أسماء خليل تكتب: مُبادرة الشارع السعيد

بيان

مع مرور الزمن واستحداث كثير من الوسائل التكنولوجية، وجدنا هناك ضريبة على الكائن البشري عليه أن يدفعها؛ وهي زيادة الأعباء المادية الاقتصادية والاجتماعية، بل وعلى مستوى كل الأصعدة، فهل من البحث في دفاترنا القديمة علَّنا نجد حلولًا لكثير من تلك المعوقات وإزالة بعض العقبات؟!..

كان العرب القدامى والبدو، في سالف عصورنا وأوان عصورهم؛ يجعلون من التعاون والتكاتف عنوانا لحياتهم، يُسَيِّرُون به دفة مراكبهم.. فلنر ماذا كانوا يفعلون حينما يُقبل أحدهم على الزواج؟!..

كان أبو العريس وكذلك أبو العروسة يمسكون بطرف جلابيبهم ويأتي كل أفراد المحيطين بهم من الجيران والمعارف والأقارب، ويضعون أي جزء من المال، يجمعه في النهاية الأب ثم يقوم بتجهيز ابنه أو ابنته.

وفي ذلك فائدة اجتماعية؛ حيث كان الجميع يشعرون أنهم متساوون، فيبتعدون عن التباهي الذي لا داعي له، وكذلك المظاهر الكاذبة التي يعج في طياتها البشر الآن، ويسعد كلا الزوجين ويفرح معهم كل من حولهم..لماذا لا يفعل أفراد كل شارع كذلك؟!..

لابد من الابتعاد قليلًا عن التطلعات الظاهرية التي لا قيمة لها، فحينما ساء الإنسان من الداخل؛ اضطر إلى تجميل مظهره الخارجي وفقط، ولكنها أشبه بالطلاءات الجدرانية، التي تتشوه أو تزول بجرة ماء.

ولابد لنجاح تلك المنظومة من قائد؛ فعلى أهل الشارع انتخاب شخص يكون أكثر الأفراد طيبة وحكمة وأهل للثقة، ومشهود له بصلاح الخلق، فقد كان بالسابق- أيضًا – كل حي له شخص مسؤول عنه، يطرح جميع المشكلات من بطالة أو فقر أو سوء خلق…إلخ، ويناقشها مع كبار رجال الشارع، ثم يحاولون حل تلك المشكلات، وكذلك هذا الشخص المسؤول يجبر الجميع على نظافة المكان؛ ما يقلل من التلوث..

لقد كان جميع أبناء الحي أو الشارع الواحد يعرفون بعضهم البعض، وكل منهم يخاف على غيره، وإذا أصاب أحدهم مكروهًا، دافع الآخر قائلا “ابن حتتي أو ابن شارعي”، وكأن لسان حاله قائلا “إنه أخي أو أختي”..

إنها ليست دعوة لعودة“الفتوة”، لأن تلك الأزمنة قد ولت، ولا شك أن الجيش والشرطة لهم عظيم الأثر في حياة الشعوب، وبإمكانهم ردع المخالفين عن القانون، إن تلك المبادرة ستتم تحت إشرافهم ورعايتهم، ويكون هناك جائزة لأكثر الشوارع تنفيذًا للمبادرة، كأن تكون بتخفيف مستحقات الكهرباء أو الغاز لمدة شهر أو شهرين على سبيل المثال.

كذلك العودة إلى التعاون، بتخفيف العبء عمَّن له مطلب وابن شارعه بإمكانه عمله له؛ فليقم به بسعر التكلفة فقط ولا يتقاضى أجره أو يخفف منه، فإذا كان طبيبا فليقلل ثمن الكشف لأهل شارعه، وإذا كان نجارًا فليأخذ ثمن الخامات وأجر بسيط عن جهده لأهل حيه أو شارعه…..إلخ.

من هنا سوف تتولد أفكار ومقترحات جديدة، كأن يقوم شاب صغير بإحضار الخبز من الأفران صباحا مقابل بضع جنيهات من كل شقة، وغيره أو غيرها تقوم على رعاية من يحتاجون مقابل أموال بسيطة فتكون راتبا لذلك الشخص.

وإذا أقام أهل الشارع أي احتفال، يحتفلون به سويا، ولا داع لتأجير القاعات باهظة الأثمان مقابل بضع ساعات لأعياد الميلاد أو الأفراح، وغير ذلك من المقترحات التي لا نهاية لها، والتي من شأنها جعل الناس أكثر سعادة..إذن لابد من إدخال
السرور على الشارع أولًا، كوحدة بناء المجتمع.

اقرأ أيضا للكاتبة:

أسماء خليل تكتب: اللاحرب واللا حب

أسماء خليل تكنب: مواطن من الدرجة الثانية

زر الذهاب إلى الأعلى