قل شكوتك: “ الحب المشروط ”

سلسلة تكتبها: أسماء خليل

“ومن الحُب ما قتل”.. ذلك هو حالي بعد أن تركتني حبيبتي في خِضَمِ الدنيا الواسعة، لم أكن أعلم أنني أحبها لتلك الدرجة وأنها تقتص من قلبي جزءً، ذهب معها فبِتُ أحيا في الحياة بقلبٍ مبتور.

أعتقد أن ما سبق هو مقدمة مُعبرة، عن واقع مرير يعيشه الزوج“ط.م”، ظهر واضحًا عبر كلماتٍ في سطور، كتبها وأرسلها عبر البريد الإلكتروني، راجيا من الله – سبحانه وتعالى – أن نشاركه في حل مشكلته.

                                                                          “ط.م”

ها أنا زوجٌ ثلاثيني، أعيش بأحد محافظات الوجه البحري، حاصلٌ على بكالوريوس التجارة، أدير مكتب محاسبة تنازل لي أبي عنه، بعد تخطيه من العمر ما لم يستطع فيه العمل بإتقان، أعيش ميسور الحال وعائلتي كذلك، لديَّ ولد وبنت قد قاربا على العاشرة من عمرهما، رزقني الله – سبحانه وتعالى – بهما كهدية ألوز بها لتكون بسمتي في ذلك العالم.

منذ أن أتممتُ دراستي، وألحقني والدي بالعمل معه، خطبت لي أمي ابنة صديقة لها، رأيتها جميلة جامعية حنونة القلب، وبين أمها وأمي وعائلتها وعائلتي تكافؤ في كل شيء، تمت خطبتنا وسط أجواء من البهجة والسعادة، وبدأ حبها يجري في قلبي، وخاصة أنني عرفت كثيرا من الفتيات، محاولا البحث عن الحب؛ فلم يعجني سلوكهن الأخلاقي، وما لبثتُ أناقض نفسي، كيف أنقد سلوكهن بأنهن يعرفن الشباب قبل الزواج، وكيف أبعث عن ضالتي وسطهن.

أحببتُ زوجتي، وبدأت أستمتع معها بحياتي، كانت زوجة جيدة الصفات ولكن لديها بعض العند الذي شكل جزءً من كيانها، وكانت تعلل ذلك بضرورة وجود شخصية لكل امرأة فلسنا بزمن الجواري، حاولتُ إثناءها عن ذلك الطبع ولكني لم أستطع.

تبدت خِصلة لي لم أكن أعلم عنها شيئا وانا صبي صغير؛ وهي أنني أُعنِّفها بالإهانات اللفظية وربما الجسدية حينما تخطأ، أو تعند أمامي ولو بشكل بسيط أثناء احتدام النقاش بيننا، مرورا بإنجاب أولادنا وسير الحياة في مجراها الطبيعي، وأنا لا أتغير.

كانت في تلك السنوات، التي جاوزت العشر، تذهب إلى بيت أبيها جراء تعنيفي لها، كان أبوها صبورًا حكيمًا- هكذا وصفي له الآن بعد أن علمتني الحياة- فقد كان يعيدها لي ولا يعاتبني في شيء، لا أخفي عليكِ سيدتي اعتقادي أنني لستُ على خطأ لأن أبيها كان يرجعها بيتها بكل سهولة، ولكنه في آخر ثلاث مشكلات بيننا وضربي لها كان أبوها يهددني بأنه لن يعيدها مرة أخرى إذا رحلت.

لا أستطيع وصف مقدار حبي لها، لكني كنت لا أستريح إلا إذا أخدت حقي بعد أي تجاوز منها ولو بكلمة صغيرة جدا، أو ربما لسوء تصرفها في أي موقف؛ إلا إذا استمتعتُ بإهانتها وربما التطاول على جسدها، حتى أرضي نفسي، ورغم كل ذلك العشق الذي كان يدفعني لأن أقبل قدميها حتى ترضى عني بعد مرور المشكلة، إلا أنني كنت لا أهدأ إلا بعدما أحصل على أكثر من حقي بإيذائها.

