عاطف عبد الغنى يكتب: هدايا « بابا نويل أمريكا » فى زيارته المرتقبة للعرب

من الذى وضع أجندة الموضوعات التى سيبحثها الرئيس الأمريكى جو بايدن، خلال زيارته المرتقبة لمنطقة الشرق الأوسط، والتى تحدد لها منتصف يوليو المقبل.؟!..
الإجابة: إدارة (وزارة) الخارجية الأمريكية الصهيونية.
ومن الذى يغذى عقل إدارة الخارجية الأمريكية الصهيونية بالأفكار التى تحولها إلى برامج عمل تتولى تنفيذها مباشرة أو توكل بها إلى مقاولى باطن؟!..
الإجابة: معاهد ومراكز الفكر والمسئولين بالخارجية عن منطقة الشرق الأوسط، وكلهم تقريبا يتبنون أفكار الصهيونية العلمانية (تمييزا لها عن الصهيونية الدينية).
أما الصهيونية الدينية التى تنطلق عن الأفكار الإنجيلية الأصولية، والتى يزيد أعداد معتنقيها فى أمريكا على الخمسين مليون معتنق، (فى أقل تقدير) فتضغط أيضا على أعصاب الإدارات الأمريكية، أو يتبنى معظم رجال هذه الإدارات أفكارها التى تدعم إسرائيل بلا حدود من منطلق دينى، مبنى على أفكار محرفة للعهد الجديد (الإنجيل) من الكتاب المقدس.
هذه العقول بما تحمله من أفكار صادرة عن قناعات، أو مضطرة لها، هى التى وضعت أجندة زيارة بابا نويل أمريكا، الذى يبشرنا بزيارته الموعودة ليقدم لنا هداياه، أو ربما يعدل المائل، والهدف الحقيقى من الزيارة: إسرائيل، ثم إسرائيل، ثم إسرائيل، وقل بعد ذلك ما شئت، الطاقة، روسيا، إيران، أوكرانيا، الحرب، أو أى تخريجة أخرى.
بايدن قادم بخطة لاستكمال ابتلاع المنطقة عن طريق ضم مزيد من الشعوب العربية للتطبيع، مع تغيير مسمى معاهدات السلام الإبراهيمى التى باتت سيئة السمعة.
أو قل إن بايدن قادم لاستئناف خطة “كوشنر” زوج ابنة ترامب اليهودى، الذى نجح فى تدشين مخطط التسلل الناعم لفتح مزيد من الثغرات تتسلل منها إسرائيل للعرب، وثروات العرب، ووحدة العرب، ومقدسات العرب، وتشتيت فكر العرب، وسرقة عقول أجيالهم الجديدة، كما فعلوا مع الأوربيين من قبل حتى سيطروا على عقل الغرب كله.
هل تريد أن تعرف باقى الأجندة ؟!.
باقى الأجندة هو المعلن، واللامع الذى تحاول الدعاية الأمريكية – الإسرائيلية خطف الأبصار به، وأتصور أن أهم ما فيه هو التلويح بتنشيط القوة العسكرية الأمريكية التى تتكدس فى قاعدتى العديد والسيلية الأمريكيتين القابعتان فى قطر.
واليوم الخميس 7/16 كشف موقع إخبارى غربى عما أسماه مبادرة أمريكية وصفها بأنها “إبداعية” لتطوير عمليات القيادة المركزية الأمريكية (سنتكوم)، ومقرها الإقليمي كما أسلفنا قاعدة “العديّد” في قطر.
والقيادة العسكرية المركزية الأمريكية (سنتكوم) واحدة من 11 قيادة مقاتلة تتبع وزارة الدفاع الأمريكية “البنتاجون”، وتدير عملياتها من مقرها الإقليمي بقاعدة “العديّد” في قطر، حيث تنشط في ثلاث مناطق: هي الشرق الأوسط، وآسيا الوسطى، وجنوب آسيا.
وذكر موقع “المونيتور” الأمريكي، نقلا عن مسؤول أمريكى كبير في البيت الأبيض (لم يسمه) أن جدول الزيارة يتضمن مناقشة العديد من القضايا منها الأمن في المنطقة وملف الاتفاق النووي الإيراني وجهود السلام في اليمن، و”قمة جدة” التي تشارك فيها مع مصر والعراق والأردن إلى جانب دول مجلس التعاون الخليجي.
وفى شأن الاتفاق النووي الإيراني، سوف يناثش بايدن سبل “دمج” إسرائيل والخليج في تحالف يهدف إلى ردع طموحات إيران الإقليمية والنووية.
وخلال الساعات القليلة الماضية ركزت وسائل الإعلام الغربية على تصريحات سفير إسرائيل لدى الولايات المتحدة، مايكل هيرزوج، التى قال فيها إن إسرائيل تود أن ترى المملكة العربية السعودية تنضم إلى الآخرين من العرب في تطبيع العلاقات مع إسرائيل، قال السفير ذلك ثم عبّر عن إدراكه لتعقيدات هذه المسألة مع المملكة السعودية بسبب وضعها بالنسبة للعالم الإسلامى تحديدا.
ولأجل ما سبق ركزت أيضا وسائل الإعلام الغربية على تصريحات وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لابيد، التى أدلى بها أمس الأربعاء، وقال فيها إن “انتقال بايدن مباشرة من إسرائيل إلى السعودية (لحضور قمة جدة) علامة على وجود صلة بين الزيارة هنا وهناك، وإمكانية تطوير العلاقات بين البلدين”.
وقال لابيد إن العلاقات الإسرائيلية السعودية “ليست على وشك قفزة نوعية”، وإن ذلك يعتمد ذلك على التقدم في القضية الإسرائيلية الفلسطينية، التي ستكون أيضا جزءًا من أجندة بايدن في القدس والضفة الغربية في 13-14 يوليو المقبل.
وأشار إلى إعلان السعودية رسميا، قيام بايدن بزيارتها يومي 15-16 يوليو المقبل، والتي سيلتقي خلالها بالملك سلمان بن عبد العزيز وولي العهد الأمير محمد بن سلمان.​​​​​​​
ونوه الموقع إلى أنه رغم توتر العلاقات مع السعودية إلا أن إدارة بايدن تؤكد من خلال هذه الزيارة أنها “تمضي قدما” في إعادة تحديد العلاقة مع السعودية التي يعتبرها البيت الأبيض “حيوية” لمجالات الطاقة، والعلاقات مع إيران، وزيادة اندماج إسرائيل في الأمن الإقليمي.
وسوف يلعب بايدن بكارت “الحوثى” لذلك يشمل برنامج محادثات بايدن حث السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي على “زيادة الأهمية والكثافة اللازمتين للتوصل إلى تسوية نهائية في اليمن، وإبقاء إيران والحوثيين منخرطين في هذه العملية”.
ونصف المقال الأخير هو أحدث المتداول عن البرنامج المعلن للزيارة، لكنه لا يكشف عما وراء الأكمة من مخاطر، كأن يقول إن بايدن قادم لاستكمال سيناريو ابتلاع المنطقة لصالح كوهين اليهودى.
أخيرا دعونا نستحضر مشهدا دراميا من فيلم “الشيماء”، وفيه عرافا يهوديا عجوز يطوف شوارع “المدينة” متكأ على عصاه ويردد بصوت أجش: “ويل للعرب من شر قد اقترب”.

اقرأ أيضا للكاتب:

زر الذهاب إلى الأعلى