قل شكوتك: «ضل راجل ولا…….»

المحررة: أسماء خليل

“هل لابد من وجود رجل بحياتي؟!”.. ذلك سؤالي الذي كررته على مرأى ومسمع من الجميع، ولكني لا أجد إجابة وافية، تكفيني عوز الاحتياج إلى الناس، فهل أتسول بضعًا من كلماتكم؟!..

ما سبق هو جزء مُقتطف من رسالة الزوجة المعذبة“ ل.م”، التي قررت أن ترسلها إلينا، عبر البريد الإلكتروني، علَّها تجد من يشاركها آلامها،،

                                                                                   “ل.م”

أنا زوجة قاهرية في أواخر العقد الرابع من عمري، لم أبلغ الأربعين ولكني أشعر أنني ابنة الثمانين، حاصلة على ليسانس ألسن، ولي بالحياة فلذاتٌ ثلاث، ولدان وبنتًا، كان أبي يعمل مهندسا وأمي ربة منزل، ولي أخوة وأخوات كنت أنعم بحياة جميلة هانئة وسطهم،،

دق بابي كثير من الخطاب،حينما كنت بريعان شبابي، وافق أبي على شاب يكبرني بعشر سنوات قاهري جارنا، ويحمل نفس شهادتي بالإضافة إلى ماجيستير في اللغات المختلفة، اصطحبنا زوجي منذ البداية إلى دولة الإمارات الشقيقة، كان يعمل هناك مترجما بإحدى الشركات المرموقة، وكان يحظى بكثير من التقدير، حتى بين أفواج الأجانب الذين كان لهم بمثابة همزة الوصل بينهم وبين المسؤولين بالشركة،،

كانت حياتنا سعيدة هناك، لم يعكر علينا صفو عيشنا سوى بخل زوجي، ولكنه كان يقنعني قائلا بأن تلك ليست عادته، ولكنه يريد أن يدخر كل جنيه،

أتذكر حينما كنا نتسوق وتشير ابنتي لحلوى ثمنها 2 درهم، كان يمنعها بل وينهرها قائلا : إننا في احتياج لكل درهم حتى نبني مستقبلنا،،

ادخر زوجي كثيرا من الأموال دفع ثمنها ونحن معه من راحتنا وحرماننا، كان يرسل ما يدخر إلى أخته الكبرى وهي تشتري له أراضي ووحدات سكنية، وحينما حدثت ظروف صحية لأبي ونزلت للاستقرار بالقاهرة، كنت أقول له أرسل لي ما تريد فأنا زوجتك، كان يرفض رفضا مطلقا،،

ومع إتمام السنة العاشرة بالغربة، عاد زوجي للقاهرة لتبدأ المعاناة التي ربما توقعها الكثير، وهي أن أخته رفضت أن تعيد له حقوقه، بعد أن استحوذ عليها الشيطان وملأ قلبها حقدا على أخيها..

المشكلة سيدتي الآن تكمن في موقف زوجي منذ عامين، ولم يتغير، حينما أقول له قم بعمل مجلس عرفي من كبار العائلة والمعارف، أو قم بالالتجاء إلى المحكمة فمعك حوالات تثبت أنك كنت ترسل إليها، لتعيد لنا حقوقنا، ينهرني قائلا: “ مش هنفرج الناس علينا .حسبي الله ونعم الوكيل ”..

آلله أمرك بأن تكون شيطانا أخرسا؟!..آلله أمرك أن تجلس بدون عمل لأنه أقل من إمكاناتك العلمية؟!..آلله أمرك بأن تجعل زوجتك تدق باب أي عمل وهي تحمل ثلاث أبناء أكبرهم بالمرحلة الإعدادية، والاثنان الآخران في مرحلة الطفولة المبكرة ؟!..هذا ما أكرره بيني وبين نفسي،،

لم نجد الآن ما نعيش منه ونقتات حتى الفُتات، أنا وبرغم شهادتي المرتفعة إلا أن أي عمل يتطلب مني سعي في أماكن بعيدة، هذا إن وُجد، وأنا لا أستطيع بهؤلاء الأبناء أن أعمل بكل طاقتي، قمت بعمل بعض من الأعمال الفنية المزخرفة وشرعت في بيعها، وبدأت أصنع منظفات في بيتي وأبيعها وهكذا، من أجل لقمة العيش وفقط؛ لأننا نعيش ببيت أبي فقد ورثتُ شقة نعيش بها بعد وفاة والديَّ،،

