د/ناجح إبراهيم يكتب: مصر التي نعيشها أم الأفلام التي نراها؟!
كتب د/ناجح إبراهيم مقالاً بعنوان”مصر التي نعيشها أم الأفلام التي نراها”وتم نشره في جريدة المصري اليوم وهذا هو نص المقال:
مشهد رقم (1)
• كان بيته يقع بجوار مستشفي 57357 لسرطان الأطفال وجد أهالي المرضى من الصعيد والأقاليم ينتظرون في الشارع ساعات تطول لأيام انتظاراً لمرضاهم في الجراحات أو العناية أو الكيماوي.
• أحزنه الأمر وهو يرى مكابدتهم للصقيع شتاءً والحر صيفاً,وهب لهم بيته بالكامل للإقامة مع أطفالهم المرضى,كتب عليه”سكن مجاناً وبدون تبرعات لأطفال مستشفي 57357,واشتري سيارة صغيرة لنقل المرضى وأسرهم من مترو السيدة زينب للمستشفي وبالعكس.
• أحبه أطفال السرطان لأنه كان يلعب معهم ويمزح,يحملهم,كانت ريتاج تقول قبل وفاتها:أنا بحبك أوي يا عم ظاظا وبموت فيك,اشتد عليها المرض وتوفت,جرى الجزار الطيب”صيام”أو عم ظاظا كما يسميه الأطفال ليشتري لها الكفن ويجهز كل شيء لزوم الوفاة علي نفقته.
• عشق الخير وخدمة هذه الشريحة الضعيفة,عندما مات رائد الإحسان”عم ظاظا”احتشد الآلاف لوداعه وخلفه سيارته التي كتب عليها”خدمات مجانية لمرضى مستشفي 75357 “.
• وكأن الله أراد أن ينشر فضله في الآفاق كلها فامتلأت صفحات التواصل الاجتماعي بصوره مع الأطفال وجنازته وبيته,كان يردد”ما أنفقت جنيها علي هؤلاء المرضى وأسرهم إلا أعطاني الله أضعافه”,أدرك بفطرته البسيطة مقاصد الشريعة بمعناها الحقيقي واللانهائي وهي”عبادة الحق والرحمة بالخلق”.
مشهد رقم (2)
• زوجها يعاني من سرطان الدم لوكيميا وهو من أسوأ السرطانات,كانت تبيت الليل مع زوجها في المستشفي دون أن يكون لها سرير خاص فتنام علي الكرسي طوال الليل.
• في السادسة صباحاً تعود إلي البيت لتجهز أولادها للذهاب للمدرسة,ثم تنظف البيت وتعد الغذاء لأولادها ثم تنام قليلاً ثم تعود ليلاً إلي المستشفي لتكون إلي جوار زوجها وخاصة عندما يأخذ العلاج الكيماوي المجهد.
• كفاح متواصل ومرير ولولا مساعدة أمها في رعاية الأولاد ما استمرت الحياة,سألتها:زوجك جاوز الثلاثين ولا عمل له ولكم ثلاثة أولاد في المدارس فكيف تعيشون؟همست في حزن:أهل الخير لم يتركونا لحظة,ساعدونا في الطعام,والعلاج,والاهتمام,ومصاريف المدارس,الخير باق في مصر ما دامت السموات والأرض,حتى البلازما التي تتكلف قرابة ألف جنية يساعدوننا في شرائها,جيراننا وأهلنا,وأقاربنا وصناع الخير والمعروف.
• قلت لنفسي:معظم المصريين الآن علي حافة الفقر ولولا إحسان أهل الخير ما عاش هؤلاء الفقراء والمرضى واليتامى,الشعب المصري معدنه الحقيقي قوى وفعال,امرأة شابة تحول زوجها الشاب إلي حطام,وهي لا تتخلى عنه رغم أنه لا يملك من مقومات الحياة شيئاً,إنها نموذج للمرأة المصرية العظيمة التي لا تتخلى عن زوجها وهي تختلف عن المرأة في الأفلام المصرية,سلام علي المرضى الصابرين وسلام علي الزوجات المكافحات.
