حمدي نصر يكتب: الزلزال.. رسالة من الجبار

الحمد لله خلق الإنسان ويعلم ما ينفعه وما يضره وما يصلحه وما يفسده، قال تعالى: “أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ”، فدل اللهُ الإنسان علي ماينفعه ويصلحه وحذره مما يضره ويفسده.

اقرأ أيضا..حمدي نصر يكتب: الدِّينُ والدَّيْنُ

وجاء النبي دالًّا على كل ما يصلح حال الإنسان في الدنيا ويرزقه الرضا والنعيم في الآخرة، وهذا المنهج الذي جاء به النبي من الناس من ءامن به ومنهم من صدَّ عنه، والذين ءامنوا به وغيرهم يحتاجون دائما إلى تذكرة بربهم وبمنهج نبيهم خاصة حينما يبتعدون عن هذا المنهج الذى من شأنه صلاح أمرهم وسعادة آخرتهم.

فيُذَكِّر ربنا الناس به بأمور عديدة وعظيمة منها علامات الساعة وقرب القيامة والتى فيها حسابهم عن ما كان منهم فى دنياهم، وذكر هذه العلامات الصغرى منها والكبرى ما هو إلا يقظة لقلب غافل وتذكير لعقل ساه وتصحيح لمسار خاطىء، أو زيادة فى ذكر قلب وجل خائف وعظة لعقل حاضر ودلالة على مسير صائب.

من هذه  العلامات ( الزلازل )

الزَّلْزال أو الهَزَّة الأَرْضِيَّة هي ظاهرة طبيعية وهو عبارة عن اهتزاز أو سلسلة من الاهتزازات الارتجاجية المتتالية لسطح تحدث في وقت لا يتعدى ثواني معدودة، والتي تنتج عن حركة الصفائح الصخرية في القشرة الأرضية،

وقد تحدث عنها ربنا فى كتابه

قال تعالى:

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا (1) وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا (2) وَقَالَ الْإِنْسَانُ مَا لَهَا (3) يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا (4) بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا (5)

أى إذا تحركت حركة شديدة ورجت رجا شديدا وأخرجت ما فى بطنها من الموتى والكنوز، هنا يتعحب الإنسان من حالها ، إنها تحدث أخبارها وتقص ما حدث عليها بأمر من ربها .

وقد نرى شيئا يسيرا من هذا كالذى حدث بالأمس واليوم وهو تذكير بقرب الساعة ونهاية العالم الذى نحن فيه الآن ( عالم العمل )  وبداية عالم جديد ( عالم الحساب ) ليستعد كل إنسان للقاء الملك الجبار لذا قال تعالى فى سورة سميت باسم يدل على معنى الزلازل  “فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ” ” “وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ”.

وما شعر به الكثير منا وعلم به من لم يشعر به ما هو إلا دعوة لتصحيح المسار ليزداد المؤمن إيمانا ويرتدع العاصى عن معاصيه ويعود إلى ربه، وربما ذكرنا ربنا بهذا الزلزال دون آثار فيكتفى بهذه الهزة الأرضية ليذكر الغافل ويرتدع العاصى ويزداد المؤمن.

وربما يذكرنا ربنا بهذا الزلزال فيرينا آثاره من سقوط عمارات عالية وقصور مشيدة وبيوت مزخرفة كان يعتقد أهلها الثبات والبقاء لها كما يعتقد أهل الدنيا البقاء فيها، لذا مع هذه الأحداث العظام لابد من وقفة مع الله ووقفة مع النفس ووقفة مع الناس ، نراجع أنفسنا ونرتب أوراقنا قبل لقاء ربنا.

والسؤال الآن

لو كان لزلزال الأمس أو اليوم آثار ضارة وكان منا لا قدر الله ممن تأثروا به هل عملنا يؤهلنا للقاء ربنا ؟؟؟

إذا هى رحمة من الله حيث أمهلنا ومنحنا فرصة طيبة لنحاسب أنفسنا قبل لقاءه ونصطلح معه ومع أنفسنا ومع الناس ،

فالزلزال اليوم تذكرة لمن يتذكر وعبرة لمن يعتبر وعظة لمن يتعظ خاصة وقد ملئت الأرض بكثير من الذنوب والمعاصى والتى قد تصل إلى حد الكبائر فهل من معتبر ؟

وأخيرا

إنها رسالة من الله

أحسن من قرءها فوعاها وعمل بها ،

وخسر من أهملها ولم يهتم بما فيها .

 

**حمدى أحمد نصر

إمام وخطيب بوزارة الأوقاف

 

زر الذهاب إلى الأعلى