الملك فاروق من المسافة صفر.. أحمد أبو بيبرس يقرأ أحدث إصدار للكاتب طارق صلاح الدين

بيان

أحمد أبو بيبرس كاتب عروبى قومى ناصرى، باحث فى الشئون العسكرية الاستراتيجية والتاريخية، يعيد فى السطور التالية، قراءة أحدث إصدارات الكاتب طارق صلاح الدين، المعنون بـ “الكتاب الأسود للملك فاروق”.

يقول أبو بيبرس:

أحمد أبو بيبرس
أحمد أبو بيبرس

نلتقى مرة أخرى مع أحدث إصدارات المؤرخ والباحث والكاتب الأستاذ طارق صلاح الدين، ( الكتاب الأسود للملك فاروق ) الذى أتحفنى كالعادة بإهدائى النسخة الأولى من الكتاب ممهورة بتوقيعه الجميل ومديحه الرقيق.

أول مايقابلك وأنت تفتح أولى صفحات الكتاب هو المقدمة المتميزة جدا للكتاب والتى ذكرتنى بضوء كشاف يضيىء ممر مظلم عميق قبل السير فيه، إذ تكلم الأستاذ طارق عن الحملة الإليكترونية الإعلامية التى تقف وراءها جهات مشبوهة لتلميع عصر الملك فاروق ـ أخر ملوك أسرة محمد على، وملك الكوليرا والنساء والقمار، بغرض مسخ عقول الأجيال الجديدة وإظهار عصر الملك فاروق على غير حقيقة عهده الأسود البشع وخلع ألقاب عليه ما انزل الله بها من سلطان مثل الملك الصالح والملك المظلوم إلخ كإمتداد     غير مباشر لحملة تشويه الزعيم جمال عبد الناصر المستمرة من بعد رحيله.

واكب قلم الأستاذ طارق رحلة صعود الملك فاروق منذ توليه عرش مصر عام حتى خلعه عنه بقيام ثورة 23 يوليو 1952 .1936

طارق صلاح الدين
طارق صلاح الدين

16 عاما حافلة بالأخطاء والجرائم سلط عليها الأستاذ طارق مداد قلمه حتى اننى شعرت أنه يطلق النار على الأكاذيب الوهمية التى بناها شماشرجية عن عهد الملك المخلوع من مدفع رشاش كبير مزود بطلقات رصاص تاريخية محكمة تصيب الأكاذيب والأساطير الخرافية فترديها فى مقتل.
حجم الكتاب ليس كبير عبارة عن 150 صفحة فقط 150 طلقة رصاص إذا جازت التسمية او 150 كبسولة تاريخية سهلة البلع والتناول والفهم إستعان فيه الكاتب بكمية مراجع ومصادر ضخمة مصرية وأجنبية موثقة تاريخياً إلا أنه تمكن ببراعة من إجراء عملية ضغط وإختصار ساحقة لمحتويات تلك المكتبة الكبرى وإخراجها فى عدد صفحات قليل وشيق لمستويات عقل القارئ محدود الثقافة أو الذى لا يميل بطبعه لقراءة الدراسات المطولة او العميقة.

وحتى لو لم تكن على دراية كافية أو إلمام تاريخى بعصر الملك فاروق فإن الكتاب يكفى لتزويدك بأهم المعلومات التاريخية عنه بأسلوب سلس بسيط يراعى عقليات الشباب محدود الفكر الذى يجرى غسيل مخه بسهولة منذ عدة سنوات.

خصص الأستاذ طارق سبعة فصول للرد على أكاذيب الشماشرجية وفضح مخازى عهد الملك السابق من أول علاقته بالإنجليز واللورد كيلرن الحاكم الحقيقى للبلاد .

وتناول فى فصول تالية علاقة الملك فاروق بحرب فلسطين ودوره المشبوه فى صفقات الأسلحة الفاسدة وعلاقة المك فاروق بعصابة الإخوان المسلمين ودوره فى رعايتها ثم الانقلاب عليها لاحقاً.

وكذلك ركز المؤلف على دور الاحتلال البريطانى الإجرامى فى تجويع الشعب المصرى فى مرحلة الحرب العالمية الثانية وقيامه بمصادرة الأغذية والمزروعات من الفلاحين لحساب جيوشه إلى حد إحداث شبه مجاعة فى البلاد.

ووصلت نسبة ارتفاع الأسعار فى مصر إلى 350 % على الرغم من أنها لم تزيد على 145 % فى بريطانيا البلد التى تقود الحرب العالمية ذات نفسها دون أن يحرك الملك ساكنا حيال ما يجرى فى مملكته طالما مخصصاته وأمواله فى ازدياد وذلك يعرى تماما خدعة أن مصر تمتعت فى عهد ملك الكوليرا بالرخاء الإقتصادى والغنى.

وشرح أيضا دور الإستعمار وحكومته اللامباليين حيال الأوبئة الصحية التى داهمت الشعب كالملاريا والكوليرا وأودت بحياة عشرات ومئات الألوف من فقراء الشعب المصرى دون أن يمس ذلك الملك شخصياً أو حكوماته أو جنود الاحتلال البريطانى.

ولم ينس كتاب الأستاذ طارق تخصيص فصول كاملة لذكر انحرافات الملك الشخصية الأخلاقية وقصص تورطه المشين فى لعب القمار، ومرافقة الخليلات وتحقيق الإثراء غير المشروع له، ولحاشيته الفاسدة على حساب الشعب وبمساعدة حكومة حزب الوفد التى طالما ادعت الثورية والنضال ضد سلطات الاحتلال وطغيان الملك ـ على حد زعمهم.
وأشار الكتاب إشارة سريعة إلى تصرف الملك كالقتلة والمجرمين ضد خصومه السياسين بتأسيسه لتنظيم عصابة الحرس الحديدى التى تولت تصفية بعض خصوم الملك بالاغتيال كأى عصابة أسسها مجرم قاتل وليس ملك لدولة بحجم مصر.

من البديهى أن كل فصل من فصول الكتاب يحتاج إلى تناول كتاب كامل تفصيلى بحد ذاته وقد تمت تغطية عصر الملك فاروق تاريخيا بمراجع تاريخية دسمة وثمينة مثل كتب المؤرخ عبدالرحمن الرافعى، ودكتورة لطيفة سالم عن عهد فاروق والملكية وكتاب الراحل الكبير محمد عودة عن سقوط الملكية وأخيرا كتاب الكاتب الصحفى الكبير المرموق محمد حسنين هيكل بعنوان: سقوط نظام وعشرات المراجع التاريخية الموثقة الضخمة التى لاتقبل الشك أو التكذيب.

إلا أنه ينبغى الاعتراف أن تلك المراجع الطويلة الكبيرة لايقبل عليها إلا المتخصصون ودارسى التاريخ فقط مما تعرفه جيداً الجهات المشبوهة التى تقف وراء حملة تلميع عهد الملك فاروق ملك الكوليرا والفساد فخلت لها الساحة لإطلاق الأكاذيب على راحتها دون أن تجد من يتصدى لهم حتى صدر كتاب الأستاذ طارق ذو الـ 150 طلقة خارقة / حارقة للخرافات والأكاذيب تجعلك تطل على عهد الملك فاروق من المسافة صفر.

طالع أيضا:

طارق صلاح الدين يكتب: طوفان الأقصى إلى أين؟ (6)

طارق صلاح الدين يكتب: لماذا كان تشويه عبدالناصر واجبا؟! (1)

 

زر الذهاب إلى الأعلى