تاريخ أغفله التاريخ: انحرافات الملك فاروق في وثائق الخارجية الفرنسية
سردية يكتبها: أحمد أبوبيبرس
في المقال الثالث عن الملك السابق، لا زلنا نتتبع فساد وجرائم الملك السابق، ملك الفساد والكوليرا والنساء، محبوب الجهلة ومغيبى العقول في مصر، أثر حملة تلميع مشبوهة لعهده وسيرته دائرة منذ سنوات داخل مصر، افتئاتا على الواقع والحقيقة وتزوير صريح للتاريخ.
في المقال الأول والثاني، أفضى سكرتير فاروق في المنفى، أمين فهيم، للصحفي عادل حمودة بفضائح فاروق وعائلته في المنفى، بحكم أن الأول كان لصيق الملك بعد طرده من مصر بعد قيام ثورة 23 يوليو 1952 المجيدة ومرافقه الأوحد.
وفي هذا المقال، نشرت جريدة الأهرام بعضًا من فضائح فاروق وعائلته نقلا عن تقارير وزارة الخارجية الفرنسية في السنوات الأخيرة من حكم فاروق.
جريدة الأهرام 27 يوليو 2005
كتب د. أحمد يوسف من باريس
على ضفاف نهر السين تقبع مكتبة وزارة الخارجية الفرنسية التي تحوي وثائق دبلوماسية الملوك وأباطرة ورؤساء فرنسا وأضابير قناصلهم وسفرائهم عبر القرون الخمسة الماضية.
وتحتوي المكتبة عبقًا خاصًا تصنعه رهبة التاريخ وجهامة العاملين وتمسكهم الشديد بالتقاليد.
ويحظى العالم الإسلامي والشرق الأوسط بوجه خاص باهتمام السياسة الخارجية الفرنسية على نحو يكتشفه الباحث من الكثرة الهائلة لارشيفات الخارجية الفرنسية الخاصة بهما ومن العناية الخاصة التي يوليها المسؤولون لهذه الارشيفات.
وقد عدتُ مجددًا إلى هذه الارشيفات لمواصلة البحث فيها عن موقف فرنسا من الملك والملكية في مصر قبل ثورة 52 لأن الفرنسيين بحكم التاريخ لهم تجربة مشهودة مع الملكية انطبعت على أفكارهم وتحليلاتهم ورؤيتهم للأشياء.
فرؤية دبلوماسي فرنسي لتصرف ملكي تختلف في التحليل وربما في الوصف عن رؤية دبلوماسي يعمل في خدمة صاحبة الجلالة ملكة بريطانيا.
وقد لفت نظرى في أضابير رسائل وتقارير دبلوماسيي فرنسا بالقاهرة قبل الثورة المصرية أنها تركز على التصرفات الشخصية للملك فاروق ربما أكثر من الظروف السياسية والاجتماعية التي حكمت المجتمع المصري وإن لم تتجاهلها تمامًا.
ونظرًا لكثرة هذه الوثائق ولضيق الوقت والمكان فسيكون من الأفضل التركيز على تقارير الخارجية الفرنسية في السنوات الخمس التي سبقت الثورة حتى لحظة وقوعها صباح 23 يوليو، حيث تكتشف بعض المفاجآت.
عام ١٩٤٧: الأميرة شويكار والـحفلات الخاصة
في ١٤ فبراير عام ١٩٤٧تلقى جورج بيرو، وزير خارجية فرنسا، رسالة أو قل تقريرًا غريبًا من سفيره في القاهرة، مسير جيلبير ارفانجا، ولم يكن قد مر على تعيينه عدة شهور.
فقد تم إرسال التقرير بمناسبة يوم 11 فبراير، وهو عيد ميلاد الملك، ويقول السفير إن مصر كلها قامت للاحتفال بعيد ميلاده والتنويه بأمجاده وإنجازاته، ولكن الاحتفال الذي تقيمه له كل عام بهذه المناسبة الأميرة شويكار أصبح حديث المجتمع والوسط الدبلوماسي.
