أحمد عاطف آدم يكتب: «لينكات» القيل والقال

 في كل لحظة تثبت مواقع التواصل قدرتها المذهلة علي فرض سطوتها وسيطرتها بشكل لا يصدق.

“الفيس بوك” كان أول شبكة اجتماعية حول العالم، ثم سرعان ما تحول لأكبر مشروع تجاري وإعلاني، يضخ فيه المعلنون مليارات من أموالهم لنشر بضائعهم أليكترونيا علي هذه الكيانات الهلامية العملاقة، ومن بينها “لينكات” ممولة دفعت ثمنها مواقع إخبارية كبيرة، تفرض أخبارها علي القراء أثناء تصفحهم لحساباتهم الشخصية .

ولفت نظري رابط إخباري لموقع صدي البلد تم نشره علي “فيس بوك” بعنوان: “فرحي قريب وأنا لست عذراء فهل أخبر خطيبي.. مبروك عطية يحسم الجدل”!!!.

ومن المؤكد والطبيعي أنني كأحد أصحاب الفضول من بين القراء، انجذبت للعنوان فقررت أن “أدوس” علي اللينك لمعرفة رأي الدكتور، وما هو الجدل الذي حسمته فتواه؟، وكان رد الرجل كما جاء به الموقع، أنه أثناء طرح هذا السؤال بأحد الفضائيات قال: “لو تم الاعتراف بهذا الذنب للخاطب لن يكمل الزواج وسيفضح أمر هذه الفتاة مخطوبته، ناصحا الفتاة بأن تتوب إلى الله عز وجل بينها وبين الله، على ألا تعود لمثل هذا الذنب مرة أخرى، وأكد أن هذا ليس خداعا ولا غشا ولا تدليسا، لأنه لو اشترط البكارة في الزواج وظهرت غير ذلك فيفسخ العقد.

ونوه صاحب الفتوى أنه لا يوجد أحد يشترط البكارة، وبالرغم من ذلك لا يجوز الاستهانة بأمر البكارة، فهي غش رباني اسمه “ختم ربنا” يقال “زُفت إليه بخاتم ربها”، وأضاف بأن الفضائح محرمة، مستشهدا بحديث النبي “كل أمتي معافى إلا المجاهرون” ومنوها بأن تلك الفضائح نوع من أنواع الجهر بالمعاصي.

اقرأ أيضا للكاتب:

بعد قراءة هذا الخبر وتلك الفتوي للدكتور مبروك، وجدتني أتابع علي طريقة الفنان الراحل “إبراهيم نصر” ببرنامجه الشهير الكاميرا الخفية التعليقات الفيسبوكية علي “اللينك” قائلا في نفسي: “متيجوا نشوف”.

وجاءت التعليقات متفاوته بين الجد والهزل، ومنها فتاة تقول: “حسمه وخلاص وقالها اتجوزي زي ماانتِ، جايز تعدي عليه، ياتهدي ياتعدي”.

وأخر يقول: “كل عريس فرحوا قرب ياخد بالو”.

وثالثة: “علشان كده الشباب مش عايز يتجوز عندهم حق، حسبي الله ونعم الوكيل”.

ورابعة: “لا طبعا لازم يعرف، ده حقه، وبعدين مفيش حد ممكن يقبل بوضع زي ده، صعب، بس للاسف مش لاقيه حل غير ربنا اعلم بيكي”.

وآراء أخري لا يعجب أصحابها فتوي الشيخ.

الشاهد من اللغط السابق الذى سيطر علي تفاعلات ومشاركات المتابعين من قراء “فيس بوك”، هو أن نشر مثل تلك الأخبار علي مواقع التواصل الاجتماعي بدون شرح وافِ أو استدلال كافِ من أهل العلم مثل الدكتور مبروك وغيره من أصحاب هذه البرامج – هو خطأ كبير، لأنهم لا يملكون رفاهية الاستطالة في الرد لأسباب تسويقية منها ضمان زخم المشاركات وتنويع الأسئلة وعرض الفقرات الإعلانية، لذا يتعمدون اقتضاب ردودهم في كثير من الأحيان – ومن ثم إثارة مزيد من التساؤلات الداخلية دون رد.

كما أن تلك القضايا الشائكة التي تحتوي علي تفاصيل دقيقة وحساسة تخص أصحابها ويجب نصحهم بشأنها تليفونيا علي انفراد، لأن أساسها الستر لا الفضح، وعلماء الدين قادرون علي الوصول بهم لبر الأمان، ولا يصح أن تكون مادة ثرية للقيل والقال ثمنها آلاف “اللايكات والكومنتات” المرتبكة والعبثية.

 

زر الذهاب إلى الأعلى