التصنيف الائتمانى «موديز» قررت تثبيت درجة التصنيف الائتماني لمصر عند المستوى «B2» مع الإبقاء على النظرة المستقبلية المستقرة للاقتصاد المصرى، نتيجة تنوع الاقتصاد المصري وتحسن أداء إدارة المؤسسات، وتمتع القطاع المصرفى المصري بمرونة عالية وهيكل تمويلي قوي بما يعكس ثقة خبراء ومحللي مؤسسة «فيتش» في فعالية وتوازن السياسات الاقتصادية والمالية المتبعة من الحكومة خاصة تلك المرتبطة بإدارة الأزمة الاقتصادية والصحية الحالية.

والاهم من وجهة نظرنا أن وكالة “بلومبرج” أشارت إلى أن بنك “جى بى مورجان تشيس” سوف يضيف مصر إلى مجموعة من موشرات السندات الشهر الجارى ما يهيىء السوق لتلقى فيضان من السيولة من مديرى الأموال ذوى الاستراتيجيات الخاملة نظرا لكون الفائدة المصرية العالية، والتى تعد من بين الأعلى حول العالم تغرى المستثمرين الأجانب.

بالاضافة إلى أنه من المتوقع أن يبلغ العائد على السندات المقومة بالعملة المحلية 17 % العام الجارى خاصة أن عملية كبح جماح التضخم تمضى بشكل سليم وذلك من خلال أسعار الفائدة وسعر الصرف ذا التقييم العادل والتى يتنهجهها البنك المركزى
فى النهاية.
وأرى أنه لا مشكلات فى السيولة على الأطلاق، وأن أموال المودعين بالبنوك آمنة تماما وذلك بضمان وبناء على تقارير وموشرات جميع الموسسات العالمية للتقييم
كما يرى الكاتب أنه نتيجة للإدارة القوية من جانب البنك المركزى، والذى يتمتع بالاستقلالية الكاملة فى إدارة القطاع المصرفى عن طريق الرقابة عليه، وإدارة السياسة النقدية ما أدى الى تمتع القطاع المصرفى المصرفى برأس مال حقيقى وتمتعه أيضا بدرجة عالية من السيولة، واحتياطى نقدى مثالى، وذلك طبقا لموسسات التقييم العالمية.

وفى النهاية يتوقع كاتب هذه السطور ثبات أسعار الفائدة واستقرار سعر صرف الجنيه مقابل الدولار وذلك فى ظل تمكن الحكومة من تجنب ضغوط التمويل قصيرة الأجل وذلك فى ظل إمكانية استعادة مايقرب من 8 إلى 10 مليار دولار من عائدات السياحة، وبالتالى يمكن القول أن البنك المركزى واجه تحديات كبيرة على كافة المستويات، وتم النجاح فى التصدى لها بكفاءة وفاعلية حققت لمصر الريادة والصمود كسوق ناشيء على مستوى الشرق الاوسط وافريقيا.
…………………………………………………………………………
كاتب المقال
خبير اقتصادى ومالى والاقتصادى، ويشغل منصب المدير المالي لشركة “نورب تكو”.

زر الذهاب إلى الأعلى