طارق صلاح الدين يفند أشهر الأكاذيب التى تم إطلاقها على عصر عبد الناصر (12) طفح المجارى في ضريح الرئيس
بيان
نجح أعداء الزعيم جمال عبد الناصر في نسج وتأليف وترديد مجموعة من الأكاذيب وألصقوها بعبدالناصر وبالالحاح على ترديدها أصبحت من المسلمات التى يرددها الكثيرون بمنتهى الإقتناع وكأنها حدثت بالفعل رغم انه ليس لها أى سند من الصحة أو دليل يثبت وجودها ويؤكدها.
وأول هذه الأكاذيب وأشهرها على الإطلاق هى أكذوبة طفح المجارى في قبر عبدالناصر والتهام المجارى لجثته التى تاهت في الصرف الصحي.
ولحبك الأكذوبة بشكل محكم قام هؤلاء بتأليف قصيدة نسبوها كذبا للشاعر عزيز أباظة تؤكد غرق جثة عبدالناصر فى المجارى.
ويعود السبب الرئيس فى إنتشار هذه الأكذوبة إلى بعض خطباء المساجد وخاصة من جماعة الإخوان المسلمين في سبعينات القرن الماضي وعلى رأسهم عبدالحميد كشك.
وليست هذه كل الأكذوبة بل تم اختراع مجموعة أكاذيب مصاحبة لها ومنها أكذوبة ترديد عبدالناصر أثناء سكرات الموت لكلمة: “وثن وثن”.
واكذوبة قيام رجال عبدالناصر بسرقة رخام مقبرة الأمير محمد على توفيق ووضعه في ضريح عبدالناصر.
وسأقوم خلال السطور التالية بالرد على هذه الأكاذيب.
اقرأ فى هذه السلسة:
– طارق صلاح الدين يفند أشهر الأكاذيب التى تم إطلاقها على عصر عبد الناصر (11) تأميم شركة قناة السويس
– طارق صلاح الدين يكتب: جمال عبد الناصر وثورة يوليو والعيد الأول بعد السبعين للثورة
بالنسبة لأكذوبة ترديد عبدالناصر لكلمة “وثن وثن” فى سكرات الموت فإن الرد يتلخص وببساطة في عدم حضور أى شخص للحظة وفاة عبدالناصر إلا الأطباء فقط ولم يذكر أحد منهم أبدا أن عبدالناصر ردد هذه الكلمة.
وقد أتيح لهؤلاء الأطباء الحديث فى مواضع كثيرة عن وفاة عبدالناصر وخاصة أثناء فترة حكم الرئيس السادات الذى أطلق العنان لتشويه صورة جمال عبد الناصر في أذهان الملايين داخل وخارج مصر.
وبالنسبة لأكذوبة سرقة رخام مقبرة الأمير محمد على توفيق ووضعه في ضريح عبدالناصر نجد أن وفاة عبدالناصر المفاجئة تنفى تماما هذه الأكذوبة فعبدالناصر لم يأمر ببناء الضريح قبل وفاته ولم تسجل أسرة محمد على باشا فى محاضر رسمية حادثة سرقة رخام مقبرة الأمير محمد على توفيق ولم يتحدث أحد من الأسرة مطلقا عن هذه السرقة.
ولو أن هذا الأمر حدث لقامت أسرة الملك فاروق بفضح السرقة ونشرها في العالم كله وخاصة أنهم ينتظرون فرصة واحدة للتشهير بعبدالناصر.
الأكذوبة الأصلية
وأعود إلى الأكذوبة الأصلية وهى طفح المجارى في ضريح عبدالناصر التى حمل لواء نشرها عبدالحميد كشك الذى لم يسلم أحد من لسانه وقام بتسخير منبره للشماتة في عبدالناصر بعد وفاته ولم يسلم أحد من سباب كشك وسخريته سواء من السياسيين أو المطربين أو الممثلين.
هل كان عبدالحميد كشك يتبع تعليمات الإسلام وهو يقوم بالتشهير بالمسلمين الأموات والأحياء ويطلق عليهم الشائعات الكاذبة ومنها أكذوبة طفح المجارى في قبر عبدالناصر التى يرددها المغيبون وكأنها حقيقة حدثت بالفعل.
ولمن لايعلم فإن عبدالحميد كشك كان يتبنى أفكار جماعة الإخوان المسلمين وإن لم ينخرط في تشكيلاتها التنظيمية وكان يرى أن خلاف جمال عبد الناصر مع جماعة الإخوان المسلمين خلافا عقائديا وليس خلافا سياسيا.
وكان كشك دائم الدفاع عن الإرهابى سيد قطب ودائم الهجوم على الفن والفنانين بعبارات جارحة لايقرها الإسلام.
كما كان يهاجم الأقباط وقياداتهم بكلماته التى شكلت وجدان الجماعات المتطرفة ومهدت التربة للإرهاب رغم عدم دعوة عبدالحميد كشك المباشرة للعنف.
ادعاءات كشك
ولم تقتصر أكاذيب عبدالحميد كشك على طفح المجارى في ضريح عبدالناصر بل كان يذكر فى خطبه أن عبدالناصر كان يعتقد أن ملك الموت لايجرؤ على اقتحام الأسوار المنيعة والوصول إليه لقبض روحه ولا أدرى من أين أتى كشك بهذا الإدعاء؟
كما أدعى كشك أن رجال عبدالناصر جاءوا بكلب شرس وادخلوه على كشك فى زنزانته بعد تجويعه لكى ينهش كشك ولكنهم فتحوا باب الزنزانة في الصباح ليجدوا الكلب جالس بجوار كشك وهو يصلى.