• مصر ستظل موطن الفضيلة والفقه والطهارة والكفاح,وشعبها من الشعوب المتدينة الصابرة,ابحث عنهم في القرى والنجوع وفي حالات المرض والوفاة وفي المواقف الصعبة,لن تجدهم في الأفلام ولا المسلسلات,حيث تجد فيها دوماً الخيانة الزوجية والعلاقات الغير مشروعة.
مشهد رقم (3)
• أصيب زوجها الشاب بالمرض الخطير الذي بدأ ينتشر في مصر S”.M” الذي يفقد الإنسان قدرته علي الحركة ويحطم الشباب تحطيماً,فلا عمل ولا أمل ولا قدرة زوجية مع علاج مكلف وطويل فهناك حقن كل عدة أشهر يربو ثمنها علي 150ألفا,وقد أحسنت الدولة أن ضمت هذا المرض لمنظومة العلاج علي نفقتها.
• قالت الزوجة :كان حماي ينفق علينا ولكن مهنة المنجد اندثرت,علاج زوجي يدبره صناع الخير وبعض الجمعيات الخيرية,وكذلك مصاريف الدراسة,المشكلة الآن:كيف أوفر طعام اليوم لأسرتي,قلت لها: إذا كانت جمعيات مصر الخير,الحصري قد وفرت لزوجك العلاج والدواء فإن الله سييسر الطعام توكلي علي الله,لم أكن وقتها أفكر في حل لمشكلتها.
• وفي المساء جاء عيادتي رجل من الجمعية الشرعية تحدثنا سوياً عن فضل الجمعية الشرعية علي قرابة 4/3 مليون يتيم قلت له: هذا عمل عظيم يحسب لها مع نشاطاتها الأخرى,قال :أننا نقدم طعاماً أسبوعياً للفقراء,قلت لنفسي:وجدت الحل,حدثته عن هذه السيدة فرحب بضمها إلي مجموعات الطعام,قال لي: إنني حاولت الإنجاب مراراً,أجريت لزوجتي حقن مجهري مرتين دون جدوى,ذهبت إلي جميع الأطباء,قالت لي زوجتي أخيراً: ألا يكفيك أنك أب لقرابة 60 يتيماً,إن الله لن يقدر لنا الإنجاب يكفينا هؤلاء,والمبلغ الأخير أكمل به شقة شقيقك الأصغر اعتبره ابنك,وبعد مناقشات معها اقتنعت برأيها,وساعدته في الزواج بالمبلغ كله,قلت له: هل هناك نساء هكذا حتى الآن قال :نعم مصر عامرة برجالها ونسائها.
• فكرة إطعام الطعام الآن تتم علي كل المستويات والحمد لله مصر الخير أعدت في هذا الشتاء ملايين كراتين الطعام وكذلك بنك الطعام وبرنامج حياة كريمة وتحيا مصر,لم أنتبه لأهمية ها الباب بقوة إلا من القرآن وتجارب الحياة”وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَىٰ حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا”الطعام لكل أحد يحتاجه مهما كان عرقه ولونه ودينه وفكره,إنها واحدة من أعظم القربات.
مشهد رقم(4)
• شاب فقير يعمل كاشير في كارفور طنطا وجد شنطة بها قرابة ثلث مليون جنيها,بحثوا عن صاحبها حتى وجدوه,العفة والأمانة غلبت علي فقره وحاجته.
• مصر تعني الشرف والكرامة والتدين والوسطية والإحسان في مجملها,لا تعني الشذوذ الجنسي ولا الخيانة الزوجية ولا قبول المثليين ولا التردي الأخلاقي,الفساد والتحلل استثناء وليس أصيلاً في المجتمع وهو مرفوض وممجوج,لن نحوله إلي أصل ولن نسبغ عليه المشروعية والقبول.
• مصر التي نعرفها مليئة بنماذج العمل والعرق والتعب والرضي بالقليل,مصر أشرف من التي تسوقها بعض الأفلام التي تريد إكراه المصريين علي قبول الشذوذ الجنسي والخيانة الزوجية.