ذهبتُ إلى دار أهل زوجتي، وتشاجرتُ معهم وأخذتُ أولادي، عسى أن تشفق عليهم زوجتي وتعود لي، لكنها لم تفعل، وبعد محاولات من جميع المقربين مني.. أبي وأعمامي..وكثير من الجيران؛ لم يقبل حمايا عودتها لي على الإطلاق، وبعدما ساءت صحتي ونزل وزني أكثر من 20كيلوجرامات، وأهملتُ عملي؛ عرض والدها عودتها لي ولكن مقابل أن أكتب شقة الزوجية باسمها وأضع لها رصيدًا بالبنك لا يقل عن 250ألف جنيهًا.

أنا لا أستطع العيش من دون زوجتي، أبكي بكاء الأطفال في انتحابهم لغياب أمهاتهم؛ هل أوافق وأكتب لها الشقة والمبلغ المالي؟!..أم ماذا أفعل؟!..أخبروني بالله عليكم.

الحل ..

عزيزي“ط.م”..كان الله بالعون..

اإذا بحثت حولك في كل مشكلات العالم وتتبعتَ مصدرها؛ ستجد أنها نتاج أفعال الإنسان نفسه، فمن أعمال المرء تُسلط عليه الابتلاءات إلا ما رحم ربي؛ فلا شك أننا في حال مشكلتك تلك؛ لسنا بحاجة للبحث عن الجاني، ويُشاركك- أيضًا- جُناة آخرون حفروا داخلك ما يصعُب طمسه وصنعوا تلك الشخصية.

لن نستطيع- في البداية- أن نناقش المشكلات الفرعية ونترك الأساس؛ فلا شك أنك تعاني من أحد الاعتلالات النفسية، وهو “السادية”؛ فكلما أحب المرء واستمتع بإيذاء وإهانة أقرب الناس إليه، كان مُصنفًا من قِبَل علماء النفس بأنه سادي، وعليه التوجه-بشكل حتمي- إلى طبيب نفسي، ليبدأ في العلاج، ولا تقلق فهناك طفرة تقدمية في مجال الطب النفسي..

لا تدق باب زوجتك وأنت لم تعالج نفسك؛ فربما فعلت كل شيء وفي النهاية ستؤذيها مرة أخرى، ولا بأس حينها من التفاهم بشكل منطقي، وطالما أن هناك نية من أسرة زوجتك على إعادتها منزلها مقابل بضع ضمانات؛ فلا بأس من التفاهم على تقليل المطلوب، واكتب لها ما يرضيها ويجعلها تشعر بأهميتها لديك وأنك لن تكرر ما كنت تفعل بالسابق، ومن المؤكد أن تمسكها بأولادها وحبك لها سوف يكونان حائلا بينها وبين الغدر بك.

ولكن تجدر الإشارة، إلى الفهم الخاطئ لمعنى الصبر، الذي طرحته تلك القضية؛ فالدين يحدد ثلاث مرات في كثير من السلوكيات الحياتية، فسكوت الأب ووقوفه مكتوف اليد حيال ضرب ابنته وإيذائها عشرات المرات؛ جعل الزوج لا يجد رادعًا يرتدع به، وجعله يشعر باستسهال في تكرار خطئه، طالما أن زوجته في كل مرة تعود بكل يسر.

لن تأمرنا الأديان بالتخاذل والصبر على الإهانة، وكذلك خراب البيوت، بل خير الأمور الوسط، وكان من الأولى رسم خطة واضحة من قِبل أهل الزوجة، على رأسها عدة قوانين لا يتخطاها كلاهما.

عزيزي، راعِ الله- سبحانه وتعالى- في شريكتك ورفقًا بها، فالرسول – صلى الله عليه وسلم- وصف النساء بالقوارير ..اسعَ للعلاج؛ فالدنيا التي بها عيشنا تحثنا على التداوي كي نستمر بسباقها..تمسك بزوجتك وأولادك..تعلم من أخطاء الماضي ..وكن واثقًا من أن السعي الدائم يكلله الإله بالمكافأة والتوفيق في الحياة.

اقرأ فى هذه السلسلة:

“قل شكوتك”: سائق سفينة حياتي

قل شكوتك: «ضل راجل ولا…………»

زر الذهاب إلى الأعلى