وهذه الخرافة سرقها كشك من الفقيه أحمد بن بنان الذى عارض أحمد بن طولون فأطلق عليه ثلاثة أسود بعد تجويعها ولكن فى الصباح وجد الحراس هذه الأسود جالسة بجوار ابن بنان أثناء صلاته.
والمثير فى الأمر أن ترديد هذه الأكذوبة تحديدا مقدس فى قاموس الإخوان المسلمين فالإخوانى يوسف القرضاوي ذكر نفس الأكذوبة فى مقال له بعنوان: “إلى السجن الحربى” ، وقام بتعديل الأكذوبة باستبدال كشك بالطبيب مصطفى عبدالله الذى جلس الكلب بجواره ولم ينهشه.
ويدل هذا بوضوح على كذب جماعة الإخوان المسلمين وترديدهم للأكاذيب مع تغيير أسماء الأشخاص.
ولم يتذكر عبدالحميد كشك مطلقا أثناء هجومه الشرس الملىء بالأكاذيب أن الزعيم عبدالناصر قام بتكريمه فى عيد العلم عام ١٩٦١ .
واستمر هجوم كشك رغم هذا التكريم على عبدالناصر فى سبعينات القرن الماضي واصفا إياه بأنه شنق الرقاب التى قالت لا إله إلا الله فى إشارة واضحة إلى الإرهابى سيد قطب زعيم تنظيم جماعة الإخوان المسلمين عام ١٩٦٥ و الذى كان يخطط لنسف القناطر الخيرية والسكك الحديدية وإغراق الدلتا.
وبالعودة إلى أكذوبة عبدالحميد كشك الخاصة بطفح المجارى في ضريح عبدالناصر نجد أنه تم عمل تحديث لهذه الأكذوبة فى عام ٢٠١٤ والذى أعاد تحديثهاو إطلاقها هذه المرة هو الإخوانى محمد الجوادى الذى أكد في تغريدة له على تويتر أن عبدالحميد كشك ردد قصة طفح المجارى في قبر عبدالناصر فى السبعينات وأنه (محمد الجوادى) قد “سمع” ، وتلاحظ عزيزى القارىء أن كلمة “سمع” دائما ما تتردد في أحاديث وأكاذيب الإخوان المسلمين.
كلهم سمعوا !!!
نعود إلى الجوادى الذى سمع من لواء سابق في الشرطة (لم يذكر أيضا إسم هذا اللواء) أن الزائرين لضريح عبدالناصر كانوا يشمون رائحة كريهة تخرج من القبر ووصل الأمر إلى الرئيس السادات الذى أمر الليثى ناصف بفتح القبر فوجد ماسورة مجارى طفحت في الضريح ولم يتم العثور على جثة عبدالناصر التى شفطها الصرف الصحي.
وأول دليل على كذب محمد الجوادى وقبله عبدالحميد كشك أنه لاتوجد مواسير ملحقة بقبر عبدالناصر تمر تحت الضريح والقبر يعلو عن الشارع بمسافة تجعل من المستحيل وصول المجارى إليه والقبر مجاور لوزارة الدفاع التى كانت ستصل إليها المجارى أيضا فى حالة وصولها إلى قبر عبدالناصر.
أما الدليل الثانى فيتمثل فى أن الليثى ناصف ترك عمله في الحرس الجمهورى وانتقل للعمل كسفير لمصر فى اليونان عام ١٩٧٣ قبل إطلاق عبدالحميد كشك لأكذوبة طفح المجارى في ضريح عبدالناصر .
وبالبحث وراء هذه الأكذوبة التى أطلقها كشك وأعاد الجوادى ترديدها لم نجد لها ذكر على لسان أى مسئول رسمى فى مصر ولم تنشرها وسيلة إعلامية واحدة ولم يرد ذكرها كخبر في أى صحيفة أو مقال أو حديث إذاعى أو تليفزيونى ولم يتم ترديدها إلا عبر لسان جماعة الإخوان المجرمين فقط.
وليس غريبا على محمد الجوادى ترديد الأكاذيب فهو داعم للإرهاب من الطراز الأول وأعلن دعمه لتنظيم داعش من خلال تدوينة على تويتر قال فيها بالحرف الواحد إنه “مع ثوار العراق ١٠٠% سواء سموهم داعش أو وصفوهم بالواغش وسواء كانوا من أهل الشوفة أو الكوفة أو الصوفة”.
ويتبقى لنا من تفنيد هذه الأكذوبة قصيدة عزيز أباظة التى نسبها الإخوان له زورا وكتبوا فى مطلعها:
لفظ الثرى جثمانه وتطهرا ورماه فى خبث المجارى منكرا.
وبالبحث فى دواوين عزيز أباظة الشعرية لم نجد وجود على الإطلاق لهذه القصيدة.
وبالبحث أيضا وجدنا أن عزيز أباظة الذى كتب قصيدة شهيرة عن السد العالي غنتها أم كلثوم وكتب أيضا قصيدة فى حب جمال عبد الناصر قد توفى عام ١٩٧٣ قبل إطلاق عبدالحميد كشك لأكذوبة طفح المجارى في ضريح عبدالناصر.
وقامت عفاف أباظة إبنة الشاعر عزيز أباظة بنفى هذه القصيدة عن أبيها ونشرت صور لعزيز أباظة مع الزعيم جمال عبد الناصر ضمن كتاب لها
……………………………………………………………………………………..
– الموضوع فصل من الكتاب المعنون بـ: ” عبدالناصر بلاتشويه” الجزء الأول، لكاتبه طارق صلاح الدين.
للرد على هذه الأكذوبة الحقيرة ونفيها عن أبيها.