ويصف السفير ما يحدث في تلك السهرات الخاصة، ثم ينتقل بسرعة إلى انعكاس ذلك على صورة العائلة المالكة، ويقول إن صورتها اهتزت كثيرًا خلال الأعوام الماضية، وأن الملك فقد من بريقه بسبب مظاهر البذخ الشديد الذي يؤذي مشاعر ملايين الفقراء في مصر.
والسبب في الدعاية الهائلة التي يستخدمها الشيوعيون في مصر لتأليب الرأي العام ضد الملك اعتمادًا على بذخه وسفهه.
غير أن أخطر ما في هذا التقرير هو آخر فقرة فيه، ويقول فيه جيلبير ارفانجا أنه تحسبًا لحادث ملكي، فقد تم تحويل مبالغ هائلة بشكل سري من حسابات الأسرة إلى الخارج، وعلمنا من مصدر موثوق أن 8 ملايين جنيه تم تحويلها إلى البرازيل، ويضيف السفير أن هذا ليس إلا جزءًا يسيرًا من ثروة الأسرة الطائلة.
كيف حسبت فرنسا ثروة فاروق؟
يقول مسيو جيلبير ارفانجا، سفير فرنسا بالقاهرة، إن خروج رؤوس أموال الأسرة المالكة لم يسبب لملك مصر أي ضائقة، فيمكن تقدير ثروة الملك بحساب دخله السنوي الذي يبلغ حوالي 800 ألف جنيه مصري في الوقت الذي كان يعيش هو وحاشيته بالكامل على نفقة الدولة.
وفي النهاية، يشير ارفانجا إلى محاولات الاغتيال التي تعرض لها الملك ويقول حرفيًا في سطوره الأخيرة:
“ما زال للملك بعض الشعبية، ولكن إذا استمر في ارتكاب الأخطاء فإنه سيستفز شعبًا ضاقت به سبل الحياة وأصبح عصبياً قابلاً للقيام بحركة قد تطيح بالنظام بأكمله…”
بندقية الصيد التي تعكر العلاقات المصرية الفرنسية
بعدها بأسبوعين، وبالتحديد في ٢٦ فبراير ١٩٤٧، كتب السفير إلى وزير خارجيته يطلب فيه وبإلحاح طلبًا شديد الغرابة.
يشير أرفانجا إلى أن الملك فاروق، وهو من عشاق هواية الصيد، قد أبدى رغبته في اقتناء بندقية صيد فرنسية مصنوعة في مدينة سانت ايتيان، الشهيرة عالميًا وقتئذ بهذه الصناعة.
وأن الملك يبدي امتعاضًا علنيًا بسبب عدم حصوله على هذه البندقية التي تم بالفعل عمل الطلب الخاص بها لدى المصنع.
ويقول السفير إن موقفه أصبح حرجًا، إذ فاتح بعض أعضاء حاشية الملك بعض دبلوماسيينا بذلك وأفهمونا أنه إذا حصل الملك على البندقية فسيشكل ذلك انفراجًا في العلاقات بين الملك وفرنسا.
ويلح السفير في طلب البندقية التي تتلكأ فرنسا في إهدائها للملك، في الوقت الذي يقول السفير إن دولًا أخرى تقدم هدايا طائلة للملك لنيل رضاه، حتى دولة تشيكوسلوفاكيا لا تترك مناسبة دون تقديم هدية.
ويبدو أن السفير لم يحصل على البندقية، ومع هذا استقبله الملك بحرارة بصحبة (فرانسوا شارل رو)، آخر رئيس للشركة العالمية لقناة السويس، ومزح معهما، غير أنه كان مهمومًا بشكل خاص بسبب توقعه بنشوب حرب في فلسطين وبسبب خوفه على حياته.
عام ١٩٤٨: «ثورة على الأبواب في مصر
الغريب أن مسيو أرفانجا عرف بوقوع الحرب من الملك نفسه أثناء حديث معه، وعرف أن مخاوف الملك ليست فقط على مصر بل على عرشه وعلى حياته نفسها.
