طارق متولى يكتب: يوميات زومبى (58 ) الزومبى الهلفاط

أستاذ منصف مدير المكتب أتى غاضبا هذا الصباح.. وجدته ثائرا فى وجه السكرتيرة رباب.. فى البداية لم أعرف السبب وظننت أنه أمر متعلق بخطأ فى العمل أو شىء من هذا القبيل لكن بعد أن انتهت الزوبعة وبعد أن خرجت رباب من مكتبه سألتها ماذا حدث ؟ لم ترد فى البداية وبعد إلحاح منى تكلمت فقالت: إن استاذ منصف اتصل بها ليلة أمس ليسألها عن أمر متعلق بالشغل وبعد أن انتهت المكالمة لم يغلق الخط وراحت تتكلم مع شخص من العائلة بجانبها وتظهر استياءها من أستاذ منصف وتصفه بالشخص المزعج والمقرف وهى لا تعلم أنه لازال على الخط يسمع كلامها ثم اكتشفت بعد ذلك أن الخط كان مازال مفتوحا لكن بعد فوات الآوان.

وعندما أتت فى الصباح حاولت أن تبرر له أنه لم يكن المقصود بكلامها، ولكن يبدو أنه لم يقتنع بذلك وصب جام غضبه عليها وتعكرت العلاقة بينهما إلى أبعد حد فالرجل سمع سبه بأذنه منها.

موقف مشابه حدث لى ذات مرة أثناء دراستى الجامعية عندما كنا صغارا لا نعى، كنت أقف أنا واثنين من زملائى، عماد وعادل، وكنا ننتقد الدكتور رؤوف أحد أساتذتنا ونقلد حركاته، فجأة توقف عادل عن المشاركة فى الحديث عندما رأى نفس الدكتور قادما من خلفنا لكنه لم ينبهنا لنصمت ومر الدكتور رؤوف بجانبنا وسمع كلامنا أنا وعماد، لم يكلمنا وقد كان الكلام واضحا جدا أنه المقصود.

وتمنينا فى نفسينا أن يختلط عليه الأمر أو لا يكون قد لاحظ كلامنا لكننا فى المحاضرة التالية مباشرة وجدناه يقول بالحرف: “الطلبة قليلة الأدب التى تسخر من أساتذتها لا يستحقوا الدراسة فى الجامعة” فنزل الكلام علينا مثل الماء الساخن ولم ننبس بكلمة، ولحسن الحظ أنه لم يسمنا أمام المدرج ورحنا نفكر فيما يمكن عمله خصوصا أنه يدرس لنا ثلاثة مواد فى الترم.

بالطبع عاتبنا عادل على أنه لم ينبهنا عندما شاهده قادما نحونا لكنه تعلل بأنه لم يره رغم سكوته المفاجىء وعدم مشاركته فى الحديث، انتهينا إلى ألا حل إلا بالذهاب إلى الدكتور والأعتذار له فقال عادل: اذهبا أنتما فأنا لم أكن مشاركا فى الحديث عند مروره.

بالفعل ذهبنا أنا وعماد وقدمنا اعتذارا واسفا حارا للدكتور، ولحسن الحظ قبل اعتذارنا ومع ذلك كنا خائفين أن يعطينا درجات سيئة فى المواد الثلاثة ونرسب فيها .

المفاجأة فى نهاية العام أن عادل رسب فى المواد الثلاثة التى يدرسها الأستاذ رؤوف ونجحت أنا وعماد، ولم نتحدث فى الأمر بالطبع لكننى قلت لنفسى أنه ربما اعتقد عادل أنه لم يكن مشاركا فى الحديث رغم وقوفه معنا وعدم تنبيهنا وربما اعتقد الدكتور رؤوف أنه كان مشاركا بالوقوف معنا ولهذا لما لم يعتذر وجد هذا سبب كاف لمعاقبته وإعطاءه درجات سيئة اخرت عادل سنة كاملة فى الدراسة .

تعلمت من هذه الحادثة الحقيقة ألا اتكلم عن شخص فى غيابه وألا اسخر من أحد مهما كان فهو أمر سىء للغاية
وألا اقول شيئا يجعلنى أشعر بالخجل أمام أحد وأن اعتذر إذا أخطأت عن غير عمد، زلات اللسان أحيانا تؤدى إلى كوارث
وهى من صفات الزومبى الذى يتكلم كثيرا (يهلفط بالكلام) كما يقولون وقد يحدث كثيرا أن تجد شخصين يتكلما عن شخص بالسوء فإذا حضر توقفا عن الكلام وأظهرا له عكس ما كانا يقولانه.

فالزومبى(هلفاط) كبير لا يدرك ما يسببه الكلام من مشاكل وما يلحقه من أذى.

نكمل فى يوم أخر من يوميات زومبى فإلى اللقاء.

اقرأ ايضا للكاتب:

زر الذهاب إلى الأعلى