حقا إنني مكلومة، لقد أصبحت المرأة والرجل، أربي أولادي وأعمل وأباشر شؤون المنزل، وزوجي لم يبرح مكانه ولا يريد أن يدق أي باب، لقد ضاقت بي الدنيا وأشعر باختناق من عبء زوجي النفسي والمادي على كاهلي، لا يريد أن يفعل أي شيء، بالإضافة إلى أنه لا يريد مساعدتي حتى في تلك المشاريع الصغيرة التى أقوم بها،،

طلبتُ منه الطلاق، وبعد طول مناقشة وافق، ثم جمع ملابسه ومشى، بعد ثلاثة أيام علمتُ أنه يبيت بالشارع، فقد جاء للبيت يريد الدخول ويخبرني أنه لا مأوى له سوى لديَّ، حينما رأيته بكيت ومن ذلك اليوم ونحن نعيش سويا، وأنا رغم كل شيء أراعي حقوقه التي فرضها علي ديني،،

ولكني أشعر بضياع هويتي، ولا أستطيع التمييز من أنا؟!..هل أنا الأم أم الأب؟!..كلما أحكي لمن حولي يحاولون التفاهم معه دون جدوى، ثم يقولون لي “يكفي أنه يعيش في بيتك رجل“ ..ماذا أفعل بحق الله سيدتي ؟!..

الحل

عزيزتي “ل.م” كان الله بالعون.

إذا كان العقد شريعة المتعاقدين، وأخل أحدهما بأحد بنود ذلك العقد، فعلى المتضرر اللجوء للقضاء، ولا شك أن عقد الزواج هو أعظم ميثاق بالعالم، وعلى كل طرف أن يقوم بدوره المنصوص عليه،،

فعلى الرجل – الذي هو محل حديثنا- بعض الحقوق، وأهمها أن يمتع زوجته على الموسع قدره وعلى المُقتر قدره، وأمر الله- سبحانه وتعالى – الرجل بالإنفاق على المرأة،،

وعليه فإنه من الناحية العقلية البحتة المجردة؛ للمرأة أن تطلب الانفصال عن زوجها في تلك الحالة، ولكنكِ عزيزتي تملكين قلبا مرهفا وتأصلا خُلقيًّا، لقد غلب عليكِ حبكِ لرجلك زوجك أبي أولادكِ، وتراعين الله- سبحانه وتعالى- فيه، أنتِ تتعاملين بقواعد أخرى، هي قوانين المشاعر والعاطفة،،

انظري عزيزتي ماذا قال العلماء في أمر شبيه بحكايتكِ؛ لقد قالوا إن المعيشة مع رجل قاسي القلب خير، من الحياة بأولادك منفردة بغاباتها المخيفة، فوجود الرجل بحياتك حماية، ومجرد وجود الأب بالبيت نائمًا تربية، فتخيلي لو كان ذلك الزوج مريضًا؛ من المؤكد أن لسان حالك كان سيقول“لو كان زوجي سليما حتى لو جلس بالمنزل ولا يفعل شيئا لكنت أسعد”،،

وكذلك لا أدعوكِ للاستسلام، فقد يكون زوجك تحت وطأة صدمة نفسية؛ فلم يكن يتوقع أن يخونه أقرب الناس إليه، وأن يضيع كل ما ادخر منذ سفره، حاولي أن تجعلي أحد المقربين إليه يتحاور معه، في شأن استرجاع حقوقه، وكذلك استرجاع ثباته وصحته النفسية.

قاومي هواجس الشيطان التي يمليها عليكِ بين حينٍ وآخر، فأنتِ تسيرين بطريق آخره سعادة لا محالة؛ وهو طريق الصبر الذي سلكه الكثيرون وخاصة الأولياء والصالحين، ابتعدي عمن يشفق على حالك ويظل يحبطك،،

أنتِ تقفين الآن بجوار زوجكِ في محنته، قديما قالوا “إذا كان الصبر مرًّا فعاقبته حلوة”، وليس أحرى من سماع كلام ربنا – سبحانه وتعالى – بل ووعده بأن مع العسر يسرا.

اقرأ أيضا فى هذه السلسلة:

 – قل شكوتك: حافية على جسر الحياة

قل شكوتك: « ..قيود الحرية »

زر الذهاب إلى الأعلى