إذ إن الملك كشف للسفير الفرنسي أنه قد تم إحباط ٦ محاولات لاغتياله، وأن الملك يدهشه دائمًا بقدرته الفذة على أداء صلاة الجمعة بانتظام وبقدرته على السهر في كازينوهات القاهرة في نفس الليلة محاطًا بالنساء وبحاشية من الأفاقين.
ويشير أرفانجا في تقريره إلى واقعة دراماتيكية يتناولها الرأي العام بمرارة في مصر وهي إطلاق الحرس الملكي النار على أحد الضباط وقتله عندما هم بالصعود لمنزله وذلك لأن الملك كان في فراش زوجته.
ويختتم السفير تقريره بقوله حرفيًا:
“كثيرون هنا يعتقدون أن أيام الملك أصبحت معدودة، ومع هذا من حقنا أن نتساءل: هل يمكن أن يقوم هذا الشعب الغارق في النوم بحرب على كل الأحوال؟ إن احتمالات قيام ثورة غير مستبعدة، وربما يكون هذا هو مبعث القلق الوحيد التي تسببها اشتعال الحرب لدى الملك.”
سلاح الجو المصري وأول تعاون مع فرنسا
في نفس شهر فبراير، تقرير صادر من وزارة الحربية الفرنسية يكشف أن بعثة عسكرية سرية مصرية جاءت إلى فرنسا لشراء طائرتين للاستعمال الشخصي للملك فاروق ولحث الفرنسيين مرة أخرى على تقديم مجموعة من الأسلحة الخفيفة المتقدمة كهدية شخصية للملك بدلاً من بندقية الصيد التي لم يتسلمها.
ويقول كاتب التقرير، الذي وقع عن قائد أركان الجيش الفرنسي، إن هذه الهدية ستعزز الروابط بين مصر وفرنسا وبين سلاحي الجو في البلدين على وجه الخصوص.
ويكشف تقرير آخر صادر من قيادة سلاح الجو الفرنسي أن مصر حددت نوع الطائرات المطلوبة، فيما يبدو أن الأمر تحول من طائرتين للملك إلى ٤ طائرات لسلاح الجو المصري وقطع غيار وموتورات طائرات وغيرها.
ويقول التقرير أن قائد طائرة الملك، الطيار حسن عاكف، حضر إلى فرنسا وطلب أن توافق فرنسا على إرسال طيارين مصريين للتدريب على هذه الطائرات وحث الحكومة الفرنسية على تعزيز التعاون لدعم سلاح الجو المصري.
ويقول كاتب التقرير إنه وعد بإعطاء رد وتلبية هذه الرغبات، وفي نفس الوقت أرسل الملك رسالة عاجلة من سفير مصر بفرنسا حث وزارة الخارجية الفرنسية لتلبية طلبات مصر من الطائرات وقطع الغيار.
عام ١٩٤٩: إشاعة هروب الملك وحفلة (إديث بياف)
في تقرير مثير لقنصل فرنسا بالإسكندرية بتاريخ ٢٨ فبراير ١٩٤٩، ويدعى مسيو (جان فيول)، يؤكد أن معلومات قد وصلته تؤكد أن الملك قد اتخذ منذ عدة إجراءات لتسهيل خروجه من مصر إذا ما وقعت ثورة، منها شراؤه فيلا في العجمي جمع بها ثروته ليتسنى له الإبحار منها للخارج، ومنها الإكثار من البقاء والإقامة في قصري المنتزه ورأس التين ليتسنى له أيضًا الإبحار في عجالة للخارج، وإجراءات أخرى.
ويقول جان فيول أن هناك إشاعة قوية في الإسكندرية وفي أوساط الدبلوماسيين والصحفيين الأجانب أن الملك هرب بالفعل تحسبًا لوقوع انقلاب عسكري، غير أن الملك فاجأ الجميع وعاد بالسفينة المحروسة ليلاً إلى الإسكندرية لحضور حفل المغنية الفرنسية الشهيرة (إديث بياف) فهل عدل الملك عن قرار الرحيل من أجل حضور حفل المغنية الأسطورية؟
تأشيرة لصاحب الجلالة
في آخر تقرير بعث به أرفانجا إلى بلاده، يبدو أنه أراد أن يخرج من ملل السياسة وحديث إشاعات الصالونات وتقارير الجواسيس والبصاصين، ويرسل وصفًا مثيرًا لجواز سفر الملك فاروق ونوعيته والفخامة اللافتة التي صنع بها واللغة الفرنسية الراقية التي دبج بها، وذلك من أجل الحصول على تأشيرة دخول لفرنسا مع أعضاء حاشيته في زيارة في شهر أغسطس من عام ١٩٤٩.
