أحمد عاطف آدم يكتب: رمضان وأجواء من السماء

هي نفس أجواء كل عام بلا أى تغيير يذكر، وجوه فرحة ومستبشرة بقدوم الشهر الكريم، روح من السماء تعم القلوب بلا استثناء، تشعر خلالها بأن هناك من يقف إلى جانبك يدعمك، يقول لك إنه شهر الجود فلا تيأس، بل انهض واستجمع قواك، جدد نشاطك بالأمل والثقة فى الله، تهاني من هنا وهناك، إحساس بالطمئنية والبهجة تنشرها حركات زينة رمضان بالشوارع، تنظر إليها فتتذكر طفولتك فى عيون أطفالك وأطفال جيرانك، لا تتأفف من ثمرهم الصاخب لأوقات متأخرة من الليل، وإن كنت تشعر بالضيق، فماضيك يذكرك قائلًا: كنت تفعل يومًا مثلما يفعلون هم الآن، فتقرر تركهم مبتسمًا، بعد أن احتضنتك زخات من العطف لم تعانقك لهذه الدرجة باقي أيام العام،، كل عام وأنتم بخير.

عندما نتأمل تلك المشاعر الإيجابية بالغة الجمال، التي تسيطر علينا، ودقة تصويبها إلى قلوبنا ومكوثها شهرًا كل عام، يلح علينا سؤال، وهو: لماذا لا نُبقي عليها باقي أيام العام بإرادتنا، لكن سرعان ما ندرك الإجابة الصادمة، وهى أن مساعينا وتسابقنا إلي التراحم وفعل الخير فيما بيننا يرتبط فقط بأيام وساعات الشهر العابرة وليس بأخلاقه الراقية، إلا من رحم ربي، مجرد عادة خلال مدة زمنية، أثرها يتوهج في تبادل الزيارات والتبريكات وقراءة القرآن المرتبط بفترة زمنية، وبعدها يحدث الهجر الكبير.. ربما تكون تلك الكلمات قوية وواقعها محبط بالنسبة لنا عزيزي القارئ، لكنها الحقيقة التي يجب أن يسعي جميعنا لتغييرها في نفسه، بالسعي الدائم إلى زرع روح رمضان البشوشة النقية للأبد، روح لا تعرف الحقد والإسقاط والتنمر وإضعاف الهمم.

يقول الحق سبحانه وتعالى فى سورة البقرة- بسم الله الرحمن الرحيم {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ} صدق الله العظيم. إذا تمنعنا وتدبرنا عظمة وقيمة تلك المعاني التي وردت بالآية الكريمة، سنجد أن بها فلسفة ربانية بليغة، ترتكز فى الأساس على الربط بين نزول القرآن الكريم بما يحملة من عظمة وإعجاز لآخر الرسالات السماوية، وبين توقيت نزوله بهذا الشهر الكريم، على وجه التحديد، وهو ما اختصه وقدسه الحق سبحانه وتعالى بظهور رسالاته السماوية، تعظيمًا وإجلالًا لقيمته، أخيرًا عزيزي القارىء.. ربما نجد ضالتنا فى بلوغ عين اليقين من هذا الأثر، وهي أن أجواء رمضان هي أجواء من السماء تظهر كل عام، لفلترة سموم القلوب وضغائن النفس، وفرض حالة من التأمل والتدبر، لعظمة هذا الشهر وقيمته الحقيقية المستدامة وليست الوقتية.

اقرأ أيضا للكاتب:

زر الذهاب إلى الأعلى