طارق السيد متولى يكتب: يوميات زومبى (34) زومبى محير جدا

كان حديث اليوم مع الأصدقاء فى الحى عن الحاج عباس، موظف حكومى، وابنه تامر البالغ من العمر خمسة عشرة عاما والذى فقأ عين صديقه ابن الحاج رجب أثناء اللعب عندما تشاجرا معا.

ذهب الحاج رجب وعمل محضر لأبن الحاج عباس وتم القبض عليه تمهيدا لمحاكمته، وساق الحاج عباس كل الجيران والأصدقاء ليتوسطوا عند الحاج رجب وعرض عليه تعويض بمبلغ مالى للتنازل عن المحضر حتى لا يضيع مستقبل ابنه.

أما الحاج رجب فقد رفض كل المحاولات للصلح أو التنازل، فراح الحاج عباس يشكو من تعنت الحاج رجب ويشهد عليه الناس أنه ليس فى قلبه رحمة واخذ يعاديه ويشوه صورته فى كل مكان.

طبيعة الزومبى أنه فاقد للمنطق ولا ينظر إلا لمصيبته هو ولا ينظر إلى مصيبة الآخرين ولا يتعاطف معهم فمن المؤكد أن الحاج رجب الذى خسر ابنه عين من عينيه معه حق فى مقاضاته وان ابنه خسر مستقبله أيضا ومع ذلك الحاج عباس الزومبى يرى أن ما حدث حدث ولن يستفيد الحاج رجب شيئا إذا حكم على ابنه المعتدى بالسجن فلماذا لا يتنازل ويكون طيبا ومسامحا من وجهة نظره؟!.

طبعا هناك زومبى متعاطف مع الحاج عباس يرى أن سجن ابنه أمر شديد القسوة وأن الحاج رجب رجل متعنت وغير متسامح .

الإنسان أمام هذه الظاهرة ظاهرة التعاطف مع الجانى وعدم التعاطف مع المجنى عليه، يجد نفسه أمام خلل نفسى حقيقى لدى الزومبى من الناس يعرف بإزدواجية المشاعر هذه الإزدواجية المتعلقة بالتعصب.

والتعصب هنا يكون لنفسه وأقرباءه وأصدقائه وحتى بمن يميل لهم بطبعه وهذا سر التناقض لدى بعض الناس فى آراءهم وأحكامهم فإذا كان العقاب يخصه أو يخص أيا من فصيلته تجده فى منتهى التسامح ويسوق لك كل المبادىء الإنسانية التى تدعو للعفو والتسامح وإذا كان العقاب يخص عدوه، أو أا من فصيلته تجده فى منتهى القسوة والشدة ويسوق لك كل المبادىء التى تدعو لتطبيق القانون والقصاص من الجانى.

أتذكر حين كنت أسير يوما فى الشارع أن شابا صغيرا لص، جاء من خلف سيدة كبيرة تسير فى الشارع خطف حقيبة يدها وحاول الفرار ولما كانت السيدة تعلق الحقيبة فى كتفها وتمسكها جيدا وقعت على الأرض وهو يسحب الشنطة ويجر السيدة الواقعة على الأرض حتى أفلت الشنطة من يدها وهى تصرخ وطار اللص.

لكن لحسن الحظ لحقه مجموعة من الشباب المتواجدون فى المكان، وأمسكوا به وأوسعوه ضربا، وأعادوا الشنطة إلى السيدة.

وتجمع الناس حول اللص ممسكين به ليستدعوا الشرطة للقبض عليه فإذا ببعض الزومبى من الناس يأخذهم التعاطف العجيب مع اللص الذى تعرض للضرب ويتعاطفوا مع موقفه ويطالبوا الجمع بتركه حتى لا يضيع مستقبله، وأنه ربما فعل ذلك بسبب الفقر والحاجة، تخيل هذا المنطق الملتوي ؟!.

وكم وددت لو أدخل فى رأس هؤلاء الزومبى الذين يتعاطفون مع اللص والقاتل والمجرم فى حق المجتمع الذى يعيش فيه لأرى ما بداخلها ، كى افهم منطقهم وتفكيرهم المحير جدا .

نكمل فى يوم أخر من يوميات زومبى فإلى اللقاء.

اقرأ أيضا للكاتب:

زر الذهاب إلى الأعلى