عاطف عبد الغنى يكتب: لماذا يعود صباحى مجددا للمشهد؟

منذ أن وعيت على ساس يسوس، وأنا أرى فصيل اليسار المصرى برمته فى أزمة.
وقبل ثورة 25 يناير 2011 بسنوات قليلة رصدت من خلال (مواقع أليكترونية أجنبية) بعض نشاطات الحزب الشيوعى المصرى (السرى) ضد الدولة المصرية، واحتفظ بصورة لمظاهرة يمشى فيها بضع العشرات فى أحد ميادين شبرا الجانبية وترفع علم أحمر تتوسطه المنجل والمطرقة، هو علم الاتحاد السوفيتى الذى كان قد سقط فى بلاده قبلها بسنوات وتم رفع علم روسيا القيصرية بدلا منه، وقلت فى نفسى وقتها أن ضعف النظام الحاكم أغرى حتى الصراصير على الخروج من بالوعاتها.
دعك من الشيوعيين فهم أقل من أن نضيع وقتنا فى الحديث عنهم، ولنتوقف قليلا عند الطبعة المحدثة منهم أو “اليساريين”.
كنا نجربهم فى انتخابات نقابة الصحفيين على سبيل المثال والتجربة المعاشة.
كانوا ينجحون ويجلسون على كراسى مجلس النقابة، وكنا عموم الجماعة الصحفية نندم، ونلوم أنفسنا بأقصى ما نستطيع، أو كما يقولون، نعض على أصابع الندم بعد أن يضغطوا على مشاعرنا بسلوكياتهم، فهم لا يختلفون كثيرا فى سلوكياتهم عن الإخوان.. السعى إلى الاستحواذ والإقصاء، والأنانية، ناهيك عن ضعف الحيلة والصدامية وافتعال الخصومات مع مؤسسات الدولة لتبرير الفشل.
وفى حال ضعفهم يلجأون لابتزار المشاعر بادعاء وقوع الظلم والقهر عليهم، وفى حال القوة، يسعون إلى التمكين ما استطاعوا يأتون ببعضهم البعض، ويمنحون “شلتهم” المراكز، والمناصب، وبعد تجربتهم،.. وفى نهاية المعارك هم أول من يسعى لحصد الغنائم المادية بالأساس، ثم سريعا ما ينكشفون أمام مناصريهم من غير شلتهم وعشيرتهم ومعتنقى أيدلوجيتهم، فينقلب الأخيرون عليهم، ويدخلون ضدهم فى صراع للإطاحة بهم.
.. وتطيح الأغلبية بهم فيعودون من حيث أتوا، ويبدأون مباراة صفرية جديدة رهانهم الأول فيها ضعف ذاكرة الناس، وثانى الرهانات قدرتهم الفائقة على الحشد، والاحتشاد، وثالثها تسميم الأجواء، وتعكير المياه ليسهل لهم الصيد، وسلاحهم الدائم إجادتهم للشعاراتية التى تدخل على فارغى العقول، ومرضى النفوس، وكارهى الحياة، وهؤلاء الذين يسهل خداعهم بشعارات النضال الحنجورى، وحرب طواحين الهواء، وعناوين الحلول السهلة لأصعب المشاكل.
يحدث هذا وعموم المصريين لا يعرفون يسار ولا يمين، ولا أيدلوجيات ما انزل الله بها من سلطان، وجرب أن تنزل إلى الشارع وتسأل أول خمسة أو عشرة أشخاص تقابلهم: هل أنت يمينى أو يسارى؟!.. شيوعى أو ليبرالى؟!.. ستالينى ولا تروتسكى؟!.. أراهن لو خرجت بواحد من العشرة يعرف بالأساس عما تتحدث.
الأمم تنهض وتتقدم بالنظر إلى المستقبل، ونحن لدينا إصرار غريب على ألا نبارح الماضى.. خاصة فى الوجوه، التى ظننا أنها غادرت المشهد إلى قواعدها المظلمة، فإذا بها تعود لتطل علينا مجددا.
سؤالى المباشر هل ترتجى الدولة إصلاحا من حمدين صباحى لتستدعيه فى حوار؟!
وقد يتهمنا البعض أننا ندعو إلى إقصائه، واستبعاده.. وهذا فعل ديكتاتورى وضد الديموقراطية.
أقول إذا احتكمنا إلى الديموقراطية، واعتبرنا تجاوزا أن صباحى اليسارى الذى يتجمل بقميص الناصرية يمثل المعارضة فهى معارضة لا تذكر بلغة الأرقام حتى أنه فى الانتخابات الرئاسية التى خاضها حصل على عدد من الأصوات أقل من الأصوات الباطلة.
نعيد السؤال: ماذا لدى صباحى وأمثاله من الوجوه المحروقة شعبيا ليقدموه لمصر؟!
أقول لكم أنهم يقدرون على القضاء على الفقر والمرض والجوع والبطالة، ويستطيعون تحرير الأقصى، والانتصار للمقهورين فى يافا وحيفا وغزة، وتحرير الأرض، وحرب الاستعمار القديم والجديد، والقضاء على أمريكا وتفكيكها، يستطيعون أن يفعلوا أكثر من ذلك فى خيالهم، ثم يصدروّن تلك الانتصارات لخيالنا.. لا يقلون فى ذلك عن طائفة الحشاشين التى كانت تخدّر الأشخاص وتوهمهم أنهم فى الجنة، ثم تخرجهم لتحولهم إلى مجرمين بإرادتهم.
وأن يعود صباحى للمشهد مجددا ليس له إلا معنى واحد وهو تذكير الناس، بما كان، وتنشيط وعيهم .. انتهى.

اقرأ أيضا للكاتب:

 

زر الذهاب إلى الأعلى