طارق صلاح الدين يكتب: طوفان الأقصى إلى أين (8)
بيان
دخلت عملية طوفان الأقصى مرحلة جديدة بعد إنهيار الهدنة بين الفصائل الفلسطينية وبين إسرائيل ففى الوقت الذى توقع فيه الكثيرون حول العالم إستمرار الهدنة التى امتدت لسبعة أيام كاملة فقد ذكرت فى مقالى السابق وبكل وضوح أن الهدنة ستنهار حال توقف تبادل الأسرى وهو ماسعت إليه إسرائيل برفض كل ماقدمته الفصائل لإستمرار الهدنة.
وهو رفض تم إجبار نتنياهو عليه بعد إعلان بن غفير وزير الأمن القومى الإسرائيلى وسموتريتش وزير المالية عن الإنسحاب من حكومة نتنياهو وتركه يتحمل المسؤلية وحده فى حالة عدم العودة للحرب على غزة وهو مانقله نتنياهو إلى بلينكن وزير الخارجية الأمريكية الذى زار إسرائيل قبل إنهيار الهدنة بساعات وأبدى موافقة الولايات المتحدة الأمريكية على عودة إسرائيل للحرب مرة أخرى نظرا للقناعة الأمريكية المطلقة بفشل كل الأهداف التى أعلنت إسرائيل ضرورة تحقيقها فى الحرب.
واستقر الرأى الأمريكى على منح نتنياهو الفرصة الأخيرة لتحقيق إنجاز واحد على الأرض سواء إطلاق سراح رهينة واحدة أو تحقيق إنتصار ملموس على الفصائل بتفجير مراكز قيادة اوتفكيك حقيقى لبنية حماس العسكرية.
وهو أمر أرى استحالة تحقيقه في المرحلة القادمة بالقياس على المرحلة السابقة التى استمرت لمدة خمسون يوما دون تحقيق هدف واحد.
على الأرض وقبل دقائق من إنتهاء الهدنة دوت صفارات الإنذار فى إسرائيل بناء على أوامر القادة العسكريين الإسرائيليين للإعلان عن إنتهاك الفصائل الفلسطينية للهدنة وهو مالم يحدث ولكن هذا ما رغبت به إسرائيل للإعلان كذبا أنها تواجه إنتهاك الهدنة وتعود للقتال من جديد.
الفشل الإسرائيلى زاد خلال الهدنة بسبب المشهد الذى سطره الأسرى الإسرائيليين من خلال حميمية لحظات الوداع مع مقاتلين حماس وكذلك الحالة الصحية الجيدة التى ظهر عليها الأسرى وحفاظ المقاومة الفلسطينية حتى على الحيوانات الاليفة المرافقة للأسرى.
وعقب إستئناف قصف غزة أثبتت الفصائل الفلسطينية كامل جاهزيتها واشتبكت مع القوات الإسرائيلية على ستة محاور فى قطاع غزة بحرفية عالية جدا واوقعت تسعة جرحى وفقا لبيان المتحدث العسكرى الإسرائيلى فضلا عن معاودة قصف مستوطنات غلاف غزة وتل أبيب وعسقلان.
وبالتوازى اشتعلت الجبهة الشمالية بمعاودة حزب الله اللبناني قصف شمال فلسطين المحتلة بضربات مركزة دفعت إسرائيل إلى رفع درجات التأهب إلى المرحلة القصوى وقصف الجنوب اللبنانى.
حصاد مواجهات اليوم الأول بعد الهدنة يماثل الأيام الخمسون السابقة على الهدنة ويثبت بجلاء فشل إسرائيل القادم فى تحقيق هدف واحد من أهدافها.
ولعل التطور الجديد القادم هو الإعلان عن دفع أهالى غزة إلى الجنوب تمهيدا لإجبارهم على التوجه إلى الحدود المصرية وهو فرض استبعده تماما وأؤكد عدم حدوثه مستقبلا.
حتى بعد قيام إسرائيل بتقسيم قطاع غزة الى بلوكات وتحريك سكان غزة منها تباعا بعد تحديد البلوكات الآمنة مقابل تلك التى سيتم استهدافها.
المشهد الذى عجز الجميع عن تفسيره هو المصافحة الحميمية فى مؤتمر المناخ والتى قام بها رئيس الإمارات العربية المتحدة وأمير قطر مع الرئيس الإسرائيلى فى نفس اللحظة التى تصب فيها الطائرات الإسرائيلية جحيمها على أهالى غزة.
وفى مشهد مقابل لهذه المصافحات قام الوفد الإيراني بالانسحاب من مؤتمر المناخ الذى تستضيفه دبى احتجاجا علي وجود الوفد الإسرائيلى فى المؤتمر.
الأيام القادمة فى رأيى ستشهد تصاعدا على الجبهات العراقية واليمنية ولكنى لاارجح تحول الأمر إلى حرب إقليمية لحفاظ الجميع على جميع حافات الهاوية دون الانزلاق إليها.
إسرائيل دخلت اليوم الأول بعد كسر الهدنة بقصف عنيف اوقع ضحايا تجاوز عددهم مائة وسبعون شهيدا بهدف تحقيق ضغط على الفصائل الفلسطينية لقبول ماتمليه إسرائيل على مفاوضات تبادل الأسرى القادمة من جهة وتصعيد ضغط اهل غزة على حماس من جهة أخرى للقبول بهدنة يتوقف فيها القصف الإسرائيلى حتى ولو كان ذلك بتنازلات وهو مااستبعد حدوثه بل وأؤكد فشله الذريع.
الأيام القادمة ستحمل أحداث كبيرة تشكل المشهد الختامى لعملية طوفان الأقصى الذى أتوقع أن يخرج هذا المشهد وفق ما تريده الفصائل الفلسطينية رغم كل الدعم الأمريكى لإسرائيل ورغم وحشية الجرائم الإسرائيلية.