ويعطي السفير وصفًا مفصلاً لأعضاء الحاشية، ومنهم شخصيات دارت حولها شائعات عن علاقاتها الخاصة بالملك، ومنهم ناهد رشاد وزوجها الدكتور يوسف رشاد، ومنهم كريم ثابت المستشار الصحفي وزوجته، واسماعيل شيرين الذي سيتولى وزارة الحربية وزوجته الأميرة فوزية أخت الملك، ومنهم خصوصًا أنطوان بولى، وتحت منصبه وضع السفير عبارة “مدير الشئون الخاصة بالملك”.
١٩٥٠: سفير أسطوري لفرنسا لدى صاحب الجلالة ملك مصر
ليس من المعروف على وجه الدقة لماذا أرسلت فرنسا في هذا العام أحد أفضل وأقرب المقربين إلى الزعيم شارل ديجول وهو (موريس كوف دى مورفيل) سفيراً لها في بلاط فاروق الأول ملك مصر.
وقد حام حول الجنرال ديجول أثناء الحرب شخصيتان تنتميان لأسر فرنسية متوغلة في العراقة، وهي أسرة (دى مورفيل) وأسرة (شومان)، فإذا بديجول يعيد روبير شومان – مؤسس الوحدة الأوروبية – وزيرًا للخارجية ويعيد (موريس كوف دى مورفيل) سفيرًا في القاهرة.
ولعل أبرز ما يثير في تقارير مورفيل الأولى هو اهتمامها بفضائح أم الملك في الولايات المتحدة وزواج الأميرة فتحية من الدبلوماسي القبطي المصري رياض غالي وغضب الملك العارم وانعقاد مجلس التاج لاتخاذ إجراءات عقابية في حق الأم وابنتها وانهيار ما بقي من صورة الملك والأسرة في نظر الشعب المصري.
واستمر كوفى دي مورفيل، الذي سيستمر سفيرًا حتى قيام الثورة قبل أن يعود ليصبح وزيرًا شهيرًا للخارجية ثم رئيسًا للوزراء ثم مؤرخًا لا يضارع لعصر الجنرال ديجول، وكانت تقاريره قد أتت في نفس الفترة التي كان فيها الملك فاروق يقضي أجازته مع حاشيته في فرنسا، وكنا قد ذكرنا أن سلف دى مورفيل قد منح الملك وحاشيته تأشيرات الدخول لفرنسا.
تقرير خطير للمخابرات الفرنسية حول تصرفات الملك
ورقتان منفصلتان داخل ملف مصر بالخارجية الفرنسية لا تحملان أي توقيع، فقط التاريخ واسم الإدارة العامة للمخابرات، قسم شمال إفريقيا، وهو ما يعرف في عالم المخابرات باسم “المذكرة البيضاء”.
التقرير بتاريخ ٩ أكتوبر ١٩٥٠، ويقول إن شخصيات مصرية رفيعة في زيارة لفرنسا أعربت لأحد مرشدي المخابرات الفرنسية عن استيائها الشديد من تصرفات الملك المشينة في فرنسا.
ويقول التقرير إن الملك قد ظهر علنًا مع نساء في سمعة سيئة ومع شخصيات تحوم حولها الشكوك، وأنه روى في مجالس عامة مغامراته العاطفية.
ويكشف التقرير أن سفراء دول إسلامية كباكستان أعربوا عن استياء شديد، وأكدوا أن رغبة ملك مصر في أن يكون خليفة للمسلمين قد أصبحت في مهب الريح.
