خبير علاقات دولية: أفريقيا ضحية التغيرات المناخية وازدواجية المعايير (2من2) أوروبا تعود للفحم
كتب: على طه
ناقشنا فى الجزء الأول من هذا الحوار مع د / إسلام جمال الدين شوقي، خبير العلاقات الدولية والاقتصاد السياسي، عضو الجمعية المصرية للاقتصاد، كيف تحملت، وما زالت تتحمل قارّة أفريقيا – أكثر من غيرها من القارات على وجه البسيطة – تبعات التغيرات المناخية، على الرغم من عدم مساهمتها بشكل كبير فيها مقارنة بالدول المتقدمة.
وفى هذا الجزء يوضح د. شوقى ما يحدث على الجانب الأخر من الشاطىء، فى قارة أوروبا أو دول الشمال الغنية، التى تصدّر الآن أزمة المناخ للدول القارة السمراء .. أفريقيا، يقول د. شوقى:
روسيا ترد
وعند التحول إلى الأزمة التي يشهدها العالم من نقص في الغذاء والطاقة بسبب الحرب الروسية الأوكرانية، فنجد أن روسيا ترد على العقوبات الدولية المفروضة عليها حيث خفضت الأسبوع الماضي إمدادات الغاز إلى 5 دول في الإتحاد الأوروبي، بما في ذلك ألمانيا، وهي دول تعتمد بشكل كبير على الغاز الروسي لتوليد الكهرباء وصناعة الطاقة.
طالع المزيد:
-
خبير علاقات دولية: أفريقيا.. ضحية التغيرات المناخية وازدواجية المعايير (1من2)
-
د. إسلام جمال الدين شوقي: التمويل المستدام هو الحل لعلاج عجز الموازنة
وقامت شركة غازبروم الروسية بقطع إمدادات الغاز عبر خط أنابيب “نورد ستريم 1” الذي يمر تحت بحر البلطيق من روسيا إلى ألمانيا، وهو خط أنابيب الغاز الطبيعي الرئيسي في أوروبا، كما شهدت النمسا والتشيك وسلوفاكيا تخفيضات للغاز الروسي، ويأتي ذلك عقب عمليات إغلاق روسيا إمدادات الغاز إلى بولندا وبلغاريا والدانمارك وفنلندا وفرنسا وهولندا بالأسابيع الأخيرة.
ثمن الغاز
وفي ظل استمرار العمليات العسكرية الروسية في أوكرانيا وسط تعنت في عدم الاستجابة للمطالب الروسية لإنهاء الأزمة من قبِل أوكرانيا ودول الإتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية قامت روسيا بمطالبة جميع الدول “غير الصديقة” وفقًا لوصفها بدفع ثمن الغاز الروسي بالروبل ردًا على حزمة العقوبات الغربية المفروضة عليها وهو ما تم رفضه من دول الإتحاد الأوروبي، لتسارع بعدها أكبر دول مشترية للغاز الروسي في أوروبا إلى البحث عن إمدادات وقود بديلة، معلنةً نيتها أن تتجه دول القارة إلى حرق المزيد من الفحم للتغلب على نقص تدفقات الغاز الروسي، وهو ما يُعد ضربة قاسمة وتقود جهود التصدي للتغيرات المناخية.
عودة الفحم
وفيما يبدو أنه سيصبح إتجاه لدول الإتحاد الأوروبي أشارت كلًا من ألمانيا، والنمسا، وهولندا إلى نيتها في الاستعانة بمحطات الكهرباء التي تعمل بالفحم عوضًا عن التي تعمل بالغاز.
واقترحت هذه الدول الأخيرة أن تحذو باقي دول القارة الأوروبية حذوها لكي تجتاز أزمتها في نقص إمدادات الغاز الروسي، وزيادة أسعار الغاز ومطالبة روسيا الدفع بالروبيل .
والغريب في الأمر أن تقوم ألمانيا بتشغيل محطات كهرباء تعمل بالفحم كانت تهدف إلى التخلص منها تدريجيًا، وأن تتخذ مثل هذا القرار في ظل وجود حكومة ائتلافية تضم أكبر عدد من المدافعين عن البيئة والذين يناصرون التصدي للتغيرات المناخية وتعهدوا بالتخلص التدريجي من الفحم بحلول عام 2030.
وليس كل هذا فحسب بل من المنتظر أن يناقش المجلس الأعلى بالبرلمان الألماني قانونًا عن التحول من الغاز إلى الفحم في شهر يوليو المقبل.
وفي النمسا، اتفقت الحكومة مع أحدى الشركات، على تحويل محطة للكهرباء تعمل بالغاز إلى الفحم لمواجهة نقص الغاز.
تحول دراماتيكي
وإذا أمعنا النظر في تلك الإجراءات والتحول الدراماتيكي في سياسات دول الاتحاد الأوروبي التي تفكر في مصلحتها فقط حتى ولو على حساب غيرها من الدول فإننا نجد بشكل واضح وقاطع حالة من ازدواجية المعايير في معالجة القضايا الاقتصادية والسياسية على حساب القضايا المناخية والأخلاقية.
وهكذا أصبح الفحم أكثر ملوثات البيئة أفضل لمجرد الرد على التعنت الروسي حتى ولو على حساب الدول الأخرى، وبالتالي فإن ثمن الحرب الدائرة ستدفعها دول العالم أجمع بشكل عام، وأفريقيا بشكل خاص حيث ستتكبد أفريقيا ثمن العناد الأوروبي مع الدب الروسي، والمتمثل في أزمتي الغذاء والتغيرات المناخية.