دكتور هاني الجمل يكتب: الأولى منذ 11 عاماً.. أردوغان بالقاهرة
بيان
في توقيت بالغ الأهمية تأتي زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لمصر، ومباحثاته مع الرئيس عبد الفتاح السيسي، نظراً لما تمر به المنطقة من أحداث خطيرة، وما تشهده العلاقات الثنائية من تطورات ايجابية.
فبعد قطيعة استمرت أكثر من عشر سنوات، تشهد العلاقات الثنائية بين مصر وتركيا، تطوراً مهما وخطوات متسارعة، نظراً لاقتناع الجانبين بأهمية التقارب والتنسيق بينهما في مجالات متعددة، خاصة مع ما يدور في المنطقة من أحداث متسارعة كما يجري في قطاع غزة حالياً.
ومن الملاحظ أن العلاقات بين القاهرة وأنقرة، تسير في الاتجاه الإيجابي التصاعدي، وهذا أمر وصفه وزير الخارجية المصري الأسبق محمد العرابي، بأنه مهم للغاية في حد ذاته، وسيكون له الكثير من الانعكاسات الاستراتيجية، بالنظر لحاجة الإقليم إلى أكبر قدر من التعاون أكثر من المواجهة.
ولا يمكن لعين المراقب لملف العلاقات المصرية التركية، أن يغض الطرف عن تجاوز الجانبين لكثير من النقاط الخلافية التي كانت تمثل عائقًا أمام تطبيع العلاقات بين البلدين، وعلى رأسها الأزمة الليبية والموقف من جماعة الإخوان الإرهابية. فالتحديات التي تواجه منطقة الشرق الأوسط، تجعل الدول ذات الرسوخ في المنطقة، تتجاوز بعض المشاكل وتنظر إلى البعد الاستراتيجي للمنطقة بشكل عام، حتى لو كانت هناك بعض التباينات في وجهات النظر إزاء بعض المسائل. فالهدف الرئيسي والاستراتيجي بين القاهرة وأنقرة، هو التعاون من أجل الوصول لتخفيض لحدة التوتر بالإقليم الذي نعيش فيه، وبالتالي فمصر وتركيا لديهما من الإصرار على تجاوز بعض الخلافات- إن كانت لا تهدد الأمن القومي لأي منهما -وهذا هو المنهج الذي ستسير عليه الدولتان خلال المرحلة المقبلة.
وإذا كان الوضع الخطير في غزة، والعربدة الاسرائيلية في القطاع، سيكون على رأس جدول أعمال الرئيسين السيسي وأردوغان، فإن التقاء وجهات نظرهما حول تلك القضية، سيعطي قوة دفع لحلها، وتسهيل عبور المساعدات الإنسانية والمضي قدمًا في جهود وقف القتال.
وعلى المستوى الثنائي، شهدت العلاقات بين مصر وتركيا تطورات إيجابية منذ عودة تلك العلاقات بينهما في يوليه 2023، فحسب بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر، ارتفعت قيمة التبادل التجاري بين البلدين لتصل إلى 7.7 مليار دولار خلال عام 2022، مقابل 6.7 مليار دولار خلال عام 2021، وهناك طموح مصري تركي للوصول بحجم التبادل التجاري لنحو 20 مليار دولار في الفترة المقبلة.
وتترجم صفقة الطائرات المسيّرة ما وصلت إليه العلاقات الثنائية من تطور، حيث كشف وزير الخارجية التركي عن موافقة بلاده على تزويد مصر بطائراتها المسيّرة التي تحظى بشعبية متزايدة، وقال ” إن “تطبيع علاقاتنا مهم بالنسبة لمصر لكي تكون لديها تقنيات معينة، ولدينا اتفاق لتزويد مصر بطائرات مسيرة وتقنيات أخرى”. وتعد طائرة بيرقدار TB2 التركية من أفضل الطائرات من دون طيار في العالم من حيث الاستخدامات المتعددة، حيث إنها تأتي بطول 6.5 متر وعرض 12 مترا، وقدرة على التحليق بحمولة تصل إلى 650 كيلوغراما كحد أقصى، ومدى يصل إلى 150 كيلومترا، وبسرعة تصل إلى 70 عقدة (130 كيلومترا في الساعة) وقدرة على الطيران لمدة تصل لأكثر من 24 ساعة من دون توقف.
خلاصة القول.. زيارة أردوغان لمصر مهمة في توقيتها، وأكثر أهمية في مضمونها، نظراً لثقل البلدين ودورهما المؤثر إقليمياً ودولياً، وما تمر به المنطقة من أحداث جسام، تستدعي التشاور والتنسيق بين الأطراف الرئيسية الفاعلة فيها.