وائل نجم يكتب: الزواج بالسجن والطلاق بالإكراه وعلى الأسرة السلام

كيف نحوّل العلاقات الأسرية إلى ترسانة من العقوبات، ألا ينعكس هذا على تشريد وخراب الأسرة ؟!
بداية: السجن لا يصلح لقضايا الأسرة، وإخطار الزوج زوجته الأولى بزواجه الثاني أمر وجوبي.. لكن لا يستأذنها للزواج بزوجة ثانية، ونحن نثير هذا الموضوع بعد تقديم الحكومة إلى مجلس النواب مشروع قانون لتنظيم عمل المأذونين يتضمن مادة تمنع المأذون من إتمام عقد الزواج الثاني إلا إذا أحضر الزوج إذنا كتابيا من زوجته الأولى، مع توقيع عقوبات رادعة لمن يخالف هذا الشرط، سواء المأذون أو الزوج.
وقبل أن نمضىى شوطا فى الشرح والتوضيح نؤكد على أن تحويل العلاقات الأسرية إلى ترسانة من العقوبات ينعكس على تشريد وخراب الأسرة.
وإذا كانت الزوجة من حقها أن تلجأ للقضاء حال تضررها من عدم إخطار زوجها بالزوجة الثانية، ومن حقها طلب الطلاق، فالقانون يكفل لها حقوقها في هذا، أما أن نصدر قانونا يقرر توقيع عقوبة بالسجن على الزوج إذا تزوج (!!) فيجب هنا أن نتوقف ونسأل: كيف يسجن وهو يمارس حقه الشرعي والقانونى؟!..
قد اتفق مع عقوبة الغرامة وأن يلتزم الزوج بحقوق الزوجة الأولى، واتفق فى أن
هناك أزمة حقيقية للزواج بشكل عام في مصر لها أسباب المختلفة، لكن السعي لمعالجتها عبر تشريعات قانونية لن يفيد، وإنما سيفاقم ذلك تلك الأزمة، ويساعد علي تعميقها،
وهذا التشريع ظاهره الرحمة بالمرأة والانتصاف لها، لكن فى باطنه العذاب، وسيؤدي إلى عزوف الشباب عن الزواج ويساعد فى زيادة نسبة العنوسة، وانتشار الزواج السري المعروف بالعرفي، وسيفتح الباب واسعا للتحايل والكذب وإخفاء العلاقات الزوجية، أو الدفع للعلاقات المحرمة.

وهذه التشريعات ستلقى مقاومة وعدم تقبل مجتمعي بسبب الاعتقاد أن فيها تحريما للحلال، وأن معالجة ذلك بالمنع أو التقنين لن تحل المشكلة الأساسية التي لها أسباب نفسية ومجتمعية واقتصادية تحتاج إلى معالجة.

طالع المزيدك

والمادة 11 مكرر من القانون رقم 25 لسنة 1929 المعدل بالقانون رقم 100 لسنة 1985 تنص علي أن: “علي الزوج أن يقر في وثيقة الزواج بحالته الاجتماعية، فإذا كان متزوجا فعليه أن يبين في الإقرار اسم الزوجة أو الزوجات اللاتي في عصمته ومحال إقامتهن، وعلي الموثق إخطارهن بالزواج الجديد بكتاب مسجل مقرون بعلم الوصول.
لكن هناك إشكالية فى غاية الأهمية، حيث تمس ملايين الأسر، وتتلخص فى مدى أحقية الزوجة فى الحصول على طلب التطليق لاقتران زوجها بأخرى، وكيفية الإعلان عن طريق البريد؟!، وهل هناك عقوبة حال عدم إعلان الزوج لها؟!.. وما هى طريقة الإعلان؟! وهل هناك تقادم لهذا الحق أم لا ؟!.
ونصوص قانون المرافعات قد خلت من تنظيم لكيفية الإخطار بالبريد، فإنه يتعين الرجوع فى ذلك إلى قوانين هيئة البريد ولوائحها، ومفاد ما نصت عليه المادتان 32 ، 43 من اللائحة التنفيذية لقانون البريد رقم 16 لسنة 1970 الصادر بها قرار وزير المواصلات رقم 55 لسنة 1972.
والرسائل المسجلة بعلم الاستلام تسلم لذات المرسل إليه أو وكيله ويجب على العامل الذى يقوم بتسليمها أن يحصل من المرسل إليه على توقيعه وتاريخ الاستلام على علم الاستلام ثم توقيعه هو أيضاً ويختمه بالختم ذى التاريخ، ويعيده داخل مظروف مصلحي بطريق التسجيل إلى المرسل منه، ولايستطيع أحد أن ينكر أن الزواج الشرعي الرسمي الموثق هو حق للرجل شرعاً وقانوناً، إلا أن هذا الحق ليس حقا مطلقا، ولكنه حق مقيد بعدد من الاشتراطات والضوابط التي وضعها الشرع والقانون أيضاً ومراعاة لحقوق الزوجة الأولي، النفسية، والزوجية، والقانونية أيضاً.

من الناحية القانونية فإن القانون المصري أوجب على الزوج أعلام زوجته بزواجه من أخري، بل رتب عقوبة على الزوج إن هو تلاعب في بيانات زوجته الأولى حتى لا يتصل علمها بواقعة زواجة الثانية، أو حتى لو هو أخفى بالكلية واقعة زواجه، وهذا يتعارض مع ما نصت عليه المادة 11 مكرر( مضافة) إلى القانون 25 لسنة 1929، سالفة الذكر والخاصة ببعض أحكام الأحوال الشخصية، ونعيد ذكرها حيث تقول: “على الزوج أن يُقر في وثيقة الزواج بحالته الاجتماعية، فإذا كان متزوجًا فعليه أن يُبين في الإقرار اسم الزوجة أو الزوجات اللاتي في عصمته ومحال إقامتهن، وعلى الموثِّق إخطارهن بالزواج الجديد بكتاب محل مقرون بعلم الوصول”.
والخلاصة أن البرلمان شاغل نفسه بمسألة بعيدة عن علاقات الواقع، والنواب يبحثون عن إثارة الجدل لأسباب خاصة بهم ، فتراهم تارة يثيرون مسائل الختان، وتارة يطرحون مشاريع قوانين تعدد الزوجات ورفع سن الحضانة ورفع سن الزواج (!!).
السادة النواب والنائبات قليلا من الهدوء لأن الاندفاع فى تحويل العلاقات الأسرية إلى ترسانة من العقوبات ينعكس على تشريد وخراب الأسرة

زر الذهاب إلى الأعلى