أمل محمد أمين تكتب: لماذا فشلت شركة نوكيا ؟

أعتقد أن ملايين البشر مازالوا يذكرون شعار “نوكيا” “connecting people بل أستطيع أن أجزم بكل ثقة أن البعض مازال يحتفظ بأول جهاز محمول اشتراه من ماركة نوكيا لصلابته المعروفة، ولازالت لعبة الثعبان الشهيرة عالقة في أذهان الناس خاصة مواليد التسعينات الذين تفتحت اعينهم للمرة الاول على الاتصال التكنولوجي بمفهومه الحديث من خلال شركة نوكيا، ووصل نجاح الشركة إلى درجة انه في عام 2007 أصبحت حصة نوكيا في السوق العالمية للهواتف المحمولة 49.4%، وهي الأعلى في العالم في صناعة الهواتف النقالة ولم تستطع أي شركة أخرى ان تحقق هذا المستوى من النجاح حتى الآن .
ولكن ورغم هذه النجاحات، كانت أسباب الفشل تختمر خلف الكواليس، التي انتهت بانهيار نوكيا بالفعل، بدأت هذه الأسباب تتشكل في قلب الإدارة العليا، وتماماً مثل الدومينو، بدأ تأثيره ينتشر في أرجاء شركة نوكيا لينتهي الامر بانهيار كل شيء.
وربما كانت بدايات الفشل مع تكرار تغيير الإدارة العليا أكثر من مرة وبينما حدثت تغييرات في الإدارة العليا للشركة دخلت Apple في لعبة الهواتف الذكية وأطلقت جهاز iPhone الشهير، لكن نوكيا رفضت اعتبار شركة آبل المبتدئة بمثابة تهديد لها، كما اعتبرت هواتف Apple أقل شأناً؛ لأنها تعمل بتقنية 2G بينما تعمل هواتف Nokia المحمولة تعمل بتقنية G3.
في عام 2014، كانت نوكيا على وشك الإفلاس. لكن مايكروسوفت تدخلت واستحوذت على نوكيا مقابل 7.2 مليار دولار، لتنتهي قصة نجاح مدوية بفشل ذريع.
ولان نوكيا لم تكن شركة عادية فقد حلل العديدون أسباب انهيارها وأرجعوا هذا في الأساس إلى سوء الإدارة والذي كان على عدة أوجه منها الفشل في التكيف مع متطلبات السوق فقد تمسكت نوكيا بأساليبها القديمة ولم تتكيف مع البيئة المتغيرة.

اقرأ أيضا للكاتبة:

المثير للدهشة أن أكثر ما تسبب في سقوط نوكيا هو نجاحها فبعد أن تعرض الشركة لأزمة منتصف التسعينيات اقترب بها من شفير الهاوية، وجعلها تتخذ إجراءات عملية وفعالة أدت إلى رفع المبيعات بنسبة 150%، ورفعت الإيرادات خمسة أضعاف خلال أربع سنوات فقط! غير أن هذا النمو السريع كان له ضريبته الباهظة، إذ وجد مدراء تطوير أعمال “نوكيا” أنفسهم تحت ضغوط متصاعدة لتطوير أعمالهم على المدى القصير لتحقيق الأهداف، وبالتالي أضحوا غير قادرين على تخصيص الوقت والموارد للابتكار والتطوير بعيد المدى، وهو بالمناسبة ما تقع فيه الكثير من الشركات والجهات الحكومية، حيث الغرق في فخ النتائج السريعة وسراب الإنجازات السطحية. ولك أن تتصور أن هاتف “كوميونيكيتور” من نوكيا كان أول هاتف ذكي أطلق بالعالم! ولكنه لم ينل حظه من الاستثمار في التطبيقات وبيئة العمل، لأن الجميع كان منهمكًا في البيع السريع وإرضاء الإدارة المتنمرة بأي وسيلة.
وقبل النهاية بقليل أدركت “نوكيا” ضرورة التطوير، وأطلقت ما أسمته “مجلس المشروعات الجديدة”، لكنه لم ينجح، لأن المدراء كانوا منهمكين في إدارة نمو المشروعات القائمة، بدلًا من التركيز على ابتكار مجال نمو جديد، في حين كان الرئيس التنفيذي “جورما أوليلا”، سليط اللسان قلقًا من توقف عجلة الابتكار، فاتخذ قرارات بداية الألفية التي كانت بمثابة الرصاصة التي أُطلقت على “نوكيا”، ذلك أنه أعاد توزيع الأدوار الإدارية، وغيَّر هيكل المصفوفات الإدارية؛ وهو ما أدى إلى خروج عناصر حيوية من قيادات الشركة، فتدهور التفكير الاستراتيجي وازداد غرق الشركة.

إن التفكير في النجاحات السريعة، ووضع الأهداف القصيرة، والتهاون في تخصيص الوقت والموارد للابتكار والاستراتيجيات- كلها عوامل رئيسة أدت بعد سنوات متتالية من تحقيق الخسائر إلى بيع وحدة هواتف “نوكيا” لشركة “مايكروسوف” بسعرٍ بخس، لتُطوى قصة نجاح أسطورية، كان النجاح المتواصل فيها هو السبب الرئيس لانهيارها.

زر الذهاب إلى الأعلى