ويضيف التقرير أن هذه التصرفات التي لا تليق بعاهل لدولة مسلمة قد زاد الطين بلة بالإنفاق ببذخ وولع مرضى بلعب القمار وأشياء أخرى رخيصة أخلاقياً وشخصياً.
ويورد التقرير في نهايته غضب رجال السفارة المصرية من الصحف الفرنسية وتهديد المستشار الإعلامي المصري (ويدى لطفى) لفرنسا بأنها ستدفع ثمن ذلك غالياً.
غضب فاروق وتهديده لفرنسا
يكشف كوفى دي مورفيل في تقرير بتاريخ ۲۷ نوفمبر ١٩٥٠ أنه التقى الملك في القاهرة، وإن الملك كان ودياً معه، ولكنه كان حادًا عند حديثه عن الصحف الفرنسية التي – حسب رأيه – أساءت لسمعته بتعقبها له، وأنه طالب من رجال السفارة المصرية في باريس بالاحتجاج بشدة على ذلك.
ويقول السفير إن الملك أعرب عن إعجابه الشديد بالماريشال بيتان، وأنه كان يود زيارته، ولكنه تراجع لعدم فهم معنى الزيارة.
ويضيف السفير أن الملك قال إن المارشال لو مات بالسجن فستنتهى علاقة مصر بفرنسا.
ويضيف أن الملك كان يتحدث كطفل غاضب، وأنه ذهب بعيدًا في استفزاز السفير عندما قال له إنه معجب شديد الإعجاب بالجنرال فرانسيسكو في أسبانيا الذي تحالف مع ألمانيا وحكم فرنسا تحت الاحتلال النازي.
أما عن الوضع داخل مصر، يقول السفير أن الملك كشف له أنه أحبط محاولة انقلاب داخل القصر كان سيقوم بها عند عودته من فرنسا بعض رجال القصر وعدد من الأسرة المالكة نفسها وموظفو ديوانه، وهو أخطر ما اعترف به فاروق للسفير الفرنسي.
ويبدو أن المؤامرة كانت كبيرة إلى الحد الذي استغرق من فاروق عشرة أيام من أجل إعادة الوضع على ما كان عليه قبل سفره لفرنسا.
وفي النهاية، يقول السفير فاروق إن أي خطر على عرشه أصبح مستبعدًا الآن.
١٩٥٢ الضباط الأحرار في أول تقرير فرنسي
يقفز بنا كوف دي مورفيل إلى يناير ١٩٥٢ بتقرير خطير حول انهيار سلطة الملك وضياع سمعته، ثم الصراع بينه وبين مجموعة من الضباط تطلق على نفسها اسم “الضباط الأحرار” ونجاح هؤلاء في فرض اسم محمد نجيب رئيسًا لناديهم، وهي واقعة لم يستوعبها الملك، إذ أن محمد نجيب نفسه هو الذي سيجبر الملك على التنازل عن العرش ثم مغادرة مصر نهائيًا بعد قيام حركة ٢٣ يوليو.
ولعل أخطر ما في هذا التقرير هو كشفه أن ولاء كبار ضباط الجيش للملك لم يهتز، وإنما ولاء صغار الضباط هو الذي انهار تمامًا.
ومع هذا، يقول التقرير أن ولادة ولي عهد للملك ربما تعيد له بعض الشعبية، غير أنه من المؤكد أن الملك قد انتهى سياسيًا.
وبعدها بستة أيام، يبعث السفير ببرقية عاجلة يعلن فيها ميلاد الأمير أحمد فؤاد.
وهنا مفاجأة كبيرة، أن البرقية التالية للسفير مؤرخة بتاريخ ٢٧ يوليو، أي بعد قيام الثورة بثلاثة أيام، وهي عبارة عن ترجمة الخطاب الذي تنازل فيه فاروق عن العرش.
فهل يعني هذا أن السفير انتظر بعض الوقت لحين إمساك فاروق مرة أخرى بدقة الأمور في البلاد، أو لحين قيام حركة جيش مضادة أو ما شاكل ذلك، وهو ما لم يحدث؟
وجاء خطاب التنازل لينهي كل تلك السيناريوهات.