طارق صلاح الدين يكتب: طوفان الأقصى إلى أين؟! (7)
بيان
حدث فاصل قطع مرحلتين من مراحل عملية طوفان الأقصى.
والحدث الفاصل فهو الهدنة المؤقتة وأما المرحلة الأولى فهى أحداث السابع من أكتوبر وماتلاها من تطورات حتى بدء الهدنة وأما المرحلة الثانية فهى التالية لانتهاء الهدنة.
ولدينا فى هذا المقال تقييم شامل لمرحلة ماقبل إقرار الهدنة وهى مرحلة أصبحت واضحة بجلاء للجميع على مستوى جميع الأطراف ولنبدأ بالإسرائيلى الذى وضع أهدافا لحربه بأسقف يستحيل تحقيقها على أمل أن يتمكن من تحقيق هدف واحد يكن كفيلا بالقفز على باقى الأهداف ومقنع للرأى العام الإسرائيلى فمجرد القضاء على حماس أو إطلاق سراح الرهائن بالقوة كفيل بالتغاضى عن تحقيق الهدف الأخر.
ذلك هو المعلن من الأهداف وكان هناك الخفى من الأهداف وهو الإنتقام بكل مايملك الإسرائيلى من قوة على كل الاتجاهات بلاخطوط حمراء تمنع استهداف المثلث ذو الأضلاع الثلاثة(المستشفيات) و (الأطفال) و (الصحفيين) ، وذلك لتحقيق هدفين هما إرضاء الرأى العام الإسرائيلى بفداحة ثمن دفعه الفلسطيني لمهاجمة إسرائيل والهدف الثانى هو رسالة واضحة كالشمس للشعب الفلسطيني بعقابه لتأييده ماقامت به حماس والجهاد ضد إسرائيل.
ولقى الإسرائيلى الفشل الذريع على مستوى جميع الأهداف فلا المواطن الإسرائيلي اقتنع بالثأر من المدنيين ولا المواطن الفلسطيني شيطن المقاومة وصرخ من تبعات ماحدث له بسببها، ولا نجحت إسرائيل في القضاء على حركة حماس ولا أضعفت قدرتها ولا اثبتت استخدامها للمستشفيات كمراكز للقيادة ولا أطلقت سراح رهينة واحدة بالقوة.
والعكس تماما أنجزه الفلسطيني بالنجاح فى إفشال كل ماسعى الإسرائيلى لإنجاحه.
وكان هناك الراعى الأمريكى للصهاينة حاضرا بقوة سواء بتوفيره لكل ما يلزم لإسرائيل لتقوم على مدار خمسة وأربعين يوما بكل ماتريد القيام به سواء بالدعم المادى والعسكرى الا محدود أو بالدعم السياسى بمنع أى قرار ضد إسرائيل في مجلس الأمن.
وانتظر الأمريكى تحقيق إسرائيل لاهدافها فلم يجد شيئا سوى استهداف قواعده هو شخصيا وصداع جديد فى البحر الأحمر شكلته اليمن.
ولم يجد مفرا لأول مرة من الضغط على الإسرائيلى لقبول هدنة يعيد فيها حساباته ويرضى جزء من عائلات الرهائن ويخفف الضغط العالمى ويمنع التظاهرات ولو مؤقتا.
والفصائل أيضا وجدت الحاجة الشديدة للهدنة لتقييم كل شيء سواء العمليات أو المقاومين أو إعادة التمركز أو إعادة إنتشار الأسرى أو التواصل مع كافة المواقع وإعادة توزيع السلاح.
وحاول الإسرائيلى أن يقنع الرأى العام أن حماس قبلت الهدنة تحت ضغط العمليات العسكرية وتناسى تماما ما أعلنه في بداية الحرب عن عدم الموافقة نهائيا على الهدنة وتناسى كذلك أن حماس أعلنت أن الرهائن المدنيين ضيوف وسيتم إطلاق سراحهم عندما تسمح الظروف الميدانية بذلك ودون تبادل وسيتم إطلاق سراح جميع الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال الإسرائيلي عن طريق مبادلة بالعسكريين الذين تأسرهم حماس.
وجاء اعتراف مسئول الأمن القومى الإسرائيلى كالصاعقة بإعلانه أن إسرائيل رضخت لإملاءات حماس ويحيى السنوار وقبلت بكل ماطلبوه.
ويقف العالم على أطراف أصابعه وهو يتابع تنفيذ صفقة 3 مقابل 1 والتى سيطلق فيها الفلسطينيي سراح 50 رهينة مقابل 150 أسيرة وطفل فلسطينى فى سجون الاحتلال الإسرائيلي وكيف ستنجح الفصائل في هذه المبادلة دون إكتشاف إسرائيل لمكان باقى الرهائن بكل ماتملكه من اقمار صناعية ووسائل تجسس.
ويبقى الردع المتبادل بإعلان إسرائيل عن عزمها القوى على استئناف الحرب بعد أيام الهدنة مباشرة وقامت الفصائل بإعلان أشد قوة بأن أصابعها على الزناد أثناء الهدنة وجاهزة تماما لمواجهة إسرائيل لخرق الهدنة.
وتنوعت الآراء للمحللين السياسيين والاستراتيجيين بشأن توقعات مابعد الهدنة وتوقع الكثيرون امتدادها ولكنى أرى من واقع رؤيتى وقراءة الأحداث أن هذه الهدنة لن تمتد إلا بالإعلان عن تبادل جديد للأسرى فقط وفيما عدا ذلك ستواصل الحرب نشاطها حتى إشعار أخر.