دكتورة إيمان عبد الله تكشف لـ«بيان»: الخفايا النفسية وراء ضرب عروس الإسماعيلية
كتبت: أسماء خليل
يقف المجتمع أحيانا مُتحيرا أمام بعض الظواهر، الغريبة، أو تلك التى لا ينتبه لها إلا بعد تسليط الضوء عليها، فيراها بوضوح.
ومن تلك الظواهر، حادثة “عروس الإسماعيلية”، والتي قام زوجها بضربها على مرأى ومسمع من الحضور، وفي يوم زفافها، وحوَّل عُرسها لحدث كريه تناولته وسائل “السوشيال ميديا”.
وما بين معارض متساهل ومعارض متشدد، دارت المناقشات والجدل، وتشكلت السخرية فى شكل نكات الكاريكاتيرية، بعد أن أصبح ذلك الفرح حديث الساعة، وتفجر الجدل بين من يرى بضرورة مقاضاة الزوج مهما تنازلت العروس عن المحضر، ومن لا يرى للمجتمع شأن ما شأن بتلك القضية! .. زوج أبرح عروسه ضربًا ليلة زفافها، ثم ما لبثا يتراقصان حتى بزوغ الفجر، في قاعة الأفراح وسط حضور الأقارب والمدعويين.
ذبح القطة
وفي ذلك الصدد تقول الدكتورة “إيمان عبدالله” أستاذ علم النفس وخبيرة الإرشاد الأسرى، ل“بيان”، إن الأمر تعدى وَفَاق الحدود، فقد تربى المجتمع على المفاهيم الخاطئة من ضرورة “ذبح الرجل للقطة” يوم الزواج، الآن يتم ذبح المرء نفسه ولم تفتديه القطة!.. لقد بات العنف يُصدر من خلال الشارع.. وتستنكر كيف يضرب العريس عروسه يوم الاحتفال الأوحد والأهم بالحياة! ..
وترى عبد الله أن الأمر لم ينتهِ بمجرد رؤية الأسرة متصالحة أمام العالم، من خلال صورًا متحركة في فيديو ولا نعلم حقيقة مشاعرهم، إذ لابد علينا تحليل الظواهر التي تمر أمامنا بالحياة، فكل شخص له حادثة مجتمعية تكون نموذجا يقتدي به، فالجماعة تتأثر بسلوك الفرد، تلك رسالة سامة من شخص مضطرب اجتماعيا يمتلك سلوكا هداما وليس ببناء.. هذه العلاقة لها حقوق أوجبها الله على الزوج وترجع دكتورة إيمان ذلك ل“الثقافة الذكورية”، التي تقتضي بإظهار الرجل لرجولته أمام أهله حينما يحتد الشجار بين الزوجين، وكذلك “الموروثات البالية” التي تقتضي التسليم بضرورة أن تكسر للفتاة“ضلع” كي تستقيم الحياة بالأربعة وعشرين ضلع الآخرين.
التوحد مع المُعتَدِي
وتؤكد أستاذ علم النفس، أن مفهوم “التوحد مع المعتدي” ، يترسخ في ذهن الرجل منذ طفولته، حينما يرى أبيه يضرب امه، فيتوحد معه لا إراديًّا ويُحاكي ما رأى، فليس كل شيء موروث ولكنه التعلُّم، ويأتي خطورة ذلك المشهد تزامنهُ مع سعي الدولة بالتنمية المُجتمعية والنهوض بشأن المرأة، إن ذلك الرجل يغير شكل الأسرة مستقبلا، فقد أهان زوجته وأهلها يوم عرسها، فما الذي يمكن أن يترسخ في ذهن المشاهدين والمشاهدات!! إنها منظومة جديدة تهدم بنية الأسرة تحت أي مسمى؛ حيث لا ود ولا تراحم ولا حب.
طالع المزيد:
-
د. إيمان عبد الله لـ «بيان»: فى عيد الحب لابد أن نسأل: لماذا زادت الجرائم الأسرية؟!
