عاطف عبد الغنى يكتب: إسرائيل تقسّم الأقصى

يوم الخميس الخامس من شهر مايو الحالى، تذكروا جيدا هذا التاريخ، فنحن العرب لم نعد حتى نتذكر.. والتاريخ هو اليوم الذى بدأت فيه السلطات الإسرائيلية بالفعل تنفيذ الخطة الشيطانية للتقسيم الزمانى للمسجد الأقصى الشريف (للذكرى هو أولى القبلتين وثالث الحرمين).
وحدث يوم الخميس الماضى (المشار إليه) أن منعت الشرطة الإسرائيلية المسلمين من دخول المسجد الأقصى، بعد الفجر لتعطى الفرصة لمئات المستوطنين بتدنيس الحرم الإسلامى المقدس بدعوى إحياء الذكرى 74 لتأسيس دولة إسرائيل.
وعندما جاء آوان صلاة الظهر، وتوجه فلسطنيون للصلاة بالمسجد الأقصى منعتهم أيضا السلطات الإسرائيلية، واعتقلت منهم حوالى 65 على أبواب المسجد، وعدد منهم كان قد رضخ للأمر الواقع وحاول الانصراف.
حدث هذا رابع أيام “عيد الفطر” وبعد 14 يوما من منع الشرطة الإسرائيلية دخول الفلسطنيين للأقصى، وهذه الأيام الـ 14يدخل فيها العشر الأواخر من شهر رمضان الماضى.
وسمحت السلطات الإسرائيلية للمستوطنين خلال تلك الأيام بدخول الأقصى تحت الحماية المشددة، ومقاومة مقلمة الأظافر من الفلسطينيين المرابطين بداخل المسجد.
ولا تغيب الشرطة الإسرائيلية عن محيط الأقصى، وهى دائمة التواجد على أبوابه، وبين الحين والأخر تقتحم باحاته لمرافقة المستوطنين وملاحقة المرابطين داخله، أو توجه لهم الإنذارات عبر مكبرات الصوت لمغادرة ساحات المسجد، لصالح المستوطنين والزوار من دخوله.
فكرة التقسيم الزمانى والمكانى قديمة، لجأ إليها الثعالب ليضعوا لهم قدما فى الأماكن المقدسة الإسلامية، تمهيدا لطرد المسلمين منها، والانفراد بها، وسبق للسلطات الإسرائيلية أن نفذتها فى الحرم الإبراهيمى، بالخليل، ويتم تنفيذ الخطة الآن مع المسجد الأقصى.
وقد كشف الرئيس الأسبق مبارك أن رئيس الوزراء الإسرائيلى الأسبق أيهود باراك الذى تولى رئاسة الحكومة الإسرائيلية لمدة عامين (من مايو 1999إلى يناير 2000)، قد اقترح التقسيم المكانى للأقصى، بحيث يكون ما فوق الأرض للمسلمين وما فى الأسفل لليهود لكن انتفاضة الأقصى، فى أعقاب اقتحام أرئيل شارون والمستوطنين له تحت حراسة الجيش والشرطة الإسرائليين، أطاحت بحكومة بارك، أما فكرته للتقسيم المكانى، فقد رفضها من جاء بعده، من رؤساء للحكومة وأبرزهما المتطرفان: شارون ونتنياهو طمعا منهما فى أكثر من التقسيم المكانى.
والآن تلجأ حكومة بينت التى تتولى السلطة فى إسرائيل وهى حكومة أئتلافية هشة جدا، إلى تنفيذ مخطط التقسيم الزمانى لتغازل بها اليمين الدينى الصهيونى المتطرف، حتى تطيل من عمرها ولو شهور فى الحكم.
والتقسيم الزمانى المزمع تنفيذه يعنى تخصيص أوقات معيّنة (ساعات وأيام وأسابيع وشهور) لدخول المسلمين المسجد الأقصى وأخرى لليهود.
على سبيل المثال: يترك المسلمون المسجد لليهود من الساعة 07:30 صباحا حتى 11:00ظهرا، ومن الساعة 1:30 ظهرا حتى 2:30، عصرا، ووقت أخر يتحدد بعد العصر.
وكما ترى فهذه الساعات هى الفروق بين صلوات المسلمين، ويطلبها اليهود لأداء ثلاث صلوات فيها داخل المسجد.
ويطلب اليهود المتطرفون أيضا أن يتمّ تخصيص المسجد الأقصى لهم خلال أعيادهم، والتي يقارب مجموع أعدادها حوالى 100 يوم في السنة، إضافة إلى أيام السبت من كل أسبوع، فيكون مجموع الأيام نحو 150 يوماً في السنة، يحظّر فيها رفع آذان المسلمين، وتمنع الصلوات.
وبالطبع يرفض المسلمون حول العالم، والفلسطينيون فى الأرض المحتلة، والمرابطون الأبطال فى القدس بشدة، هذا المخطط الخبيث.
ويقاوم المرابطون، وأبناء القدس الاقتحامات الغاشمة للمسجد الأقصى، ويتصدون لها بأجسادهم العارية، وصيحات التكبير، ولا تنى الشرطة الإسرائيلية عن مطاردة الشبان فى باحة الأقصى ودفعهم بالقوة لإخراجهم من المسجد، ثم تصوير الأمر للعالم الخارجى على أن الفلسطنيين هم مثيرو الشغب.
والآن نحن أمام أمر واقع تفرضه إسرائيل بالقوة، وهو إلغاء الوضع التاريخي للأقصى القائم منذ العهد العثماني، والانتداب البريطاني، والحكم الأردني، وفرض التقسيم الزماني للأقصى، تمهيدا للاستيلاء الكامل عليه، وهدمه وإنشاء المعبد المزعوم على أنقاضه.
وهناك مهاويس يهود أكثر تطرفا من داعش، والقاعدة يدفعون فى هذا الاتجاه، ولا يعنيهم قيام حرب دينية، لأنهم موعودون بالجنة على الأرض، وإعادة مجد داوود وسليمان من خلال مملكة الرب التى ستحكم العالم كما تخبرهم أساطيرهم التلمودية.

اقرأ أيضا للكاتب:

 

 

 

زر الذهاب إلى الأعلى