طارق السيد متولى يكتب: يوميات زومبى (35) سوق الزومبى

اليوم كنا على موعد حضور حفل الزفاف الخامس لابنة صاحب الشركة، بعد أربعة زيجات سابقة انتهت بالطلاق.

نهى ابنة صاحب الشركة السيد عمران الذى يلقبونه بالأستاذ وشقيقة مدحت فتاة مدللة جميلة مرفهة إلى أبعد الحدود تعتمد على ثروة أبيها الكبيرة الذى يمتلك واحدة من أكبر الشركات العقارية فى البلاد، ومن الصعب اأن تجد زوجا يكافئها فى الجاه والثروة لذلك كانت تعتبر الزوج مجرد دمية تشتريها بأموال والدها لذا لم تفلح اى من زيجاتها السابقة .
المهم أبلغنا الأستاذ منصف بدعوة صاحب الشركة لجميع العاملين فى الشركة لحضور حفل الزفاف المقام فى أفخم فندق فى مصر، وبالفعل ذهبنا جميعا ووقفنا فى الحديقة الكبيرة أمام مدخل استقبال الفندق ننتظر زفة العروسة، ورأينا سيارات فارهة لم نرها من قبل ومر بنا الأستاذ عمران والد العروسة وبجواره زوجته السيدة فاتن التى كانت عبارة عن فاترينة مجوهرات تسير على الأرض من كثرة المجوهرات والحلى التى ترتديها، فنظر الينا ولم يعرنا أى اهتمام.

وكيف يهتم بمثلنا ونحن نرى كل هذه الشخصيات العامة مشاهير المجتمع وكبار رجال الأعمال والدولة يتوافدون على المكان، كنا نحن مجموعة العاملين زومبى بالنسبة لهم وهم زومبى بالنسبة لنا.

لن أحدثكم عن ملابس السهرة التى كانت ترتديها النساء مراعاة للأداب العامة لكنها شبيهة إلى حد ما بحفلات مهرجانات السينما، دخلنا قاعة الحفل التى ضمت خمس قاعات كبرى مفتوحة على بعضها وكأننا فى ملعب كرة قدم ، جلسنا على الموائد المخصصة لأفراد الشركة فى طرف القاعة بعيدا عن زومبى الكبار كان زميلى جلال جلابولا يجلس بجوارى مبهورا ويحاول أن يلقى بنظراته السحرية على بعض الجميلات من الحضور اللاتى لا يرونه أصلا ولا يشعرن بوجوده لكنه كان على قناعة بأنه من الممكن أن يوقع إحداهن فى غرامه مما يذكرنى بأغنية شعبية اسمها ” عايم فى بحر الغدر لكن جلابولا عايم فى بحر الوهم “.

كانت القاعة بمثابة سوق للزومبى فهذا رجل أعمال زومبى يمسك فى يده مسبحة وتبدو عليه علامات التدين رغم كل ما حوله من مفاتن وملابس وطبل وزمر ورقص، وهذا رجل أعمال أخر زومبى يحتسى الخمر ويدخن السيجار ، سيدة محجبة بجوار سيدة مينى جيب فى تناغم عجيب، صعدت على المسرح مطربة مشهورة تغنى لم أصدق أنها هى تلك المطربة التى نعرفها من خلال الشاشات فقد بدت هنا أكبر سنا وأقل جمالا بكثير، ثم حان موعد الطعام وإفتتاح “البوفيه”.
كان “البوفيه” كبيرا جدا بطول القاعات الخمس وعليه مالذ وطاب من المأكولات المعروفة لنا وغير المعروفة، فالأكل كله تم جلبه من سويسرا كما أبلغنا الأستاذ منصف.

ولم أتمالك نفسى من الضحك عندما رأيت جلال صديقى العزيز منهمكا ومشغولا ممسكا بسكين فى يده يحاول أن يأخذ قطعة من ديك رومى كبير فى وسط “البوفيه” ومستاءا من عدم سهولة تقطيعه حتى أخبره أحد الجرسونات أنه ديكور لتزيين البوفية وليس ديكا روميا حقيقيا.

والحقيقة كنا نشعر بالعار من وجودنا فى هذا الحفل الأسطورى وهذا المجتمع الذى لا نعرفه ولا يعرفنا، ولا أستطيع أن أحدد هل نحن الزومبى أم هم؟!.. فنحن فى الزومبى سواء .
فى صباح اليوم التالى للحفل ذهبنا إلى الشركة ونحن نتندر بما شاهدناه وعايشناه فى الحفل حتى علمنا أن الأستاذ عمران صاحب الشركة جمع مديري الشركة ورؤساء الفروع وأخبرهم أنه تعجب لهذا الكم الكبير من الموظفين الذين رآهم فى الحفل وطلب من كل واحد منهم تقليل عدد الموظفين للنصف على الأقل والإستغناء عن النصف الآخر وكان هذا جزاء حضور حفل الزومبى الكبير .

نكمل فى يوم آخر من يوميات زومبى فإلى اللقاء.

اقرأ أيضا للكاتب:

زر الذهاب إلى الأعلى