شريف عبد القادر يكتب: أنوفنا لم تعد تشم

بيان

من العجائب أننا منذ عقود نستورد منتجات برغم وجود مثيل لها صناعة مصرية، ونسمح باستثمارات أجنبية تنتج منتجات منافسة للصناعة المصرية، بالإضافة لاستيراد منتجات استفزازية مثل مأكولات للكلاب والقطط والخيول ومستحضرات تجميل، إلخ بملايين الدولارات، وكل ذلك يضعف قيمة الجنيه أمام العملة الأجنبية المسماة “صعبة”.

إن ما نشاهده بالطرقات والمحال من ملابس وأحذية وغيره، غالباً ما يكون مستوردًا، وليس من إنتاج مصانع مصرية، ويتم استيرادها في صورة بالات أو بالوزن، وبذلك ننشّط المصانع المستوردة منها، لتنتعش، ونحن “نغنى ظلموه” اقتصاديًا.

نتمنى تشجيع المنتجات المصرية، وإلزام القائمين عليها بتصنيعها وفقًا للمواصفات الفنية، وعدم الانتهازية ورفع السعر بدون مبرر، والالتزام بسداد حق الدولة من الضرائب.

وأن نتخلى عن عادة مقيتة وقديمة، حيث يتم الالتزام بالمواصفات عند التصدير، وقد كان في الماضي القريب، نقرأ إعلانات، مثلًا، عن بيع ملابس كانت مخصصة للتصدير، لتأكيد أنها أفضل من المنتج المخصص للسوق المحلي.

وهذه العادة المقيتة قديمة، وأتذكر أنه في صيف عام 1974، سافرت إلى بيروت لمدة أسبوعين، وفوجئت بأرز كان يعكس الضوء من نظافته، وتوجد لافتة صغيرة موضح بها أنه أرز مصري، فاندهشت لعدم رؤيتي مثل هذا الأرز في مصر، وتذكرت أن الكثير من ربات البيوت، أقارب وجيران، كن يستعينّ بنظارة عند تنقية الأرز، ورغم ذلك، كانت الأسنان أحيانًا تصطدم بحصوة صغيرة، حيث كان يختلط بالأرز الكثير من الشوائب.

كما تلاحظ خلال الثلاثة عقود الماضية، تصدير الفاكهة والخضروات التي لم يستخدم في زراعتها أسمدة أو كيماويات، حيث تتشدد الدول المستوردة في ذلك.

ومحليًا لا يوجد تشدد ويسمح بذلك، حسب وصية يوسف والى، وزير الزراعة الأسبق، الذي تسبب في ارتفاع المصابين بالسرطان وغيره من الأمراض.

كما أنني عايشت أيام كان كل أنواع الخضار والفاكهة لها رائحة زكية ومميزة، وحتى الخضار أثناء طبخه كانت رائحته مميزة. واللحوم البلدية كانت رائحتها مميزة، إذا كانت ضأني أو عجالي أو جاموسي أو جملي.

ومنذ أن حلت بركات يوسف والى، أصبحت الروائح سالفة الذكر في خبر كان، وكأن الأنف أصبحت خشبية وتفتقد حاسة الشم.

نتمنى الاهتمام بالمنتجات الصناعية والزراعية من أجل الاستهلاك المحلي، مثلما تهتم الكثير من الدول بمنتجها المحلي أكثر من المخصص للتصدير، وغالبًا ما يكون التصدير بعد اكتفاء السوق المحلي. حيث لا يصدّرون، مثلاً، البصل ليشح بالسوق المحلي ويرتفع سعره.

اقرأ أيضا للكاتب:

زر الذهاب إلى الأعلى