-
د. إيمان عبد الله تكشف للوالدين.. الطريقة المثالية لعقاب الأبناء
وتشير خبيرة الإرشاد الأسرى، إلى أن هؤلاء الناس يقومون بزرع الوهم داخل المجتمع؛ بأن يُصدِّروا أمام العالم أن العروسين يعيشان قصة حب عمرها 13عامًا، لينصرف عن تلك القضية، ومع تقدم المرأة ووصولها إلى القمة، تأتي تلك الرسائل من بعض الرجال، لتقول لها ليس باستطاعتكِ رفع رأسكِ بشكل مطلق، لابد أن يوجد ما يُطأطأ رأسكِ، ربما قد يتصالح الزوجان ولكن تلك القضية أصبحت محط أنظار الرأي العام، ويجب مناقشتها وتحليلها لعدم الاقتداء بها.
عروس النيل
وتقول دكتورة إيمان، إنَّ هذا الصلح له مغزى نفسي، إذ أن ذلك الرجل يُقدم للعروس أسلوب ونهج الحياة الذي سوف يعيشه معها، فإذا كان متعصبا سوف يضربها ثم يصلحها، وتلك هي “الرسالة الأولى” التي أراد توصيلها لها وذويها، فلا مكان ل “استراتيجية الحوار”.. العنف بديل كل الحلول، والعنف هو الأول ثم أهلها، الذين يُقدمون ابنتهم “قربانًا” كي يعيش النيل المُتمثل برجل هذا الزمان. الضرب منهج حياة، وربما صلح زوجته لكي يتنصل من أي مسؤولية قانونية أمام القضاء.
وتؤكد عبد الله أن تلك العروس ستتعرض لصدمة نفسية ستلازمها طوال حياتها، وكذلك حينما يرزقهم الله بأطفال فإنهم لن يشعروا بروح الانتماء والولاء للأسرة، وستصيبهم الاعتلالات النفسية مثل جلد الذات، وسيكرهون الزواج وسيحاكي الابن أباه مستقبلا، وتوضح أن هذا زواج متوتر منذ اول يوم، فتؤكد الدراسات أن المرأة إذا تعرضت لألم نفسي أمام الجميع، فستظل تعيش بكبت مستمر، ربما يجعلها تصل إلى القتل أو الإدمان.
“التبعية والعدوانية”
وترتكز أستاذ علم النفس في تحليلها لتلك الظاهرة، على “التبعية والعدوانية”، والتي يقوم بها الرجل منذ بداية الزواج من أجل السيطرة التامة على زوجته، وأن تكون تابعة له، وتوضح أن العنف يؤدي إلى كوارث عظيمة بكل المجتمعات، مما يتبعه من عدم احترام الآخر والتفكك الأسرى، فلابد على المجتمع أن يحمي المرأة، حينما توجه رسالة هشة برجل يبرح زوجته ضربا اليوم ثم يظهر في مشهد وهو يربت على كتفها ويحتضنها باليوم التالي، فما ينتظر العالم من استشراء تلك الآفة المُجتمعي!.
وتوضح استشاري الإرشاد الأسرى، أن تلك النفوس ضعيفة موجهة لهدم وحدة الأسرة وبناء المجتمع، إذ أنها رسالة غير أخلاقية لا يقبلها الدين ولا الشرع والقانون والمجتمعات الراقية، إن ما حدث تحقير من شان الأنثى مهما وصلت وفي يوم عرسها ضُربت في الشارع وأبلغت الشرطة.
رسالة ونصيحة
وترسل “عبدالله” رسالة لتلك الزوجة ارتكازا على ما جاء بعلم النفس، وهي أنه كان عليها أن تأخذ حقها، وتعاقبه ولو لأيام ثم يقوم بالتعهد أمام الشرطة بعدم التعرض، وتؤكد أنه لابد من نهضة قوية تحارب فيها الدولة أي عنف ضد المرأة، لكي لا يتشرد الأبناء، وأيضا لكي لا يتم تصدير صورة عن المجتمع المصري أن العنف يستشري به وأسره متفككة، فإذا كان الرئيس يدعو إلى الإعلاء بشأن المرأة، فلابد من وقفة ذات كرامة من الأهل وتعديل أنماط السلوك المجتمعي.
وأخيرا تشير دكتورة إيمان، إلى تفجر مشكلة جديدة كل يوم لدى المرأة، سواءً بالقتل أو الآلام النفسية والوساوس أو الأمراض الجسدية، التي ليس لها علاج بيولوجي